بعد فترة طويلة من الشد والجذب إعلامياً وجماهيرياً، أعلنت إدارة برشلونة إتمام أول صفقة لها في الميركاتو الصيفي، بالتعاقد مع نيلسون سيميدو ظهير بنفيكا ومنتخب البرتغال، بعد الاجتماع الطارئ بين المدرب الجديد فالفيردي، والمدير الرياضي للنادي. ورغم أن بطل كأس الملك حاول مراراً وتكراراً جلب هيكتور بيليرين، نجم آرسنال، إلا أنه اختار في النهاية بديلا مميزاً، مع تمتعه بفرصة أكبر للتعلم رفقة ميسي ورفاقه هذا الموسم.
نيلسينيو
اسمه نيلسينيو وليس نيلسون سيميدو، يقول أحد مشجعي بنفيكا هذه الكلمات لصديقه عاشق نسور ملعب النور، ولا يعتبر هذا اللقب حكراً على المتعصبين من عشاق النادي البرتغالي، بل يُعرف الوافد الجديد لبرشلونة بهذا اللقب عبر أكبر مواقع ومنتديات كشافي اللاعبين في العالم، نتيجة مهارته بالكرة وسرعته على الخط، وميله الدائم للهجوم مع قيامه ببعض المراوغات التي يحبها سكان الركن المنسي من المدرجات، لذلك قارنوه سريعاً بالسحرة القادمين من شواطئ الكوباكبانا بالبرازيل، وأضافوا فخامة أخرى للاسم ليصبح نيلسينيو بدلاً من نيلسون.
في الوقت الذي لعب فيه روبين نيفيز أولى مبارياته الرسمية مع بورتو في سن 17، بدأ سيميدو مسيرته في الكرة متأخرا، ليلعب على مستوى الهواة في الشارع حتى التحاقه بنادي سنترينسي في عام 2012، والتقطته العين الخبيرة في بنفيكا سريعاً ليتعاقد معه النادي العملاق، وينتقل بين الفريق الثاني والإعارة لناد آخر، حتى حصل على الفرصة الحقيقية مع الفريق الأول رفقة المدرب روي فيتوريا عام 2015، أي كان عمره وقتها 22 عاماً.
خلال عامين فقط، وضع نيلسون نفسه أساسيا في تشكيلة بنفيكا كظهير أيمن وجناح في بعض الأحيان، مع دخوله قائمة منتخب البرتغال ولعبه بعض المباريات مع رونالدو ورفاقه، بالإضافة إلى كونه موضع اهتمام عدة أندية كبيرة كمانشستر يونايتد وبايرن ميونخ وباريس سان جيرمان منذ بداية العام الحالي، لكنه في النهاية انتقل إلى برشلونة بشكل رسمي، بعد تعثر مفاوضات النادي الكاتلوني مع هيكتور بيليرين نجم آرسنال الإنكليزي بأمر من أرسين فينغر.
طريقة لعبه
سيميدو ظهير أيمن حقيقي على الخط الجانبي من المستطيل، يبدأ الهجمة بنفسه ويصعد بها إلى نصف ملعب الخصم، سريع بالكرة ومن دونها، يفضل الاختراق الطولي العمودي نحو المرمى، مع الميل إلى المراوغات وهزيمة المدافعين في موقف 1 ضد 1، لذلك يلعب بمفرده في الأغلب بالجبهة اليمنى، مع دخول الجناح المتقدم إلى عمق الملعب لزيادة الكثافة العددية خلف المهاجم الصريح.
هو صاحب أسلوب قريب من داني ألفيش في بداياته مع إشبيلية، حيث الاندفاع هو الأساس والجرأة غير المشروطة هي طريقه نحو تهديد المنافسين، مع التركيز أكثر على الشق الهجومي مقارنة بالمردود الدفاعي.
يلعب بنفيكا في أغلب مبارياته بطريقة لعب (4-4-2)، مع رسم خططي قريب بعض الشيء من موناكو في دوري الأبطال، بتواجد ثنائي محوري في العمق، وثنائي آخر كأجنحة تميل للداخل باستمرار، لإتاحة الفرصة أمام الظهيرين للتقدم إلى الثلث الأخير، سيديبيه وميندي في الفريق الفرنسي، وسيميدو يقوم بأفعال شبيهة مع بطل البرتغال، كلعب الكرات العرضية داخل منطقة الجزاء، مع الصعود الجريء حتى الراية الركنية، بالإضافة لتوغله القطري من الطرف إلى عمق منطقة الجزاء كلما سنحت الفرصة.
يميل نيلسينيو في لعبه إلى التمرير القصير عوضا عن الكرات الطولية، ويملك أرقاما مبهرة على صعيد الصناعة، لدرجة أنه صنع 6 أهداف وسجل هدفاً خلال 31 مباراة بالدوري البرتغالي، ويعتبر هذا الرقم مميزاً بالنسبة لمدافع على الطرف. كذلك يجيد افتكاك الكرات دون ارتكاب مخالفات، ليتفوق فيما يعرف بالمراوغة والعرقلة معا، مع قدرته على أداء دور الجناح الوحيد على الخط "وينغ باك" إذا بدأ فريقه المباراة بثلاثي خلفي للتغطية على تقدم الأطراف.
النواقص والمزايا
يُحسب له وعليه اندفاعه الشديد أثناء المباراة، ويعتقد البعض بأن السبب في ذلك يعود إلى بدايته المتأخرة احترافياً، ولعبه لسنوات طويلة في أماكن الهواة، لذلك تجده منقضاً على الكرة دون حساب في بعض الأوقات، مما يجعله معرضاً لارتكاب مخالفة خطيرة، أو يبتعد بمسافة كبيرة عن زملائه المدافعين، فيصبح الطريق سهلاً نحو مرماه.
ويقل مستوى المدافع الجديد لبرشلونة بعض الشيء عندما يوضع مع فريقه تحت الضغط، أي أنه يفضل دائماً السيطرة والاستحواذ على الكرة، لكن عندما يُجبر على العودة للدفاع فقط، تظهر بعض الفراغات خلفه أو أمامه حسب تمركزه بالثلث الأول.
ومع جرأته وسرعته في الهجوم، لا يزال سيميدو بعيداً عن فكرة التحكم في نسق المباريات، فاللاعب صاحب أسلوب مباشر للغاية خلال التسعين دقيقة، مع حاجته إلى عمل مضاعف فيما يخص "التمركز التموضعي"، لأن المتابع الجيد لبنفيكا سيرصد خروج اللاعب بعيداً عن موقعه طلباً للكرة، ليترك بعض الفراغات حوله وبجواره، وبالتالي فإن فالفيردي يجب عليه أن يركز على تنمية البعد التكتيكي لدى اللاعب، مع الأخذ في الاعتبار صغر سنه ولعبه لمدة عامين فقط مع فرق المستوى الأول.
وبعيداً عن نواقصه وسلبياته، أثبت الشاب تميزا واضحا في كسر دفاعات المنافس، بتحركه في الداخل والخارج وفق وضعية زملائه، مع ارتداده السريع أثناء لعبة التحولات، ورؤيته الجيدة للمهاجمين بالثلث الأخير، لذلك تتسم تمريراته بالتنوع، بعضها في اتجاه المهاجم الصريح، والبعض الآخر للقادمين من الخلف على حافة منطقة الجزاء. ويشارك أحيانا في بناء الهجمة من مناطقه، بلعب الكرات البينية في وبين الخطوط بالتبادل مع لاعبي الوسط ومحاور الارتكاز.
خطوة برشلونة
عانى برشلونة في آخر أيام لويس إنريكي من صعوبة إيجاد الحلول، لينتظر الجميع بلا استثناء ميسي من أجل هدف أو تمريرة ساحرة، في نسخة بدت فردية إلى أقصى درجة ممكنة. ولم يتحسن الأداء على مستوى اللعب الجماعي، فالفريق "الكاتالوني" خسر أظهرته الهجومية على الخط، ليفرط بسهولة في داني ألفيش ويواجه سوء حظ عاثر بإصابة البديل أليكس فيدال، لذلك جاءت رغبة المدرب الجديد إرنستو فالفيردي واضحة بلا تجميل، يجب دعم الجبهة اليمنى بلاعب جديد على وجه السرعة.
أراد فريق "البلاوغرانا" في البداية هيكتور بيليرين، وماركو فيراتي، وعثمان ديمبلي، ثلاثة خيارات تؤكد حاجة المدير الفني إلى مفاتيح لعب جديدة تضاف لقوة ثلاثي الهجوم، بالتركيز على تقدم الأظهرة يمينا ويسارا، مع تواجد صانع لعب حقيقي في الخلف، بالإضافة لجناح إضافي يتكامل مع ميسي وسواريز ونيمار، لكن لم تأت الرياح بما يشتهي الكتلان، فأرسنال تمسك بهيكتور، وباريس رفض بيع فيراتي، ودورتموند بالغ في طلباته لبيع عثمان، لذلك كانت الخطة البديلة باستعادة ديولوفيو، وجلب سيميدو، ومحاولة التعاقد مع صانع لعب إضافي قبل يوم 31 أغسطس/آب.
تشير الدلائل إلى نية فالفيردي الذهاب نحو أداء هجومي أكثر شراسة، ويمكن للصفقة الجديدة سيميدو القيام بدور الظهير الحر على اليمين، مع السماح لميسي بأداء دور صانع اللعب الحقيقي في المركز 10 بالملعب، مع إضافة جناح آخر في الخطة كديولوفيو أو أليكس فيدال إذا لعب الفريق برسم (4-2-3-1)، أو وضع لاعب وسط إضافي بجوار ثنائي الارتكاز في حالة الاستمرار على نهج (4-3-3)، مع التأكيد على حاجة الفريق إلى تعاقدات إجبارية وقوية في منطقة الوسط والهجوم خلال قادم الأيام.