اعتبر حزب "الشعب الدنماركي" القومي المتشدد أن بلاده "أمامها فرصة دبلوماسية يجب أن تستغلها بالتفاوض مع السلطة الإيرانية حول تسليم من تطالب بهم الأخيرة لمحاكمتهم في هجوم الأهواز، مقابل استقبال طهران لمواطنيها المرفوضة طلبات لجوئهم في الدنمارك".
يأتي ذلك الموقف في أعقاب مطالبة إيران لكوبنهاغن بتسليم من سمتهم "الجناة وشركاءهم ليحاكموا بطريقة عادلة (في إيران)". واتهمت الوكالات الإخبارية الإيرانية الدنمارك، عقب الهجوم، بـ"إيواء إرهابيين". وطرح الحزب المتشدد في اليوم التالي، على لسان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، سورن اسبرسن، "تسليم من تتهمهم طهران بالتخطيط والمشاركة في الهجوم".
ومجدداً، يطالب الحزب على لسان، مقرر شؤون الهجرة فيه، مارتن هينركسن، بعملية "مقايضة" يعتبرها المعلقون "سابقة تاريخية" بدعوته الحكومة إلى "قبول مقايضة الإيرانيين". واعتبر هينركسن المطلب الإيراني "فرصة لحل معضلة، وتحدّياً نعيشه مع وجود المئات المرفوضين في بلدنا، الأمر يتعلق بإمكانية مساعدة بعضنا بعضاً (كوبنهاغن وطهران)".
ورفضت سفارة طهران في كوبنهاغن، في أكثر من مناسبة، استصدار وثائق سفر لمواطنيها الذين يعيشون في ظل قانون "إقامة محتملة"؛ تشمل فقط الإبقاء على الإنسان على قيد الحياة من دون أي حق من حقوق مواطني البلد، ويبقون في مراكز حتى ينفذ ترحيلهم، وهو ما انتقدته مراراً منظمات حقوقية محلية ومنظمات الأمم المتحدة.
ورأى الحزب المتشدد، بحسب وسائل الإعلام الدنماركية، صباح اليوم الاثنين، "أن الوضع التعيس (بوجود المرفوضين في البلد، غير الراغبين في العودة إلى بلدهم إيران) يمكن أن يؤدي إلى وضع سعيد إذا ما استغلينا استخدام الفرصة (بتسليمهم لبلدهم)"، كما شدد هينركسن.
ويطالب "الشعب" حكومة يمين الوسط بـ"إظهار الاهتمام برغبتنا في الدخول معهم (حكومة إيران) من خلال المباحثات بهذه المقايضة". ويذهب هينركسن إلى القول حرفياً "إنها فرصة يجب استغلالها، ونحن مؤمنون بأنه عرض يؤدي للوصول إلى نتائج جيدة من خلال حوار مباشر، وإن كان في بعض الأحيان يأخذ الأمر وقتاً أطول للوصول إلى اتفاق مثل أي اتفاق تجاري". وليس لدى اليمين المتشدد في الدنمارك حرج، نتيجة موقفه العام السلبي من الهجرة، في التفاوض مع كل الدول لترحيل اللاجئين وتسليمهم إلى سلطات دولهم الأصلية.
ويعيش في الدنمارك نحو 400 من الإيرانيين، بينهم أسر وأطفالها، على قوائم الترحيل. ويقول محاموهم إن خطرا ينتظرهم في إيران، إذ إن "بعضهم غيّر ديانته وآخرين مطلوبون وسيتم اعتقالهم، وبينهم معارضون لا يمكن تسليمهم".
ومن بين هؤلاء الذين يرغب الحزب في مقايضتهم تذكر صحيفة "بيرلنغسكا" قصة طالب اللجوء مهدي رحيمي، الذي رفض طلب لجوئه منذ 2014، وعجزت السلطات عن ترحيله في ثلاث مناسبات. وقد أظهرت وسائل الإعلام قصة تحوله إلى المسيحية وتغيير اسمه إلى "ماثيو" بعد تعميده. ويذكر محاميه أن "حياته في خطر إن رحل إلى إيران". ورحيم واحد ممن يريد حزب الشعب مقايضة ترحيله بالأحوازيين، باتفاق مع السلطات الإيرانية بعد إصدار وثائق سفر له من سفارة طهران في كوبنهاغن.
ويرى حزب الشعب أنه "بغض النظر عن آراء الناس بسلطات طهران، إلا أنه يمكن التفاوض معها على التسليم لتكون نموذجاً للمقايضة مع دول أخرى". ورأى السياسي المحافظ في البرلمان ناصر خضر إن "طرح مثل هذه المقايضة يحول الناس إلى رهائن سياسيين، وهي فكرة جنونية".
ومن ناحيته قال مدير المركز الدنماركي لحقوق الإنسان، يوانس كريستوفرسن، في تعقيب صباح اليوم الاثنين للصحافة الدنماركية، إن "المطروح مقايضة غير عادية على الإطلاق، ولا أذكر مطلقا أن البلد أجرى مقايضة تسليم أحد بهذه الطريقة، وهذا يعني أن البلد سيكون مستعداً لتسليم أي مطلوب كان بحجة مقاضاته بشكل عادل، ما يعني أيضا أنك يجب أن تكون مستعدا في حال طلبت منك دول أخرى تسليمها مطلوبين لديك، أن تدفع لها ما يشابه الأثمان في مقابل هذه القضية".
وبالرغم من أنها "قضية غير عادية" يذهب حزب المعارضة في يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي، إلى ترك الباب مفتوحا أمام مثل هذه المقايضة، كما عبر مقرر شؤون الهجرة فيه ماتياس تيسفايا. ونقلت عنه وكالة الأنباء الدنماركية "ريتزاو" قوله إنه "في حزبنا طرحنا مسألة تشديد المعونات الخارجية للدول باشتراط قبول استقبال مواطنيها المرفوضين، وإذا كان من الممكن تسليم أشخاص لمحاكمتهم كجزء من تلك الاتفاقيات للترحيل فأتوقع أن تستغل الحكومة (يمين وسط مدعومة بالمتشددين) هذه الفرصة المتاحة".
وتذكر وسائل الإعلام مواقف اليسار والحقوقيين أنه "لم يسبق أن قامت الدنمارك، خلال العقود الماضية، بمثل هذه المقايضة التي تطرح اليوم". ويعيش في الدنمارك والسويد والنرويج آلاف الإيرانيين، عدد كبير منهم بصفة لاجئين سياسيين منذ الثمانينيات، وينشط بعضهم في صفوف المعارضة الإيرانية عموماً، وبينهم أحوازيون لديهم مكتب إعلامي وينشطون بين دول الشمال وهولندا.