تصاعدت أزمة تعويم الجنيه في مصر والتي صاحبها قرار رفع أسعار الوقود بنسب وصلت إلى نحو 50% دفعة واحدة، وأدت الإجراءات الحكومية إلى موجة غضب في الشارع الذي فوجئ بارتفاعات جديدة في أسعار النقل والعديد من سلع، مما فاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.
وفي الجهة الأخرى لم تنجح الحكومة في وقف السوق السوداء للدولار التي استمرت رغم تعويم الجنيه، حسب أصحاب شركات صرافة لـ"العربي الجديد".
وفي الجهة الأخرى لم تنجح الحكومة في وقف السوق السوداء للدولار التي استمرت رغم تعويم الجنيه، حسب أصحاب شركات صرافة لـ"العربي الجديد".
وأكد خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد" أن موجة الغلاء المتوقعة سترفع معدل التضخم رسمياً بصورة كبيرة، قد تصل إلى نحو 20 %، وفي معدلات لم تشهدها مصر من قبل، وكان أحدث تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي)، قد أكد ارتفاع التضخم بنسبة تجاوزت 14%.
ورفعت مصر أسعار الوقود، بعد ساعات من اتخاذ قرار بتعويم العملة
وخفض قيمة الجنيه رسمياً بنسبة أكثر من 50% أمام الدولار، وتسبب القرار في ازدحامات أمام محطات الوقود. كما شهدت مواقف الميكروباصات في مختلف المحافظات اشتباكات بين المواطنين والسائقين، بسبب رفعهم الأجرة وعدم ارتفاع المرتبات.
وتوقع أستاذ الاقتصاد، صلاح هاشم، ارتفاع معدلات التضخم بالسوق لمستويات قياسية قد تصل إلى نحو 20%.
وقال هاشم لـ"العربي الجديد" إن "البنك المركزي قرر فتح باب السحب والإيداع للدولار بالبنوك بدون سقف محدد، كما أن تعويم الجنيه سيرفع قيمة الفاتورة الاستيرادية من الخارج وخاصة وأننا نعتمد على استيراد 60% من احتياجاتنا الأساسية"، مشيرا إلى مساعٍ حكومية لوقف نزيف احتياطي النقد الأجنبي.
وبررت الحكومة قرارتها بمساعيها لإنعاش الاقتصاد المتأزم والخروج من الأزمة المالية الخانقة، التي تواجه البلاد، وضبط أسواق العملات.
وقال رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، إن بلاده تعيش مرحلة حرجة، مشيراً إلى أن "تحريك أسعار المنتجات البترولية ليس قراراً جديداً، كما أن رفاهية تأجيل القرار غير متاحة".
وأضاف إسماعيل، في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة الوزراء في القاهرة: " كان يوماً مهماً في ما يخص الاقتصاد المصري، حيث تم تحريك (رفع) أسعار المنتجات البترولية وتحرير سعر الصرف". وأوضح رئيس الوزراء أن "هذه القرارات اتخذت لأن المرحلة الحالية حرجة للغاية". وأكد أن "البرنامج الذي ينفذ مصري، والحكومة لا تملك رفاهية تأجيل القرارات".
وأفاد إسماعيل بأن "الموازنة العامة تخصص 200 مليار جنيه (13 مليار دولار) فقط للإنفاق على احتياجات المواطن، وهذا لا يكفي، ويجب أن يكون للجميع وقفة لأخذ القرارات للتحرك للأمام".
وأشار إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي تتم وفق 4 محاور، على رأسها خفض عجز الموازنة إلى 10%، وتوفير خدمات أكثر للمواطن، وإصلاح مناخ الاستثمار، إلى جانب محور المشروعات القومية في مختلف القطاعات.
ولفت إلى أن "القرارات التي سنتخذها ليست جميعها رفع الضرائب والدعم، ولكن تصب في صالح المواطن والمستثمر".
اقــرأ أيضاً
وقال المركزي المصري، في بيان، إنه "قرر اتخاذ عدة إجراءات لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي تماماً".
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، لـ"العربي الجديد" إن "الاجراء، الذي اتخذه البنك المركزي بتعويم العملة المحلية، بالإضافة إلى قرار الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود، قرارات تستهدف الإصلاح الاقتصادي تمهيداً للحصول على قرض صندوق النقد الدولي".
وأضاف بدرة أن "تلك القرارات تحمل تحديات كبرى لسرعة ضبط الأسواق تجنبا لارتفاع الأسعار المتوقع، إذ تتطلب السوق رقابة مشدّدة لمنع المحتكرين وتوفير السلع بما يضمن تقليل الآثار التضخمية المتوقعة عن تلك الإجراءات المتوالية".
واتخذت الحكومة المصرية عدة إجراءات لامتصاص غضب الشارع من قراراتها الأخيرة،
ومنها زيادة دعم الفرد في السلع التموينية بمقدار 3 جنيهات بدءاً من الشهر المقبل، حسب وزير التموين المصري، محمد علي مصيلحي.
وقالت وزيرة التضامن غادة والي، إن مصر عملت على حماية الفقراء وتجنب "الآثار السلبية للإصلاح" من خلال زيادة "قيمة المعاشات 15 مليار جنيه ورفع أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة إلى 1.7 مليون أسرة".
وانتقد مراقبون تتابع القرارات الاقتصادية الصعبة، متوقعين أن تهوى البورصة المصرية في أول التعاملات بسبب قرارات رفع أسعار الوقود، بعد أن ارتفعت المؤشرات مدفوعة بقرار تعويم العملة.
وقالوا إن "الحكومة المصرية كان يجب أن تؤجل قرار رفع أسعار الوقود لحين امتصاص السوق أثر تعويم العملة وانتظام الأسعار".
وأكد مسؤول حكومي بارز لـ"العربي الجديد" إن مصر أصبحت على أعتاب الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بعد اتخاذ تلك الإجراءات الصعبة، حسب وصفه. وأضاف أن "الإصلاح الاقتصادي دواء مر يجب أن نتجرعه من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا"، وتابع أن الحكومة لديها خبرة في تلك الإجراءات وستحتوي آثارها سريعاً كما فعلت في عامي 2008 و2014.
وقال إن "هناك تشديداً رقابياً على الأسواق لمنع ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، وستتولى المحليات تحديد أسعار وسائل النقل وغيرها من الإجراءات، لتقليل الآثار التضخمية على الأسواق".
وعلى الجانب الآخر، استمر ارتفاع الدولار في ظل قرار التعويم الذي سمح للبنوك بتحريك الأسعار بكل حرية. وعادت السوق السوداء سريعا، رغم تحرير سعر الصرف، وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء 16.5 جنيهاً بقيمة 50 قرشا عن البنوك المحلية التي بلغ سعر العملةالأميركية بها إلى 16 جنيها.
وحدد المركزي سعر صرف استرشاديا مؤقتا للعملة المحلية عند 13 جنيها للدولار، وسمح للبنوك بهامش حركة 10%، لكن أسعار الدولار تحركت، إلى ما يتراوح بين 15.75 و16 جنيها في معظم البنوك.
وقال مدير إحدى شركات الصرافة بالقاهرة، ناصر حماد، لـ"العربي الجديد"، إن "بعض الشركات تشتري بأسعار أعلى من أسعار البنك بقيمة تتراوح بين 35 و50 قرشا، ليتراوح سعر البيع بين 16.25 و16.5 جنيهاً". وأضاف أن "عمليات التداول في السوقين الرسمية والسوداء قليلة للغاية".
وأوضح أن حائزي الدولار لم يفرطوا فيه حتى الآن، وما زال جزء كبير جدا منهم يحتفظ به لحين وضوح الرؤية، ومعرفة ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة.
وقال عضو شعبة شركات الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية، محمد رضوان، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يعد هناك مبرر لاستمرار غلق شركات الصرافة بعد تحرير الأسعار.
اقــرأ أيضاً
ورفعت مصر أسعار الوقود، بعد ساعات من اتخاذ قرار بتعويم العملة
وتوقع أستاذ الاقتصاد، صلاح هاشم، ارتفاع معدلات التضخم بالسوق لمستويات قياسية قد تصل إلى نحو 20%.
وقال هاشم لـ"العربي الجديد" إن "البنك المركزي قرر فتح باب السحب والإيداع للدولار بالبنوك بدون سقف محدد، كما أن تعويم الجنيه سيرفع قيمة الفاتورة الاستيرادية من الخارج وخاصة وأننا نعتمد على استيراد 60% من احتياجاتنا الأساسية"، مشيرا إلى مساعٍ حكومية لوقف نزيف احتياطي النقد الأجنبي.
وبررت الحكومة قرارتها بمساعيها لإنعاش الاقتصاد المتأزم والخروج من الأزمة المالية الخانقة، التي تواجه البلاد، وضبط أسواق العملات.
وقال رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، إن بلاده تعيش مرحلة حرجة، مشيراً إلى أن "تحريك أسعار المنتجات البترولية ليس قراراً جديداً، كما أن رفاهية تأجيل القرار غير متاحة".
وأضاف إسماعيل، في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة الوزراء في القاهرة: " كان يوماً مهماً في ما يخص الاقتصاد المصري، حيث تم تحريك (رفع) أسعار المنتجات البترولية وتحرير سعر الصرف". وأوضح رئيس الوزراء أن "هذه القرارات اتخذت لأن المرحلة الحالية حرجة للغاية". وأكد أن "البرنامج الذي ينفذ مصري، والحكومة لا تملك رفاهية تأجيل القرارات".
وأفاد إسماعيل بأن "الموازنة العامة تخصص 200 مليار جنيه (13 مليار دولار) فقط للإنفاق على احتياجات المواطن، وهذا لا يكفي، ويجب أن يكون للجميع وقفة لأخذ القرارات للتحرك للأمام".
وأشار إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي تتم وفق 4 محاور، على رأسها خفض عجز الموازنة إلى 10%، وتوفير خدمات أكثر للمواطن، وإصلاح مناخ الاستثمار، إلى جانب محور المشروعات القومية في مختلف القطاعات.
ولفت إلى أن "القرارات التي سنتخذها ليست جميعها رفع الضرائب والدعم، ولكن تصب في صالح المواطن والمستثمر".
وقال المركزي المصري، في بيان، إنه "قرر اتخاذ عدة إجراءات لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي تماماً".
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، لـ"العربي الجديد" إن "الاجراء، الذي اتخذه البنك المركزي بتعويم العملة المحلية، بالإضافة إلى قرار الحكومة المصرية برفع أسعار الوقود، قرارات تستهدف الإصلاح الاقتصادي تمهيداً للحصول على قرض صندوق النقد الدولي".
وأضاف بدرة أن "تلك القرارات تحمل تحديات كبرى لسرعة ضبط الأسواق تجنبا لارتفاع الأسعار المتوقع، إذ تتطلب السوق رقابة مشدّدة لمنع المحتكرين وتوفير السلع بما يضمن تقليل الآثار التضخمية المتوقعة عن تلك الإجراءات المتوالية".
واتخذت الحكومة المصرية عدة إجراءات لامتصاص غضب الشارع من قراراتها الأخيرة،
وقالت وزيرة التضامن غادة والي، إن مصر عملت على حماية الفقراء وتجنب "الآثار السلبية للإصلاح" من خلال زيادة "قيمة المعاشات 15 مليار جنيه ورفع أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة إلى 1.7 مليون أسرة".
وانتقد مراقبون تتابع القرارات الاقتصادية الصعبة، متوقعين أن تهوى البورصة المصرية في أول التعاملات بسبب قرارات رفع أسعار الوقود، بعد أن ارتفعت المؤشرات مدفوعة بقرار تعويم العملة.
وقالوا إن "الحكومة المصرية كان يجب أن تؤجل قرار رفع أسعار الوقود لحين امتصاص السوق أثر تعويم العملة وانتظام الأسعار".
وأكد مسؤول حكومي بارز لـ"العربي الجديد" إن مصر أصبحت على أعتاب الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بعد اتخاذ تلك الإجراءات الصعبة، حسب وصفه. وأضاف أن "الإصلاح الاقتصادي دواء مر يجب أن نتجرعه من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا"، وتابع أن الحكومة لديها خبرة في تلك الإجراءات وستحتوي آثارها سريعاً كما فعلت في عامي 2008 و2014.
وقال إن "هناك تشديداً رقابياً على الأسواق لمنع ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، وستتولى المحليات تحديد أسعار وسائل النقل وغيرها من الإجراءات، لتقليل الآثار التضخمية على الأسواق".
وعلى الجانب الآخر، استمر ارتفاع الدولار في ظل قرار التعويم الذي سمح للبنوك بتحريك الأسعار بكل حرية. وعادت السوق السوداء سريعا، رغم تحرير سعر الصرف، وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء 16.5 جنيهاً بقيمة 50 قرشا عن البنوك المحلية التي بلغ سعر العملةالأميركية بها إلى 16 جنيها.
وحدد المركزي سعر صرف استرشاديا مؤقتا للعملة المحلية عند 13 جنيها للدولار، وسمح للبنوك بهامش حركة 10%، لكن أسعار الدولار تحركت، إلى ما يتراوح بين 15.75 و16 جنيها في معظم البنوك.
وقال مدير إحدى شركات الصرافة بالقاهرة، ناصر حماد، لـ"العربي الجديد"، إن "بعض الشركات تشتري بأسعار أعلى من أسعار البنك بقيمة تتراوح بين 35 و50 قرشا، ليتراوح سعر البيع بين 16.25 و16.5 جنيهاً". وأضاف أن "عمليات التداول في السوقين الرسمية والسوداء قليلة للغاية".
وأوضح أن حائزي الدولار لم يفرطوا فيه حتى الآن، وما زال جزء كبير جدا منهم يحتفظ به لحين وضوح الرؤية، ومعرفة ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة.
وقال عضو شعبة شركات الصرافة في الاتحاد العام للغرف التجارية، محمد رضوان، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يعد هناك مبرر لاستمرار غلق شركات الصرافة بعد تحرير الأسعار.