01 نوفمبر 2024
الإمارات في الحضن الإسرائيلي
حسمت الإمارات، على ما يبدو، أمرها في المجاهرة بالارتماء في الحضن الإسرائيلي، فبعد كل ما كان يحكى في التسريبات، وخلف الأبواب المغلقة، عن التنسيق بين أبوظبي وتل أبيب في مجالاتٍ كثيرة، ومنها ما له علاقة بالتجسّس الإلكتروني، بات التصريح في "حب إسرائيل" نهجاً لدى مسؤولين إماراتيين عديدين، ما يعكس التوجه العام لخيار هذه الدولة في تعاطيها مع القضايا العربية. مقال السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، في صحيفة يديعوت أحرونوت، لم يكن الخطوة الأولى، إذ سبقها الكثير من التمهيد، سواء عبر شخصيات مؤثرة في الداخل الإماراتي، أو عبر مسؤولين محسوبين على أبوظبي. لكن الخطير في ما ورد في مقال العتيبة هو إعلان الاصطفاف الكامل، بشكل واضح وصريح، إلى جانب الرؤية الإسرائيلية في ما يتعلق بفلسطين وقضيتها، وأولوية التطبيع مع الدول العربية.
في مقال العتيبة تأكيد لكل ما كان ينشر من معلومات في السابق عن التماهي الإماراتي، ومعه السعودي والبحريني والمصري، مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمعروفة إعلامياً باسم صفقة القرن. وما أورده العتيبة بالنص حول الرؤية الإماراتية لمصير السلطة الفلسطينية هو تماماً ما جاء في الوثيقة الإسرائيلية الأميركية، فالعتيبة، وما يمثله منصبه الرسمي الإماراتي، تحدث عن بناء "الثقة" مع إسرائيل تضمن لها علاقات مشتركة مع الدول العربية مقابل "حكم ذاتي موسع في فلسطين"، ما يعني عملياً إسقاط فكرة الدولة الفلسطينية التي كانت تنادي بها كل المبادرات الدولية، وحتى المبادرة العربية، والاصطفاف إلى جانب ما يراه نتنياهو أن أي كيان فلسطيني مرتقب، في حال حصل، سيكون "أقل من دولة".
أكثر من ذلك، ظهر العتيبة في حديثه عن مخطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية ناصحاً، وليس معارضاً لهذا المخطط، مشيراً إلى أضراره المستقبلية على إسرائيل، وهو موقف مشابه، أو حتى أقل، من أقطاب في الداخل الإسرائيلي، بينهم الشريك في الائتلاف الحكومي بيني غانتس، بل بدا العتيبة حريصاً على صورة إسرائيل في المجتمع الدولي أكثر من حرصه على ما سماه "حق الفلسطينيين في تقرير المصير"، من دون تحديد ما هو هذا المصير الذي أوضحه لاحقاً بفكرة "الحكم الذاتي الموسع".
اللافت أنه في اليوم نفسه لنشر مقال العتيبة، جاء الإعلان عن مشاركة وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في مؤتمر عبر تقنية الفيديو كونفرنس تنظمه اللجنة اليهودية الأميركية، وهي من دعاة الصهيونية العالمية، ما مثل تحرّكاً ممنهجاً من الإمارات لإعلان الاصطفاف إلى الجانب الإسرائيلي. وعلى الرغم من أنه من غير المعلوم ما سيتحدث عنه قرقاش في المؤتمر، لكن من الواضح إنه سيسير على نهج العتيبة ذاته في إشادته بالعلاقات مع إسرائيل، ونبذ ما سماه العتيبة "الإرهاب"، مشيراً بشكل صريح إلى حركة حماس وحزب الله.
هذه الفجاجة الإماراتية بالوقوف في الصف الإسرائيلي جاءت بعد مؤشراتٍ سابقةٍ عبّر عنها، على سبيل المثال، الرئيس السابق لشرطة دبي ضاحي خلفان، في تغريداتٍ عديدةٍ انتقدت العرب في استكثارهم على إسرائيل "أن تكون دولة"، أو في مهاجمته الفلسطينيين وأي شكل من أشكال المقاومة.
يبقى السؤال هو مبرّر التوقيت الذي اختارت فيه الإمارات أن تكشف علانية عن مواقفها الحقيقية، والذي يمكن وضعه في إطار ما يشهده الحلف الإماراتي في المنطقة من هزائم متعددة، سواء في اليمن أو في ليبيا، وحتى فشل الحصار على قطر، وسقوط الرهان على الروس والولايات المتحدة، فلم تجد أبوظبي إلا في إسرائيل "حليفاً" يتماشى مع توجهاتها.
أكثر من ذلك، ظهر العتيبة في حديثه عن مخطط إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية ناصحاً، وليس معارضاً لهذا المخطط، مشيراً إلى أضراره المستقبلية على إسرائيل، وهو موقف مشابه، أو حتى أقل، من أقطاب في الداخل الإسرائيلي، بينهم الشريك في الائتلاف الحكومي بيني غانتس، بل بدا العتيبة حريصاً على صورة إسرائيل في المجتمع الدولي أكثر من حرصه على ما سماه "حق الفلسطينيين في تقرير المصير"، من دون تحديد ما هو هذا المصير الذي أوضحه لاحقاً بفكرة "الحكم الذاتي الموسع".
اللافت أنه في اليوم نفسه لنشر مقال العتيبة، جاء الإعلان عن مشاركة وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في مؤتمر عبر تقنية الفيديو كونفرنس تنظمه اللجنة اليهودية الأميركية، وهي من دعاة الصهيونية العالمية، ما مثل تحرّكاً ممنهجاً من الإمارات لإعلان الاصطفاف إلى الجانب الإسرائيلي. وعلى الرغم من أنه من غير المعلوم ما سيتحدث عنه قرقاش في المؤتمر، لكن من الواضح إنه سيسير على نهج العتيبة ذاته في إشادته بالعلاقات مع إسرائيل، ونبذ ما سماه العتيبة "الإرهاب"، مشيراً بشكل صريح إلى حركة حماس وحزب الله.
هذه الفجاجة الإماراتية بالوقوف في الصف الإسرائيلي جاءت بعد مؤشراتٍ سابقةٍ عبّر عنها، على سبيل المثال، الرئيس السابق لشرطة دبي ضاحي خلفان، في تغريداتٍ عديدةٍ انتقدت العرب في استكثارهم على إسرائيل "أن تكون دولة"، أو في مهاجمته الفلسطينيين وأي شكل من أشكال المقاومة.
يبقى السؤال هو مبرّر التوقيت الذي اختارت فيه الإمارات أن تكشف علانية عن مواقفها الحقيقية، والذي يمكن وضعه في إطار ما يشهده الحلف الإماراتي في المنطقة من هزائم متعددة، سواء في اليمن أو في ليبيا، وحتى فشل الحصار على قطر، وسقوط الرهان على الروس والولايات المتحدة، فلم تجد أبوظبي إلا في إسرائيل "حليفاً" يتماشى مع توجهاتها.