08 نوفمبر 2024
التحلّل من "أوسلو"؟
بين فترة وأخرى، تخرج علينا التصريحات الفلسطينية التي تلوّح بـ "معاقبة" إسرائيل جراء عدم التزامها بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين. أوراق كثيرة يلوّح بها مسؤولون فلسطينيون، لعل أبرزها التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وآخرها "التحلل من اتفاقيات أوسلو"، بحسب ما صرح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو سيف، الذي أشار إلى أربعة مطالب، تم وضعها أمام الجانب الإسرائيلي، قبل البدء بتنفيذ التهديد سالف الذكر.
بغضّ النظر عن مدى حقيقة ما أعلنه أبو سيف، وما إذا كان يمثل فعلياً ما تفكر فيه السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، الممثلتان بشخص الرئيس محمود عباس، وخياراته، لنتذكّر كم التهديدات والتلويحات السابقة بإجراءات مماثلة، والتي لم تر النور، وبقيت في إطار تصريحات ملء الفراغ السياسي القائم على الساحة الفلسطينية.
كم من مرة أطلق المسؤولون السياسيون والأمنيون مواقف رنانة عن وقف التنسيق الأمني، بل أكثر من ذلك، تم فعلياً الإعلان عن أن التنسيق الأمني مع الاحتلال توقف، وذلك قبل انطلاق الهبة الفلسطينية الأخيرة. هلل الجميع لهذا التصريح، واعتبر خرقاً كبيراً، وبدءأ تحوُّلِ السلطة إلى الفعل بدل القول، غير أن الفرحة لم تستمر طويلاً، إذ صُدم الفلسطينيون بتصريح لمسؤول المخابرات، ماجد فرج، في مقابلة مع مجلة ديفنس نيوز الأميركية نشرت في يناير/كانون الثاني الماضي، يتفاخر فيه بأن قوات الأمن الفلسطينية أحبطت 200 هجوم ضد الإسرائيليين منذ بداية الهبة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يصدم فيها تصريح فلسطيني الاتجاه العام في الشارع، لكنها ربما كانت الأقسى، بعدما جاءت وسط أوهام وقف التنسيق، المتزامن مع بدء ما يشبه صحوة فلسطينية على الأرض، ضاقت ذرعاً بكل الخيارات السياسية للسلطة، وظنت لحظاتٍ أن هذه السلطة بدأت تتناغم، ولو قليلاً، مع نبض الضفة الغربية تحديداً.
غير أن حسابات الشارع لا تتطابق مع تلك التي توضع في المقاطعة، والتي لا تلبث ترمي المشاريع السياسة للإيحاء بأن هناك خيارات كثيرة متاحة أمام السلطة للخروج من نفق وفاة العملية السياسية. "التحلل من أوسلو" ليس أول هذه المشاريع الوهمية، ولن يكون آخرها، سبق ذلك "القنبلة" التي روجت السلطة أن أبو مازن سيفجرها في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي ذهبت تقديرات بأنها ستكون إعلان وفاة أوسلو وحل السلطة، غير أن القنبلة كانت أقل من صوتية، ولم تصل إلى الحد الأدنى المأمول. ولاحقاً أيضاً تم التحضير لـ "خطاب هام" سيلقيه عباس، ودارت التأويلات في الإطار نفسه الخاص بحل السلطة، وأيضاً لم يكن المضمون متوافقاً مع الآمال.
أحداث ومعطيات كثيرة ممكن سردها للإشارة إلى أن التصريح الفلسطيني الجديد لن يخرج عن سياق ما سبقه من مواقف، ولا سيما أن القناعة باتت راسخةً بأن مثل هذه المشاريع السياسية أكبر بكثير من قدرة السلطة على تنفيذها، هذا في حال افترضنا أنها راغبة في ذلك، فبغض النظر عن أن مثل هذا القرار يحتاج إلى أضواء خضراء إقليمية ودولية، لا شك في أن السلطة نفسها غير قادرة على التحلل من اتفاقات أوسلو التي دخلت في مفاصل الحياة اليومية الفلسطينية على مدار السنوات الثلاث عشرة الماضية، وباتت بالأساس مبرراً وجودياً للمؤسسات الفلسطينية التي ما عادت قادرةً على العيش خارج إطار العملية السياسية.
قد يكون "التحلل من أوسلو" عنواناً عريضاً لخبر جاذب للقراء، لكن مفاعيله تنتهي تلقائياً مع قراءة آخر فقرة في مثل هذا الخبر. قراءة لا بد أن تترافق مع بسمةٍ ساخرةٍ مستمدةٍ من الكم الكبير من التجارب السابقة.
بغضّ النظر عن مدى حقيقة ما أعلنه أبو سيف، وما إذا كان يمثل فعلياً ما تفكر فيه السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، الممثلتان بشخص الرئيس محمود عباس، وخياراته، لنتذكّر كم التهديدات والتلويحات السابقة بإجراءات مماثلة، والتي لم تر النور، وبقيت في إطار تصريحات ملء الفراغ السياسي القائم على الساحة الفلسطينية.
كم من مرة أطلق المسؤولون السياسيون والأمنيون مواقف رنانة عن وقف التنسيق الأمني، بل أكثر من ذلك، تم فعلياً الإعلان عن أن التنسيق الأمني مع الاحتلال توقف، وذلك قبل انطلاق الهبة الفلسطينية الأخيرة. هلل الجميع لهذا التصريح، واعتبر خرقاً كبيراً، وبدءأ تحوُّلِ السلطة إلى الفعل بدل القول، غير أن الفرحة لم تستمر طويلاً، إذ صُدم الفلسطينيون بتصريح لمسؤول المخابرات، ماجد فرج، في مقابلة مع مجلة ديفنس نيوز الأميركية نشرت في يناير/كانون الثاني الماضي، يتفاخر فيه بأن قوات الأمن الفلسطينية أحبطت 200 هجوم ضد الإسرائيليين منذ بداية الهبة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يصدم فيها تصريح فلسطيني الاتجاه العام في الشارع، لكنها ربما كانت الأقسى، بعدما جاءت وسط أوهام وقف التنسيق، المتزامن مع بدء ما يشبه صحوة فلسطينية على الأرض، ضاقت ذرعاً بكل الخيارات السياسية للسلطة، وظنت لحظاتٍ أن هذه السلطة بدأت تتناغم، ولو قليلاً، مع نبض الضفة الغربية تحديداً.
غير أن حسابات الشارع لا تتطابق مع تلك التي توضع في المقاطعة، والتي لا تلبث ترمي المشاريع السياسة للإيحاء بأن هناك خيارات كثيرة متاحة أمام السلطة للخروج من نفق وفاة العملية السياسية. "التحلل من أوسلو" ليس أول هذه المشاريع الوهمية، ولن يكون آخرها، سبق ذلك "القنبلة" التي روجت السلطة أن أبو مازن سيفجرها في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي ذهبت تقديرات بأنها ستكون إعلان وفاة أوسلو وحل السلطة، غير أن القنبلة كانت أقل من صوتية، ولم تصل إلى الحد الأدنى المأمول. ولاحقاً أيضاً تم التحضير لـ "خطاب هام" سيلقيه عباس، ودارت التأويلات في الإطار نفسه الخاص بحل السلطة، وأيضاً لم يكن المضمون متوافقاً مع الآمال.
أحداث ومعطيات كثيرة ممكن سردها للإشارة إلى أن التصريح الفلسطيني الجديد لن يخرج عن سياق ما سبقه من مواقف، ولا سيما أن القناعة باتت راسخةً بأن مثل هذه المشاريع السياسية أكبر بكثير من قدرة السلطة على تنفيذها، هذا في حال افترضنا أنها راغبة في ذلك، فبغض النظر عن أن مثل هذا القرار يحتاج إلى أضواء خضراء إقليمية ودولية، لا شك في أن السلطة نفسها غير قادرة على التحلل من اتفاقات أوسلو التي دخلت في مفاصل الحياة اليومية الفلسطينية على مدار السنوات الثلاث عشرة الماضية، وباتت بالأساس مبرراً وجودياً للمؤسسات الفلسطينية التي ما عادت قادرةً على العيش خارج إطار العملية السياسية.
قد يكون "التحلل من أوسلو" عنواناً عريضاً لخبر جاذب للقراء، لكن مفاعيله تنتهي تلقائياً مع قراءة آخر فقرة في مثل هذا الخبر. قراءة لا بد أن تترافق مع بسمةٍ ساخرةٍ مستمدةٍ من الكم الكبير من التجارب السابقة.