كيف يعرف القيّمون على "الوجوه السعيدة" أنّ مبادرتهم هذه ترسم على وجوههم بسمة أكبر من تلك التي يرسمونها على وجوه الأطفال؟ "في طريقنا إلى الحيّ أو المنطقة المقصودة، نبدأ بالتهريج والضحك وإطلاق الزمامير والغناء والرقص حتى قبل أن نلتقي الأطفال"، تجيب ريمال العبيد. أثناء المعارك في طرابلس (شمال لبنان) بين جبل محسن وباب التبّانة، كان لا بدّ أن يبادر أحد ما إلى كسر دورة العنف بشكل من الأشكال. لم تكن الفكرة واضحة أبداً، فاقتُرح أن نرتدي ثياباً غريبة ونلتقي عند دوّار ساحة النور في طرابلس. "البعض منّا لم يصحُ باكراً فلم يحضر، البعض الآخر خاف من خرقنا هذه المناطق في عز المعارك"، يتذكّر نذير الحلواني. يضيف: "بالبالونات، والدربكّة، وثياب النوم الملوّنة وربطات العنق الغريبة، التقينا في الساحة من دون أن نعرف إن كنا سنعود سالمين".
"الفكرة أَولى وأبقى من الأشخاص"، تصرّ المجموعة. "الرحلة تستمرّ بمن حضر"، تقول مايا عبس. ففكرة التهريج للأطفال في المناطق المهمّشة ليست ملكاً لأحد ولا للمجموعة، بل هي كالشعلة يمررها الواحد منهم للآخر. حتى أنّ صاحب المبادرة لم يعد مشاركاً فيها بحكم هجرته إلى خارج البلاد. "شعرنا يومها أن الأعياد كانت تافهة قبل أن نستفيد منها لإسعاد الآخرين"، يقول رشاد بشناتي. "أردنا أن نكتشف المناطق الأخرى المتروكة للإهمال في مدينتنا، لكننا لم نكن نملك حجّة لدخولها"، يشرح الشاب الطرابلسي. "لذلك، قرّرنا أن نقول إننا نوزع اللمبات على البيوت حتى نكتشفها عن كثب"، تحكي المجموعة فرحة بفكرتها الذكية هذه.
منذ ذلك الوقت، لم تتوقف "الوجوه السعيدة" عن اكتشاف هذه الأحياء والتوجّه إليها بالفرح والألوان والأغاني، وفي مناسبات عدة منها العيد الصغير، العيد الكبير، عيد الميلاد وحتّى عيد الحبّ. مبادرات عدّة ولدت من قبل المجموعة، التي لم يكن لها اسم من قبل لإصرار أفرادها على إبقائها عفويّة وغير منظّمة. ثمّ "أطلقنا الاسم هذا على المجموعة لكي نستطع أن نوجد لها حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي. لسنا جمعيّة ولا نقبل أي تمويل. ونحن الأربعة لا نمثّل المجموعة كاملة"، يوضح نذير. "الوجوه السعيدة" تضمّ شابّات وشبّانا من طرابلس وغيرها من المناطق اللبنانية، وفيها تنوّع في الجنسيات والطوائف والتخصصات. "غالباً ما ينضمّ إلينا أصدقاء من أوروبا أو غيرها. لا يفهمون لغة الأطفال لكنهم يرقصون ويغنّون، وهذا غالباً أكثر من كاف"، تقول ريمال.
اقــرأ أيضاً
لا تحسّن المبادرة حياة هؤلاء الأطفال في شيء، فهي لا تنقلهم إلى أحياء أفضل من تلك التي يعيشون فيها، ولا تؤمّن لهم تعليماً جيّداً ولا حياة أكثر رفاهية. وهذا أمر تقرّه عناصر المجموعة. لكنهم يفكّرون في أنفسهم: "أقلّه، في هذه الليلة وعكس باقي الليالي، سوف ينام هؤلاء الأطفال سعداء". تقول مايا إنّ الأطفال الذين يذهبون للقائهم يفاجأون كثيراً بالفرح، كأنهم لا يعرفونه. تضيف: "حتّى الكبار الذين عاشوا طفولة تشبه تلك التي يعيشها صغارهم الآن، يفرحون جداً بقدومنا". يتفق الأصدقاء الأربعة على أن هذه المناطق ينقصها الكثير، لكن ينقصها الفرح قبل كل شيء.
في كلّ مشوار، تحضر المجموعة معها هدايا للأطفال، عبارة عن سكاكر وبالونات في أغلب الأوقات. في إحدى المرّات، أحضرت "الوجوه السعيدة" شرائط ملوّنة للزينة. وعندما انتهت من تزيين الحيّ الفقير، تركت وراءها بعض الشرائط فسارع الأطفال لأخذها وربطها بشكل عشوائي. "سمعنا ولدا يقول لآخر: شوف شو حلوين الألوان"، يحكي رشاد. "بعيداً عن البنيّ والأسود والرماديّ، ألوان التنك الذي يسقف العديد من البيوت، كانت الألوان وحدها كفيلة بإسعاد الأطفال"، تتابع مايا.
"العيد ليس إلّا مناسبة نغتنمها لنبرّر دخولنا إلى المناطق بهذا الشكل"، تقول ريمال قبل أن تضيف: "تخيّلي أولاداً واقفين وسط الغبار والأوساخ، وأمّا تصيح بهم وتوبّخهم، وفجأة تظهر مجموعة من الشبان والشابات حاملة الآلات الموسيقية وترتدي ثياباً غريبة وملونة، وتقفز وترقص وتغني وتزغرد في هذا الحيّ نفسه". لا يمرّ عيد واحد لا تزور فيه الوجوه السعيدة حيّاً معيّناً. "أجمل المرّات كانت عندما دفعنا المال لعربة بوظة حتى ترافقنا، وتوزّعها مجّاناً على الأطفال"، يقول رشاد. تضيف صديقته: "البوظة وحدها كفيلة بإسعاد أيّ كان".
أصبحت رحلة الوجوه السعيدة إلى الأحياء الفقيرة مثل كعكة العيد. يقول نذير الحلواني: "أظنّ أنّنا بدأنا نمشي في الاتجاه الصحيح، نبحث عن الفرحة ونبرزها أكثر في المدينة". "الوجوه السعيدة" بعناصرها السابقين والحاليّين واللاحقين وجدوا سعادتهم في سعادة أطفال أحياء طرابلس الفقيرة، حيث لا يفكّر المرء في البحث عن السعادة.
"الفكرة أَولى وأبقى من الأشخاص"، تصرّ المجموعة. "الرحلة تستمرّ بمن حضر"، تقول مايا عبس. ففكرة التهريج للأطفال في المناطق المهمّشة ليست ملكاً لأحد ولا للمجموعة، بل هي كالشعلة يمررها الواحد منهم للآخر. حتى أنّ صاحب المبادرة لم يعد مشاركاً فيها بحكم هجرته إلى خارج البلاد. "شعرنا يومها أن الأعياد كانت تافهة قبل أن نستفيد منها لإسعاد الآخرين"، يقول رشاد بشناتي. "أردنا أن نكتشف المناطق الأخرى المتروكة للإهمال في مدينتنا، لكننا لم نكن نملك حجّة لدخولها"، يشرح الشاب الطرابلسي. "لذلك، قرّرنا أن نقول إننا نوزع اللمبات على البيوت حتى نكتشفها عن كثب"، تحكي المجموعة فرحة بفكرتها الذكية هذه.
منذ ذلك الوقت، لم تتوقف "الوجوه السعيدة" عن اكتشاف هذه الأحياء والتوجّه إليها بالفرح والألوان والأغاني، وفي مناسبات عدة منها العيد الصغير، العيد الكبير، عيد الميلاد وحتّى عيد الحبّ. مبادرات عدّة ولدت من قبل المجموعة، التي لم يكن لها اسم من قبل لإصرار أفرادها على إبقائها عفويّة وغير منظّمة. ثمّ "أطلقنا الاسم هذا على المجموعة لكي نستطع أن نوجد لها حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي. لسنا جمعيّة ولا نقبل أي تمويل. ونحن الأربعة لا نمثّل المجموعة كاملة"، يوضح نذير. "الوجوه السعيدة" تضمّ شابّات وشبّانا من طرابلس وغيرها من المناطق اللبنانية، وفيها تنوّع في الجنسيات والطوائف والتخصصات. "غالباً ما ينضمّ إلينا أصدقاء من أوروبا أو غيرها. لا يفهمون لغة الأطفال لكنهم يرقصون ويغنّون، وهذا غالباً أكثر من كاف"، تقول ريمال.
لا تحسّن المبادرة حياة هؤلاء الأطفال في شيء، فهي لا تنقلهم إلى أحياء أفضل من تلك التي يعيشون فيها، ولا تؤمّن لهم تعليماً جيّداً ولا حياة أكثر رفاهية. وهذا أمر تقرّه عناصر المجموعة. لكنهم يفكّرون في أنفسهم: "أقلّه، في هذه الليلة وعكس باقي الليالي، سوف ينام هؤلاء الأطفال سعداء". تقول مايا إنّ الأطفال الذين يذهبون للقائهم يفاجأون كثيراً بالفرح، كأنهم لا يعرفونه. تضيف: "حتّى الكبار الذين عاشوا طفولة تشبه تلك التي يعيشها صغارهم الآن، يفرحون جداً بقدومنا". يتفق الأصدقاء الأربعة على أن هذه المناطق ينقصها الكثير، لكن ينقصها الفرح قبل كل شيء.
في كلّ مشوار، تحضر المجموعة معها هدايا للأطفال، عبارة عن سكاكر وبالونات في أغلب الأوقات. في إحدى المرّات، أحضرت "الوجوه السعيدة" شرائط ملوّنة للزينة. وعندما انتهت من تزيين الحيّ الفقير، تركت وراءها بعض الشرائط فسارع الأطفال لأخذها وربطها بشكل عشوائي. "سمعنا ولدا يقول لآخر: شوف شو حلوين الألوان"، يحكي رشاد. "بعيداً عن البنيّ والأسود والرماديّ، ألوان التنك الذي يسقف العديد من البيوت، كانت الألوان وحدها كفيلة بإسعاد الأطفال"، تتابع مايا.
"العيد ليس إلّا مناسبة نغتنمها لنبرّر دخولنا إلى المناطق بهذا الشكل"، تقول ريمال قبل أن تضيف: "تخيّلي أولاداً واقفين وسط الغبار والأوساخ، وأمّا تصيح بهم وتوبّخهم، وفجأة تظهر مجموعة من الشبان والشابات حاملة الآلات الموسيقية وترتدي ثياباً غريبة وملونة، وتقفز وترقص وتغني وتزغرد في هذا الحيّ نفسه". لا يمرّ عيد واحد لا تزور فيه الوجوه السعيدة حيّاً معيّناً. "أجمل المرّات كانت عندما دفعنا المال لعربة بوظة حتى ترافقنا، وتوزّعها مجّاناً على الأطفال"، يقول رشاد. تضيف صديقته: "البوظة وحدها كفيلة بإسعاد أيّ كان".
أصبحت رحلة الوجوه السعيدة إلى الأحياء الفقيرة مثل كعكة العيد. يقول نذير الحلواني: "أظنّ أنّنا بدأنا نمشي في الاتجاه الصحيح، نبحث عن الفرحة ونبرزها أكثر في المدينة". "الوجوه السعيدة" بعناصرها السابقين والحاليّين واللاحقين وجدوا سعادتهم في سعادة أطفال أحياء طرابلس الفقيرة، حيث لا يفكّر المرء في البحث عن السعادة.