وتواجه الحكومة السودانية موجة من التساؤلات بشأن الجدوى الاقتصادية من توقيعها على اتفاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية، الذي يتوقع أن يحول القارة السمراء، إلى أكبر منطقة تجارة حرة من حيث الدول المشاركة منذ تشكيل منظمة التجارة العالمية في 1995.
وفي مارس/آذار الماضي، احتضنت العاصمة الرواندية كيغالي، قمّة أفريقية استثنائية، جرى خلالها توقيع 50 دولة على اتفاقية إطلاق منطقة التجارة الأفريقية الحرة.
وتهدف الاتفاقية إلى إزالة الحواجز التجارية، وتعزيز التجارة بين دول القارة، حيث تستطيع المنطقة خلق سوق أفريقية تضم أكثر من 1.2 مليار شخص، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 2.5 تريليون دولار.
ونقلت "الأناضول" عن خبراء اقتصاديين محليين، تقليلهم من الجدوى الاقتصادية للتكتل التجاري الجديد بالنسبة للسودان في الوقت الراهن، رغم أن الاتفاق يلغي التعرفة الجمركية تدريجيا على التجارة بين الدول الأعضاء لتسهيل العمليات التجارية.
نقاط ضعف
قال الخبير الاقتصادي، عصام بوب، إن "العديد من الدول الأفريقية التي أقرت الاتفاق ومن بينها السودان، لديها نقاط ضعف، متمثلة في عدم إنتاجها لبضائع ذات جودة تنافسية عالية".
وأشار إلى أن البضائع ذات القيمة العالية التي يمكن أن تستفيد منها الدول في مثل هذه التكتلات الاقتصادية، غير موجودة في الأساس بالسودان، إضافة إلى عدم وجود فائض إنتاج محلي ليتم توجيهه للتصدير".
وزاد: "لا تفيد التجارة في صورتها الأولية (تجارة المواد الخام)، في تحقيق عوائد اقتصادية للسودان، الذي يتسم بإنتاجية عالية للمواد الخام الأولية" مثل القطن والحبوب الزيتية".
وقف المصانع
يعاني السودان من توقف عدد من المصانع، إلى جانب افتقاره للمصانع ذات الإمكانات الصناعية العالية، بسبب الحظر التجاري الأميركي الذي كان مفروضا على البلاد لنحو عقدين من الزمان.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عقب رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية، قالت وزارة الصناعة السودانية، إن "عددا كبيرا" من المصانع المتوقفة ستعود إلى دائرة الإنتاج.
لكن مراقبين محليين، أكدوا عدم قدرة تلك المصانع على استئناف نشاطها، نسبة لعدم انتظام التحويلات المصرفية، ووقف تعامل بعض البنوك العالمية مع البلاد.
ووفق بيانات رسمية، تبلغ نسبة المصانع المتوقفة بالسودان 40% من إجمالي مصانع البلاد المقدرة بنحو 6 آلاف و660 مصنعاً.
عوائق دولية
ويرى الخبير الاقتصادي عصام بوب، أن "الجارة الجنوبية (جنوب السودان) تعد عائقا أمام التجارة المحلية المتوجهة إلى العمق الأفريقي، نسبة للحروب التي تشهدها تلك الدولة وعدم الاستقرار السياسي منذ 2013".
وتصطدم منطقة التجارة الحرة التي تعد ثمرة مفاوضات استمرت لعامين بين دول القارة السمراء، بعدد من العوائق الدولية، مثل عدم وجود طرق معبدة لنقل البضائع البري وندرة السكك الحديدية.
وتقف أمام السودان عقبة أخرى متمثلة في القدرة على نفاذ البضائع إلى دول وسط أفريقيا، التي يفترض أن تمر عبر دولة جنوب السودان.
كما يفتقر السودان إلى شبكة سكك حديدية مؤهلة لنقل البضائع رغم الوعود المستقبلية بالربط مع عدد من الدول الأفريقية عبر مشروع "دكار– بورتسودان" للسكك الحديدية.
وأعلنت منظمة التعاون الإسلامي في قمتها التي عقدت في العاصمة السنغالية دكار في مارس/ آذار 2008، مشروع خط سكك حديد بورتسودان – دكار الذي يمتد 10 آلاف و100 كيلومتر.
ويعبر خط السكك الحديدية سبع دول أفريقية: السودان، وتشاد، ونيجيريا، والنيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، والسنغال، ويربط كذلك غامبيا وغينيا غربا، وليبيا شمالا، والكاميرون في الوسط، وأوغندا جنوبا.
شروط النجاح
الخبير الاقتصادي محمد الناير، ربط إقرار سياسات داعمة للمصنعين المحليين، وتوفير شروط الجودة للبضائع المصنعة محليا شرطا لتحقيق المنفعة الاقتصادية من دخول التكتل الأفريقي الجديد.
وأضاف أن البضائع السودانية تنقصها القيمة التنافسية العالية، مبديا تخوفه من عدم توفر المصلحة الحالية للبلاد من ذلك التكتل.
بنى تحتية
وأشار الناير إلى تأخر الحكومة السودانية في إنشاء مطار دولي، رغم موقع السودان الاستراتيجي، ما عرضه للحرمان من توفير العملات الصعبة.
ولفت إلى تحقيق دول لفوائد اقتصادية عالية عبر إنشاء مطارات دولية مثل نيروبي في دولة كينيا، الذي يوفر سنويا ما قيمته مليارا دولار.
وقال إن الحكومة تتجه الآن في الطريق الصحيح، باتفاقها مع شركة "سوما" التركية لإنشاء مطار الخرطوم الجديد بقيمة تجاوزت أكثر من مليار دولار.
(الأناضول)