الحراك الجزائري... عام مضى والشعب يسأل عن حقوقه المعيشية

الجزائر

حمزة كحال

avata
حمزة كحال
22 فبراير 2020
85DFDED5-A7DD-4A05-B8C3-D4567D08A4A0
+ الخط -
تدور عقارب الزمن للحراك الشعبي في الجزائر، وتطوي مع حلول 22 فبراير/شباط، السنة الأولى من الهبة الشعبية التي سرّعت سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأعقبه تهاوي أسماء شكلت "الكارتل المالي" والواجهة السياسية لنظام بوتفليقة.

فيما لا يزال الشارع الجزائري يتحرى الأموال المنهوبة التي وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتحصيلها. والأهم من ذلك، ينتظر تحسن ظروفه المعيشية تحت سقف المطالب التي خرج من أجلها إلى الشارع قبل عام.

"ماذا تغير؟" سؤال بات على لسان الجزائريين، ويُطرح مع حلول كل جمعة من الجمعات الـ 52 التي خرج فيها المواطنون إلى الشارع، بحثا عن تغيير نحو الأحسن في البلاد التي شهدت في ظرف سنة، حكومتين وانتخاب رئيس للبلاد، بعد مرحلة انتقالية دامت قرابة 10 أشهرٍ. فالجزائريون لا يزالون يتحسسون التغيير سواء في نظام الحكم، أو على الأقل في يومياتهم، التي باتت مثقلة بغلاء المعيشة الذي يأكل مما تبقى في جيوبهم المثقوبة.

استياء ومطالب
يقول المواطن أحمد ضباك، عامل في أحد المصانع العمومية لـ "العربي الجديد": "نعم ذهب بوتفليقة، وسُجنت العصابة، وجاء رئيس جديد، لكن لم يتغير الكثير في حياة المواطنين العاديين. لا يزال العامل يعمل بمرتب ضعيف وهناك من يعمل من دون راتب، ولا يزال العديد ممن يعملون في المراكز العليا يتلقون رواتب من دون إنتاج، ولا تزال المعيشة ملتهبة، والأسعار تكوي جيوبنا".

ويضيف أحمد: "في 22 فبراير 2019، خرجنا من أجل إسقاط نظام بوتفليقة، لكن جملنا شعارات أيضاََ من أجل الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، بعدما نهب النظام السابق أموالنا، لكن يبدو أننا عدنا إلى الصفر، كما لو أننا لم نتحرك أصلا".

وكان الجزائريون قد استقبلوا سنة 2020، بدخول حزمة ضرائب جديدة حيز التنفيذ، حملت 13 ضريبة تمس جيوبهم بطريقة مباشرة، ما أثار استياء المواطنين خاصة أصحاب الدخل المتوسط والضعيف، الذين كانوا وقود "الحراك الشعبي"، ما جعلهم يتمسكون أكثر بـ "انتفاضة العيش الكريم" كما يسميها نقابيو الجزائر.

وفي السياق، يقول خالد بن دعاس متقاعد ونقابي سابق، إن "الجزائريين خرجوا قبل سنة ضد الظلم وغياب العدالة الاجتماعية، لكن للأسف لا تزال الأمور كما كانت عليه قبل الحراك، إذ إن العامل البسيط يدفع الضرائب باقتطاعها مباشرة من راتبه، ويدفع بما يبقى له من دنانير فاتورة النهب الذي عاشته البلاد لسنوات".

ويتابع أن "جل مظاهر البيروقراطية والظلم والمحسوبية والفساد التي ميزت عهد بوتفليقة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، لذلك سيبقى الشارع يضغط حتى يحقق ما يريده، لأن القدر سيستجيب لنا عاجلا أم أجلا".

سقوط العصابة
وإذا كانت من ثمارٍ "حلوة" للحراك الشعبي في الجزائر، قطفها الجزائريون وفرحوا بها، فهي سقوط ما بات يصطلح عليها بـ "العصابة"، أكثر من 25 رجل أعمال و15 وزيرا و 10 جنرالات، بالإضافة إلى مئات الموظفين الحكوميين وفي البنوك، تم سجنهم طيلة أشهر الحراك الشعبي الـ12، بعدما أثبتت التحقيقات تورطهم في قضايا فساد ضخمة، كبدت الخزينة العمومية عشرات المليارات من الدولارات.

وتُواصل، عشية حلول الذكرى الأولى لـ "الحراك" الشعبي، حملة مكافحة الفساد قطف رؤوس وأسماء لطالما اختزل فيها نظام بوتفليقة، آخرها كان العيد بن عمر، الذراع اليمنى سابقا لرجل الأعمال علي حداد، ومالك مجمع بن عمر للعجائن، ورئيس غرفة التجارة والصناعة سابقا، الذي طاولته يد التحقيقات.

وقد رفع الستار عن فسادٍ في مصانع العجائن، لا يقل حجما عن فساد مصانع تركيب السيارات، تورط فيه وزراء ومديرو بنوك، يُنذر ببداية سقوط "بارونات المطاحن" ومصانع العجائن التي استفادت من القمح المدعم من خزينة الدولة، واشترته بقروض بنكية ضخمة، لم ير منها الجزائريون إلا أسعارا ملتهبة على رفوف المتاجر.

وعلى الجبهة ذاتها، تواصل تحقيقات الفضاء الجزائري تغلغلها وتصل إلى مكاتب "سوناطراك"، التي سيكون رئيس مجلس إدارتها سابقا ووزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، المثير للجدل والفار من الجزائر، على موعد مع جلسة، للإجابة على أسئلة طرحت ولا تزال تُطرح عن علاقته بقضايا الفساد.


ويتحرك القضاء بوتيرة متسارعة عشية "سنوية" الحراك الشعبي، وبداية فتحها لملفات أسماء ظل وجودها خارج مجال التحقيقات، يطرح علامات استفهام حول إمكانية وجود "عدالة انتقامية وانتقائية"، تترجم تمسك السلطة الحاكمة بمحاسبة "العصابة"، كطريقة للثبات في الحكم.

استرجاعٌ للأموال
لم يكن أشد المتفائلين من الجزائريين الذين خرجوا إلى الشارع منذ عام، يتوقع أن يرى أسماء مثل علي حداد، الإخوة كونيناف، أو أحمد أيحيى وعبد المالك سلال، المقربين من عائلة بوتفليقة، أو عبد الغني هامل وطاحكوت وعولمي مراد، تذهب تباعاً إلى سجن "الحراش". ورغم تطلع الجزائريين إلى محاسبة من نهبوا مالهم، إلا أنهم يتطلعون أكثر إلى استرجاع ما تم نهبه، والآليات التي ستعتمد لتحقيق هذا المطلب.

وعادت قضية استرجاع الأموال المنهوبة لتتصدر واجهة الأحداث في الجزائر، بالموازاة مع وصول عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم، بعدما وعد مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية بأنه سيجعل من إعادة أموال الجزائريين المسروقة، غايته الأولى، ما جعل الجزائريين ينتظرون ترجمة هذا الوعد بشغف كبير، بلغ حد فقدان الصبر، والتشكيك، بعد حمل سنة 2020 لأعباء جديدة على جيوبهم المنهكة من غلاء المعيشة.

وبعيدا عن بساطة الأقوال، وسهولة الكلام، يرى رجال القانون، أن عملية استرجاع الأموال ليست بالسهولة التي يتوقعها الشارع الجزائري. ويقول المحامي المختص في القضاء الدولي، عبد المجيد متليلي، إن "الإجراءات معقدة في ما يتعلق باسترجاع الأموال المهربة، خصوصاً في بعض الدول التي توصف بالجنات الضريبية، بسبب عدم وجود اتفاقات ثنائية مع الجزائر في مجال تسليم المطلوبين واسترجاع الأموال المهربة، إلا أن الاتفاقات الدولية التي وقّعت عليها الجزائر في مجال محاربة الفساد قد تسهل عملية استرجاع هذه الأموال".

ويعتبر الحقوقي الجزائري في حديث مع "العربي الجديد"، أن "استرداد الأموال المنهوبة من الخارج يُعتبر عملية صعبة لأسباب عدة، أبرزها أن حصر عائدات المتورطين، وتحديد مكان وجودها، لن يكونا بالأمر السهل، خصوصاً أن معظمها مودعة في البنوك الخارجية، التي تلتزم غالبيتها بالسرية، وأخرى ترفض كشف المعلومات المتعلقة بزبائنها".

ذات صلة

الصورة
فارسي سيكون إضافة قوية للمنتخب الجزائري (العربي الجديد/Getty)

رياضة

يشهد معسكر المنتخب الجزائري الجاري حالياً في مركز سيدي موسى بالعاصمة الحضور الأول للظهير الأيمن لنادي كولومبوس كرو الأميركي محمد فارسي (24 عاماً).

الصورة
إيمان خليف تعرضت لحملة عنصرية أولمبياد باريس 2024 (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصل الوفد الجزائري، أمس الاثنين، إلى البلاد بعد مشاركته في أولمبياد باريس 2024، وكانت الأنظار موجهة بشكل أكبر صوب الثلاثي المتوج بالميداليات.

الصورة
جمال سجاتي بعد تتويجه بالميدالية البرونزية على ملعب ستاد فرنسا، 10 أغسطس/آب 2024 (Getty)

رياضة

اجتمع عدد من سكان بلدية السوقر في مقاطعة تيارت غربي الجزائر في صالة متعددة الرياضات، وهناك نصبوا شاشة عملاقة من أجل متابعة ابن منطقتهم جمال سجاتي (25 عاماً).

الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
المساهمون