سلطت العتمة الضوء بشكل مباشر على مساحة الرفض الشعبي الواسع للاتفاقية التي ستجعل من التطبيع مع العدو فعلاً قسرياً يساق إليه الشعب بأكمله دون منحه حق الاختيار. وقالت الأغلبية الصامتة كلمتها للمرة الأولى منذ زمن عندما أطفأت أنوار بيوتها مصرحة بشكل ضمني "لا للتطبيع"، وهاتفة دون أن يعلو صوتها "غاز العدو احتلال".
النجاح منقطع النظير للمبادرة أزعج الحكومة أضعافاً مضاعفة من الإزعاج الذي تسببت فيه مئات المسيرات والاعتصامات والفعاليات الرافضة للاتفاقية والتي لم تنقطع منذ الكشف عنها في سبتمبر/أيلول 2014. ردة الفعل الرسمية المنزعجة من المبادرة عبّر عنها نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، جواد العناني، الذي حاول بث روح الإحباط في نفوس المواطنين المنتشين بالإنجاز الذي تحقق بتقليله من أثر إطفاء أنوار المنازل على تكلفة الكهرباء.
قدم العناني، العائد من مشاركته كممثل للحكومة في جنازة الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، دون أن تبدو على ملامحه آثار الخجل، تفسيرات تقنية في مواجهة مبادرة سياسية، فشرح للمواطنين عن الأجهزة الأكثر استهلاكاً للكهرباء والتي ليس من بينها مصابيح الإنارة. شركة الكهرباء الوطنية عبّرت أيضاً عن انزعاجها من المبادرة من خلال رفض الكشف لوسائل الإعلام كم بلغ الحمل الكهربائي بالتزامن مع تنفيذ المبادرة، حتى لا تثبت في نفوس المواطنين نشوة الانتصار بشكل يدفعهم للذهاب إلى ما هو أبعد. جميع الدلائل تشير إلى أن الغالبية الصامتة انتصرت، وأن التغيير بات اليوم ممكناً بكبسة زر.