لم يتأخّر المترشّح الرئاسي، رئيس حركة "نداء تونس"، الباجي قايد السبسي، في رفض تلبية دعوة منافسه في الدورة الرئاسية الثانية، الرئيس الحالي، المنصف المرزوقي، إلى مناظرة تلفزيونيّة ومواجهته مباشرة أمام التونسيين، واصفاً إياها بـ"مبارزة كباش"، في وقت تثير فيه الدعوة ردود فعل متباينة.
ويصف القيادي في حزب المؤتمر، الذي ينتمي إليه المرزوقي، سمير بن عمر لـ"العربي الجديد"، من "يهرب من المناظرة بأنّه شخص عاجز، ويخاف من المواجهة، في حين أنّ من يدعو إليها، هو شخص قادر على تحدّي الخصوم". ويوضح أنّ المناظرة التلفزيونيّة "تحصل في أعتى الديمقراطيات، خصوصاً عندما يتأهّل المترشّحون إلى الدور الثاني"، لافتاً إلى أنّ أهميتها في "تقييم المترشحين والمساهمة في التعريف بالشخص الأجدر بقيادة المرحلة المقبلة، ناهيك عن كونها تُشكّل فرصة للمتنافسين، للتعريف أكثر بهما، بعيداً عن مطرقة الإعلام والتشويش".
وفي موازاة تشديده على أن تونس لا تزال "حديثة العهد في الديمقراطيّة، يجب علينا أن نخطو خطوات نحو استماع الآخر، بغضّ النظر عن الحسابات الأخرى"، من جهته يدعو القيادي في حركة "نداء تونس"، الأزهر العكرمي "من يتحدثون عن الأهميّة التي تكتسبها مناظرات مماثلة في الانتقال الديمقراطي، إلى أن يعيدوا النظر في الواقع السياسي". واصفاً "الحديث عن خوف من المواجهة"، بأنّه "مجرّد كلام صبيان ولا يستحقّ الرد".
في موازاة ذلك، يذكّر المحلّل وأستاذ العلوم السياسيّة، إبراهيم العمري، "بحصول مناظرة بين ثلاثة مترشّحين بثّتها إحدى القنوات الخاصة في الانتخابات التشريعيّة"، لافتاً إلى أنّها "لم تكن بالمعايير المطلوبة، لأنّ المناظرة لا تعتمد على مجرّد إبداء الرأي بل تقوم على التفاعل بين المترشحين، وهو ما يظهر بوضوح في التجارب الغربيّة، الأكثر خبرة في المناظرات".
ويوضح العمري لـ"العربي الجديد"، أنّ "المناظرات بين المترشحين في وسائل الإعلام، تُعدّ من التقاليد الديمقراطيّة المعمول بها في دول عدّة، وهي فرصة ليبرز كل منافس برامجه وأهدافه ويعرض أفكاره مقارنة مع الطرف الآخر"، لافتاً إلى أنّ "تونس تتمرّن على الديمقراطية، وبعد أن نجحت في تجربة الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة، فإنّ الدعوة إلى المناظرات تندرج في إطار التمرّس على الديمقراطيّة".
ولا يرى العمري مبرراً لخشية بعضهم من المناظرات، إذ إنّ "الشعب التونسي يتمتّع بقدر من النضج، على الرغم من احتدام التجاذبات والنقاش بين مرشحي الرئاسة"، من دون أن يستبعد أن يكون هدف المرزوقي من الدعوة، قبل صدور النتائج الرسميّة "محاولة إحراج خصمه".
ويُعرب العمري عن اعتقاده بأنّه "لو جرت المناظرة بهدوء، واتسمت بدرجة عالية من الأخلاق السياسيّة، فسيكون لها دور إيجابي في حسم الأمر وتحديد اختيار الأفضل، في حين أنّ لجوء أحد المترشحين إلى التقليل من شأن الخصم وشتمه، يقلّل من شأن الانتخابات التي جرت في مستوى عالٍ".
ولا ينكر العمري أنّ "مناظرات مماثلة تلعب دوراً حاسماً في اتخاذ المتردّدين قرارهم النهائي، لأنّهم في معظم الحالات، يحدّدون توّجهاتهم ويرجّحون خيارهم، انطلاقاً من المترشّح الذي سيقنعهم أكثر".