24 يناير 2018
إيمان سهيل الحسن
كاظم البرجس (سورية)
في صيف 2007 وبعد أن أنهيت السنة الأولى من كلية الإعلام جامعة دمشق، انتقلت وزملائي إلى معسكر التدريب الجامعي في منطقة الضمير في ريف دمشق. كان المعسكر فرض عين على كل طالب، ولا يمنح ذلك الطالب البائس شهادة التخرج بدون اجتيازه التدريب الجامعي الذي كان مطلوبا إنجازه مرتين خلال الدراسة الجامعية.
انتقلنا، في اليوم الثاني من ذلك المعسكر، إلى الساحة الرئيسية التي كانت تسف وجوهنا رمالها الحارة. ولكن ذلك لم يمنع من الهرولة، وكانت الخبطات على الأرض تتناسب ومقولة "حافظ أسد رمز الأمة العربية". وما هي إلا لحظات حتى عنت الوجوه بصمت ووجوم لمدير التدريب الجامعي الذي أثنى على بشار "بما هو أهله" ثم جعل يحدثنا عن إنجازات "الجيش الباسل" وانتصاراته، وحياة "الرفيق المناضل الركن الشهيد المهندس الفارس، باسل الأسد".
وروى كيف كان الأخير يؤدي التدريب الجامعي أسوةً بغيره من الطلاب، وكان يرفض الزيارات من أقربائه، ثم ختم قائلاً: ستبقى سورية حلقة في شوك الأعداء، ويقصد بها شوكة في حلق الأعداء.
لا أدري كيف قفزت تلك الأحداث إلى داخل قشرة خيالي المنهك بمشاهد بلدي الذبيح، فضلاً عن بعدي حتى عن زملاء الدراسة، بحكم ظروف حرب الأسد التي مزقت تلك الأيام. لكن ما جعلني أتذكر خطاب ضابط التدريب الجامعي، هو آخر هرطقات العميد في قوات تنظيم الأسد، المدعو سهيل الحسن، الذي تداول ناشطون مقطع فيديو له برفقة عدد من جنوده، حيث ظهر بثياب الواعظين، وتحدث عن أركان الإيمان والتي أولها الصدق وآخرها الجهاد في سبيل الله.
بين الجد والهزل، ليس سهيل الحسن أكثر من واجهة كرتونية لتنظيم بشار الأسد وجيشه المنهار، والدلائل في ذلك كثيرة وآخرها تراشق اتهامات الخيانة بين القوات الصديقة والرديفة والحليفة على خلفية مقتل عشرات منها على جبهة إدارة المركبات العسكرية في حرستا في ريف دمشق. وما تبعها من أسر آخرين من تلك القوات في الخوين في ريف إدلب، ثم ما كشفه بعض المفرج عنهم من فرع الأمن السياسي في دمشق، أن النظام يفاوض المعتقلين في الفرع على إطلاق سراحهم مقابل القتال على الجبهات ضد الشعب السوري، فطبيعي أن نفهم حرص النظام على شخصية تروجه، مثل سهيل الحسن الذي يجمّل وجه قواته المتردية بما يخدم بروباغندا الانتصار التي يسعى الأسد لتوظيفها وإنجاحها أكثر من تقدم قواته ميدانياً على الأرض.
ويهدف النظام من شخصية سهيل الحسن ونظرياته إلى صرف أنظار الموالين عن واقعهم المأساوي إلى وهم نصر خارجي، فالأرقام الآتية من الساحل لا تجامل أحداً، وخصوصا حين نتكلم عن ثلاثمئة ألف قتيل من طائفة النظام ويزيدون. وزاد النظام على ذلك أن استخف بالموالين وذوي القتلى، حين كرّمهم بساعة حائط وصندوق برتقال. لذلك نفهم جلياً حرص النظام على من يزين عمله ليراه الموالون حسناً، وهذا يقود، بطبيعة الحال، إلى معرفة سبب خروج رئيس التنظيم بشار الأسد من مخبئه في دمشق إلى جرحى قواته في حمص والساحل، ويصب ذلك كله في سياق الحرب الإعلامية ضد الشعب السوري، والتي يشكل سهيل الحسن رأس حربة وقوة ضاربة فيها.
سينتهي مصير سهيل الحسن، كما انتهى سفاح اللاجئين عصام زهر الدين، سواء بعبوة ناسفة أم انتحاراً بثلاث طلقات في الرأس! (كما يقول النظام) حين يتخلص من أدوات إجرامه، مثل غازي كنعان ورستم غزالة، وأخيراً مدير العسف والجرم والجور والشطط في سجن صيدنايا العميد الركن محمود معتوق، الذي تنوعت الروايات الرسمية بشان مقتله ما بين القتال في أثناء "خدمة الوطن" والوفاة نتيجة نوبة قلبية.
انتقلنا، في اليوم الثاني من ذلك المعسكر، إلى الساحة الرئيسية التي كانت تسف وجوهنا رمالها الحارة. ولكن ذلك لم يمنع من الهرولة، وكانت الخبطات على الأرض تتناسب ومقولة "حافظ أسد رمز الأمة العربية". وما هي إلا لحظات حتى عنت الوجوه بصمت ووجوم لمدير التدريب الجامعي الذي أثنى على بشار "بما هو أهله" ثم جعل يحدثنا عن إنجازات "الجيش الباسل" وانتصاراته، وحياة "الرفيق المناضل الركن الشهيد المهندس الفارس، باسل الأسد".
وروى كيف كان الأخير يؤدي التدريب الجامعي أسوةً بغيره من الطلاب، وكان يرفض الزيارات من أقربائه، ثم ختم قائلاً: ستبقى سورية حلقة في شوك الأعداء، ويقصد بها شوكة في حلق الأعداء.
لا أدري كيف قفزت تلك الأحداث إلى داخل قشرة خيالي المنهك بمشاهد بلدي الذبيح، فضلاً عن بعدي حتى عن زملاء الدراسة، بحكم ظروف حرب الأسد التي مزقت تلك الأيام. لكن ما جعلني أتذكر خطاب ضابط التدريب الجامعي، هو آخر هرطقات العميد في قوات تنظيم الأسد، المدعو سهيل الحسن، الذي تداول ناشطون مقطع فيديو له برفقة عدد من جنوده، حيث ظهر بثياب الواعظين، وتحدث عن أركان الإيمان والتي أولها الصدق وآخرها الجهاد في سبيل الله.
بين الجد والهزل، ليس سهيل الحسن أكثر من واجهة كرتونية لتنظيم بشار الأسد وجيشه المنهار، والدلائل في ذلك كثيرة وآخرها تراشق اتهامات الخيانة بين القوات الصديقة والرديفة والحليفة على خلفية مقتل عشرات منها على جبهة إدارة المركبات العسكرية في حرستا في ريف دمشق. وما تبعها من أسر آخرين من تلك القوات في الخوين في ريف إدلب، ثم ما كشفه بعض المفرج عنهم من فرع الأمن السياسي في دمشق، أن النظام يفاوض المعتقلين في الفرع على إطلاق سراحهم مقابل القتال على الجبهات ضد الشعب السوري، فطبيعي أن نفهم حرص النظام على شخصية تروجه، مثل سهيل الحسن الذي يجمّل وجه قواته المتردية بما يخدم بروباغندا الانتصار التي يسعى الأسد لتوظيفها وإنجاحها أكثر من تقدم قواته ميدانياً على الأرض.
ويهدف النظام من شخصية سهيل الحسن ونظرياته إلى صرف أنظار الموالين عن واقعهم المأساوي إلى وهم نصر خارجي، فالأرقام الآتية من الساحل لا تجامل أحداً، وخصوصا حين نتكلم عن ثلاثمئة ألف قتيل من طائفة النظام ويزيدون. وزاد النظام على ذلك أن استخف بالموالين وذوي القتلى، حين كرّمهم بساعة حائط وصندوق برتقال. لذلك نفهم جلياً حرص النظام على من يزين عمله ليراه الموالون حسناً، وهذا يقود، بطبيعة الحال، إلى معرفة سبب خروج رئيس التنظيم بشار الأسد من مخبئه في دمشق إلى جرحى قواته في حمص والساحل، ويصب ذلك كله في سياق الحرب الإعلامية ضد الشعب السوري، والتي يشكل سهيل الحسن رأس حربة وقوة ضاربة فيها.
سينتهي مصير سهيل الحسن، كما انتهى سفاح اللاجئين عصام زهر الدين، سواء بعبوة ناسفة أم انتحاراً بثلاث طلقات في الرأس! (كما يقول النظام) حين يتخلص من أدوات إجرامه، مثل غازي كنعان ورستم غزالة، وأخيراً مدير العسف والجرم والجور والشطط في سجن صيدنايا العميد الركن محمود معتوق، الذي تنوعت الروايات الرسمية بشان مقتله ما بين القتال في أثناء "خدمة الوطن" والوفاة نتيجة نوبة قلبية.
مقالات أخرى
18 يناير 2018
07 يناير 2018
13 سبتمبر 2017