"يرضيك كده يا ريس.. سرقونا حتى لحمنا"! كانت تلك الاستغاثة التي نطق بها النجم الراحل نور الشريف في فيلم "إلحقونا" مؤثرة إلى أبعد الحدود، رأي البعض أن صناع الفيلم بهذا المشهد أرادوا توريط القيادة السياسية وتحميلها المسؤولية في حالة الشقاء.
الكثيرون من أبناء جيلي ومن غيرهم يتذكرون جيداً فيلم "تيتانيك"، كأول إطلالة لليوناردو دي كابريو في دور "جاك" الذي أحب "روز" بالرغم من فقره وانتمائه إلى الطبقة المهمشة، التي تعامل معاملة الحيوانات، مقارنة بما يلقاه بقية الركاب على ذات السفينة.
تستحق القاهرة منا ولا شك كل الحب والاحترام، فهي العاصمة العربية الأضخم، والتاريخ له فصول كاملة تبدأ أو تنتهي باسمها، صفحات تمتلئ بالبطولة والعلم والفن، وأساطير في كافة المجالات صنعوا بداخل شوارع القاهرة وأزقتها في الصحافة والأدب والشعر.
خلال السنوات العشر الماضية لم يرفع الستار عن المسرح إلا نادراً، ولم يجد محبو المسرح أمامهم إلا مسرحيات هشة سطحية بنجوم الصف الثالث، تقدم لهم كوميديا ثقيلة الظل.
كان موعد التاسعة ليلاً مقدساً بالنسبة لي كطفل وأنا أرى جدتي تتجه سريعاً إلى الراديو كي تضبط أثيره على تلك الإذاعة التي حيرتنا كثيراً، فتارة يطلقون عليها "إذاعة أم كلثوم" وتارة أخرى تثار حولها الشكوك على أنها اذاعة إسرائيلية!!
كنا ونحن أطفال نلعب في الحارة لا تربطنا علاقة قوية باحتفالات الكريسماس، فقط نعرف عنه أنه ذلك العيد الذي يُقبّل فيه المسيحيون بعضهم البعض في الكنيسة بعد أن تطفأ الأنوار عند دقات الساعة الثانية عشرة في آخر يوم من العام
انطلقت ثورة يناير وكان أبرز ما فيها تلك العمم البيضاء التي نزلت إلى ميدان التحرير لتشارك الثوار ثورتهم ضد الفساد، كنت أسير في الميدان متمنيا أن أرى جمعة بين هؤلاء الأزاهرة العظام، ومنهم الشهيد "عماد عفت"، لكنني لم أره
الرجل بارع في رسم تلك الشخصية المستقلة القوية بملابسه المهندمة شديدة الوجاهة، وتلك السيارة الفارهة التي يركبها وهو يودّعنا في نهاية اليوم، ثلاثة صفوف فقط يتقدمها "الشيخ" علي جمعة، كان هذا كل رصيده في المسجد، ليمتلئ المسجد بعدها بآلاف.
إن العمل جارٍ على قدم وساق لمسخ الشخصية المصرية، وجعلها إما مسبحة بحمد النظام وراقصة في بلاطه، وإما سلبية تنخلع من كل شيء حتى الدين، وإما متطرفة تحمل ثأراً من المجتمع كله، ولا أمل في طوق نجاة قريب
إن خريف العزلة الذي هبّت رياحه بعد رابعة العدوية لم يأت ليزيد المساحة الفاصلة بين الإخوان والمجتمع، بل جاء ليقتلع جدار العزلة ويسقطه، ويلقي بالإخوان، مرة أخرى، في أحضان المجتمع