30 يناير 2018
صلاة الاستسقاء والقائد التاريخي
كاظم البرجس (سورية)
يقول جيمي كارتر في مذكراته "السياسة ثاني أقدم مهنة في التاريخ بعد مهنة الدعارة، وتشتركان في أسلوب واحد في التسويق". فكما أن العاهرة تسعى إلى اصطياد الزبائن، كذلك يسعى بشار الأسد إلى العزف على كل الممكنات، لتعويم نفسه على أنقاض سورية.
آخر أساليب الأسد "الناعمة" لتقديم نفسه "بشارة خير وبركة للسوريين"، أن طلب من القائمين على ما بقي من مساجد سورية التي لم تدمرها طائراته بعد، القيام بصلاة الاستسقاء يوم الجمعة الماضي، بالتزامن مع منخفض جوي ضرب سورية في اليوم التالي.
كذلك ذكّر البيان بآداب صلاة الاستسقاء وهي صيام ثلاثة أيام وأداء الحقوق والإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم!
نعم، وبكل فجاجة، يؤكد البيان على أداء الحقوق والصلاة والصيام. جميلة هذه الأمور فيما لو طبقت، كجمال اسم حزب البعث وحزب الله والجبهة الوطنية التقدمية ومجلس الشعب. جميلة تلك المبادئ، لكنها تظهر قبح صاحبها وانفصامه عن الواقع، فالنظام الجاثم على صدور السوريين منذ أزيد من نصف قرن يسلبهم حقوقهم وحياتهم، ويطالب بأداء الحقوق. النظام البرميلي الذي يمطر بكل الأسلحة الثقيلة مساجد سورية ومدارسها وبيوتها ويحولها خرائب يدعو إلى صلاة الاستسقاء، النظام الذي يمنع الصلاة ويضع المصلين ومرتادي المساجد على القوائم السوداء يطلب الصلاة، قلبه عامر بالإيمان.
من أساليب الطغاة أن يظهر أحدهم حرصه على التشاور في أمور البلاد، ليظهر نفسه متقبلا رأي الآخر والمرحب بمشاركته، فهذا فرعون مصر يستشير قومه في قتل موسى عليه السلام، وهو الذي يقتل أطفال بني إسرائيل من دون موافقتهم، كذلك الحال بالنسبة لبشار الأسد الذي يقول للسوريين: "لا أريكم إلا ما أرى"، يطالبهم بالمشاركة في أمر من أمور البلاد، وكأن لهذه الأيدي والألسن دورا أخيرا، أي التصفيق والهتاف له.
استرعى اهتمامي هذا الأمر، فقادني لمشاهدة خطبة الجمعة التي بثها إعلام الأسد في مسجد بني أمية الكبير في دمشق المحتلة، شاهدت الشيخ مأمون رحمة، لهج وابتهل بالدعاء إلى الله تعالى أن يحفظ بشار الأسد وجيشه (وهذا استثمار آخر لدعوة صلاة الإستسقاء) ولم يفته الحديث عن المؤامرة الكونية و"النصر على الإرهاب". وكان لافتاً أن الحضور خلا من شباب يافعين من سن البلوغ، حتى ما دون الأربعين عاماً. حتماً كي لا يساقوا إلى الخدمة العسكرية، وتتخطفهم مخابرات الأسد التي تنتظرهم عند أبواب المساجد، ثم دعا الشيخ الله أن يعمّ الخير على سورية، ولا أدري هل الغوطة الشرقية مسقط رأسه التي تحرق ببراميل الأسد وصواريخ روسيا الإرتجاجية، جزء من سورية التي يريد لها الخير أم أنها مطرودة من رحمة بشار؟
من البيان إلى صلاة الإستسقاء، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي نزول المطر. نعم نزل المطر، لكنه ليس من ثمرات القائد التاريخي، ودعوته المباركة التي كانت أسلوباً من مخابراته وذراعيه (الإعلام والأوقاف)، لتقديم نفسه "رئيس الضرورة وضرورة الرئيس"، الرئيس الذي يمتلك سورية براً وبحراً وجواً وما تحت الثرى. لكن ذلك الأسلوب المبتذل في الواقع نوع من الخداع وخطب ود الموالين والتلاعب بعقولهم وتدجينهم.
السوريون اليوم، وبعد سبع سنوات عجاف، إذا كانت لهم دعوة صادقة، فستكون أن تفتح أبواب السماء على شبيحة الأسد بحجارة من سجيل تمزقهم كخيمهم المهترئة.
آخر أساليب الأسد "الناعمة" لتقديم نفسه "بشارة خير وبركة للسوريين"، أن طلب من القائمين على ما بقي من مساجد سورية التي لم تدمرها طائراته بعد، القيام بصلاة الاستسقاء يوم الجمعة الماضي، بالتزامن مع منخفض جوي ضرب سورية في اليوم التالي.
كذلك ذكّر البيان بآداب صلاة الاستسقاء وهي صيام ثلاثة أيام وأداء الحقوق والإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم!
نعم، وبكل فجاجة، يؤكد البيان على أداء الحقوق والصلاة والصيام. جميلة هذه الأمور فيما لو طبقت، كجمال اسم حزب البعث وحزب الله والجبهة الوطنية التقدمية ومجلس الشعب. جميلة تلك المبادئ، لكنها تظهر قبح صاحبها وانفصامه عن الواقع، فالنظام الجاثم على صدور السوريين منذ أزيد من نصف قرن يسلبهم حقوقهم وحياتهم، ويطالب بأداء الحقوق. النظام البرميلي الذي يمطر بكل الأسلحة الثقيلة مساجد سورية ومدارسها وبيوتها ويحولها خرائب يدعو إلى صلاة الاستسقاء، النظام الذي يمنع الصلاة ويضع المصلين ومرتادي المساجد على القوائم السوداء يطلب الصلاة، قلبه عامر بالإيمان.
من أساليب الطغاة أن يظهر أحدهم حرصه على التشاور في أمور البلاد، ليظهر نفسه متقبلا رأي الآخر والمرحب بمشاركته، فهذا فرعون مصر يستشير قومه في قتل موسى عليه السلام، وهو الذي يقتل أطفال بني إسرائيل من دون موافقتهم، كذلك الحال بالنسبة لبشار الأسد الذي يقول للسوريين: "لا أريكم إلا ما أرى"، يطالبهم بالمشاركة في أمر من أمور البلاد، وكأن لهذه الأيدي والألسن دورا أخيرا، أي التصفيق والهتاف له.
استرعى اهتمامي هذا الأمر، فقادني لمشاهدة خطبة الجمعة التي بثها إعلام الأسد في مسجد بني أمية الكبير في دمشق المحتلة، شاهدت الشيخ مأمون رحمة، لهج وابتهل بالدعاء إلى الله تعالى أن يحفظ بشار الأسد وجيشه (وهذا استثمار آخر لدعوة صلاة الإستسقاء) ولم يفته الحديث عن المؤامرة الكونية و"النصر على الإرهاب". وكان لافتاً أن الحضور خلا من شباب يافعين من سن البلوغ، حتى ما دون الأربعين عاماً. حتماً كي لا يساقوا إلى الخدمة العسكرية، وتتخطفهم مخابرات الأسد التي تنتظرهم عند أبواب المساجد، ثم دعا الشيخ الله أن يعمّ الخير على سورية، ولا أدري هل الغوطة الشرقية مسقط رأسه التي تحرق ببراميل الأسد وصواريخ روسيا الإرتجاجية، جزء من سورية التي يريد لها الخير أم أنها مطرودة من رحمة بشار؟
من البيان إلى صلاة الإستسقاء، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي نزول المطر. نعم نزل المطر، لكنه ليس من ثمرات القائد التاريخي، ودعوته المباركة التي كانت أسلوباً من مخابراته وذراعيه (الإعلام والأوقاف)، لتقديم نفسه "رئيس الضرورة وضرورة الرئيس"، الرئيس الذي يمتلك سورية براً وبحراً وجواً وما تحت الثرى. لكن ذلك الأسلوب المبتذل في الواقع نوع من الخداع وخطب ود الموالين والتلاعب بعقولهم وتدجينهم.
السوريون اليوم، وبعد سبع سنوات عجاف، إذا كانت لهم دعوة صادقة، فستكون أن تفتح أبواب السماء على شبيحة الأسد بحجارة من سجيل تمزقهم كخيمهم المهترئة.
مقالات أخرى
24 يناير 2018
18 يناير 2018
13 سبتمبر 2017