شهدت العاصمة التركية أنقرة، على مدى اليومين الماضيين، اجتماعات مغلقة ضمت قيادات سياسية وشخصيات عشائرية ورجال أعمال وكفاءات عراقية بارزة في لقاء هو الأول من نوعه، بما يعكس توجهاً لتشكيل تكتل سياسي جديد في العراق تحت اسم "تحالف القوى الوطنية العراقية". وضم المؤتمر ممثلين عن سبع محافظات عراقية، وسط حديث عن أن الخطوة تحظى بدعم خليجي تركي أردني، وفقاً لما كشفته مصادر شاركت في الاجتماعات لـ"العربي الجديد".
وذكر مصدر قيادي مطلع أن 25 شخصية عراقية بارزة شاركت في اجتماعات مغلقة انطلقت مساء الأربعاء وتواصلت حتى مساء أمس الخميس، وبحثت في إمكانية تشكيل "تحالف القوى الوطنية العراقية"، والذي سيكون عند تشكيله ممثلاً عن المكون "السنّي" في العراق "بالنظر للشخصيات المشاركة" فيه، على حد تعبيره. وتم التداول في إمكانية أن يتكون التحالف الجديد من لجنة تنفيذية وهيئة قيادية ولجان أخرى سياسية وبحثية. ومن أبرز الأسماء المطروحة للمشاركة في التحالف المنتظر إعلانه: السياسي والزعيم العشائري، عبد الله الياور، ونائب رئيس الوزراء السابق بعهد نوري المالكي، صالح المطلك، ونائب رئيس الجمهورية الحالي، أسامة النجيفي، والنائبان في البرلمان، لقاء وردي ومحمد الكربولي، ورجل الأعمال سعد البزاز، والسياسي خميس الخنجر، والزعيم القبلي وضاح الصديد، والنائب أحمد المساري. وهناك توجه لتشكيل رئاسة هذا التحالف الجديد وفق مبدأ التناوب.
ونفت مصادر من داخل الاجتماعات لـ"العربي الجديد"، ما تم تناوله على لسان سياسيين في بغداد من أنه تمت مناقشة "مسألة إقليم الموصل ومحافظة الأنبار"، مشددة على أن التحالف الجديد لن يكون إلا تحالفاً وطنياً "ويعمل على جذب الآخرين إليه، لا الانغلاق داخل التحالف"، وفق تعبير المصادر.
ومن المقرر أن يتم، اليوم الجمعة، عقد لقاءات جانبية بين القيادات السياسية للتحالف لبحث وضع النظام الداخلي له والبحث في تفاصيل تنظيمية أخرى.
وأعلن رئيس كتلة "متحدون" في البرلمان العراقي، الدكتور ظافر العاني، لـ"العربي الجديد"، أن "الحدث مهم بالنسبة لنا، إذ ستكون هناك مشاكل وملفات كبيرة بعد زوال داعش من المحافظات التي دمرها، ومن الضروري أن نحتاج إلى ترتيب أولويات ممثلي جمهور تلك المحافظات وأن نحول دون عودة الإرهاب مرة أخرى"، وفق تأكيده. وبيّن أنه "لا يمكن القول إن الأمر سيتعلق بتكتل سني، كعبارة طائفية". وأضاف أن تصنيفاً كهذا "يدفع الآخرين إلى تكتل مماثل، لكن التحالف الجديد سيكون سياسياً والهدف منه يتمثل في خدمة أبناء المحافظات التي ضربها الإرهاب"، على حد قوله. وتابع أن "القرار الذي يتعلق بالعراق لم يعد عراقياً خالصاً"، لافتاً إلى التداخلات الإقليمية والدولية في الملف العراقي، ومؤكداً أن الهدف من فكرة التحالف الجديد هو "توحيد الرؤى والمواقف".
ولفت العاني إلى أن "معظم الشخصيات التي سيضمها التحالف لديها ثقل سياسي واضح بالشارع الذي تمثله، ولديها بصمة بالعمل السياسي في العراق". وحول عدم مشاركة "هيئة علماء المسلمين" في المؤتمر، قال إن "رأي الهيئة معروف وهو إرث من أيام (الأمين العام السابق لهيئة علماء المسلمين) الشيخ الراحل حارث الضاري". وتابع أن موقف "الهيئة" كان واضحاً "من العملية السياسية ووجهة نظرها يجب أن تحترم"، وفق تعبيره. لكن العاني استبعد أن يؤثر غياب "الهيئة" على ما تحقق بشأن عملية تشكيل التحالف.
ودعت النائبة عن ائتلاف "دولة القانون"، عواطف نعمة، رئيس الحكومة والادعاء العام، إلى "محاسبة أي شخصية حكومية أو برلمانية تثبت مشاركتها في المؤتمر". وشدّدت على أنّه "لا يحق للمشاركين في تلك المؤتمرات التحريضية الجمع بين الصفة الوظيفية والجلوس في خانة المعارضة". وطالبت وزارة الخارجية بأن "تطلب من الدول عدم احتضان مثل هذه المؤتمرات التي تساهم في زيادة الاحتقان الطائفي في العراق وتسعى لتقسيمه على أسس طائفية"، بحسب قولها.
وتعليقاً على الحدث، قال الباحث والمحلل السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، لـ"العربي الجديد"، إن "المؤتمر بشكل عام لا يمكن اعتباره الأول، فقد شهد عام 2010 ولادة القائمة العراقية بطريقة مماثلة بغض النظر عن الاختلافات الجوهرية، وكانت النتيجة أن القائمة العراقية تصدعت بعد إعلان نتائج الانتخابات"، وفقاً لقوله. وبيّن أن "هناك تباينات كبيرة بين القوى المتحدة في هذا التحالف الجديد"، لافتاً إلى أن "الطرف الثاني في بغداد قادر على تشتيت (التحالف)، لا سيما أن المؤتمر أو التحالف الناتج عنه جمع شخصيات فشلت سابقاً، واليوم تتم إعادة إنتاجها مرة أخرى"، على حد تعبيره.
إلا أن القيادي بـ"جبهة الحراك الشعبي العراقي"، محمد العبيدي، أكد لـ"العربي الجديد"، على "وجود نظام داخلي يضم وحدة قرار التحالف تجاه القضايا المصيرية"، مبيّناً أن "الحديث عن شخصيات فاشلة غير صحيح، بل هناك مشاريع أخفقت سابقاً بسبب تعدد الأصوات السياسية المتناحرة داخل الوسط السني"، على حد قوله.