"بيان الغضب": تجاذبات المثقف والسياسي

30 يوليو 2018
ماجد زليلة/ تونس
+ الخط -

بالتزامن مع منح البرلمان التونسي الثقة لوزير الداخلية الجديد في الحكومة منذ يومين، أطلق عدد من المثقفين والكتّاب التونسيين "بيان الغضب رقم واحد" بمثابة تصويت موازٍ ضد "ممارسات الفاشية العقائدية الزاحفة والمدمّرة"، بحسب تعبيرهم.

صدر البيان على إثر اجتماع حضره عدد من المبدعين والمثقفين تحت عنوان "كيف يمكن للمبدع أن يساهم في إنقاذ تونس؟"، ناقشوا خلاله أهم المشاكل السياسية والثقافية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، لكن بعض المشاركين عادوا إلى القول بأن ما صدر هو مسوّدة غير نهائية تمّ تسريبها، وفق تصريحات الفنانة المسرحية ليلى طوبال التي وقّعت على البيان.

توالت الانتقادات حول ما أورده الموقعون الذين عبّروا عن "غضبهم من فشل الأحزاب التي تضحي بتونس من أجل مصالحها الضيّقة حتى انتهى الأمر إلى التفكير في توريث الأبناء وتغوّل العائلة"، باعتبار أن ما قدّموه هو شكل من أشكال "العبث"، ووصل الحد ببعض الحزبيين إلى وصف هذه الخطوة بأنها تتضمّن "دعوة وتحريضاً مبطناً للمؤسستين الأمنية والعسكرية (دون تسميتهما) للانقلاب على المؤسسات الشرعية للبلاد".

بعيداً عن التجاذبات بين أهل الثقافة والسياسة، يمكن التساؤل عن جدوى البيان في عصر لم يعد يمكن للمثقف أن يمارس دوراً تبشيرياً أو تحريضاً كما كان عليه الحال في القرن الماضي، وتبدو مفارقة إطلاق "رقم 1" على هذا البيان بما يذكّر بالصيغة التي كانت تستخدم في زمن الانقلابات العسكرية، بينما يبدو مشروعاً التساؤل عمّا يمكن أن يقوله مثقفون بعيدون عن الشأن العام والانخراط المباشر في السياسة في خطوتهم التالية.

أشار البيان إلى نقاط عديدة مثل "التهاب الأسعار وتدمير الطبقة الوسطى والفقيرة"، مندداً "برداءة أداء الطبقة السياسية الفاشلة وتغليبها مصالح الأحزاب على مصلحة الوطن وتدجين ثورة الشباب ومبادئها وما آلت إليه إدارة البلاد من كوميديا وانقلبت من مفخرة إلى مسخرة".

ودعا المشاركون فيه "ما بقي من السلطة وما بقي من ضميرها إلى اتخاذ اجراءات جديّة وسريعة لفائدة أمن جمهوري بعيداً عن التجاذبات الحزبية والتحكّم في الأسعار بيد من حديد وإرساء ثقافة يصنعها المثقّفون عوض إدارة الوزارة"، وقد تكون العبارة الأخيرة أبرز ما احتواه البيان الذي يعكس تهميشاً ثقافياً عند أصحابه قادهم إلى الخوض في مجمل القضايا التي تطرّقوا إليها.

كما طالب البيان إلى "تكريس قضاء لا يخضع إلاّ للقانون والضمير، وتحرير الإعلام من الضغوطات الحزبية والحكومية، وبناء نظام تعليم معاصر يقرره الخبراء بعيداً عن التوظيف العقائدي، وإنقاذ النظام الصحي الذي وقع تدميره والعمل على إنهاء المديونية بمحاربة التهرب الجبائي (الضريبي)".

من بين الموقعين؛ عبد العزيز قاسم، ويوسف الصديق، وألفة يوسف، وآمنة الرميلي، آمال قرامي، ومنصف المزغني، ومنصف الوهايبي، وغازي الزغباني، وأحمد محفوظ، وشاذلي اللومي، وحسن عليلش.

المساهمون