اختتم الجيش الإيراني، ظهر اليوم السبت، مناوراته البحرية في مياه المنطقة، باستعراض عسكري للقطع البحرية السطحية وتحت السطحية في مياه ميناء جاسك الإيراني، المطل على بحر عمان.
وشاركت في الاستعراض مدمرات، وطرادات الصواريخ، وسفن ناقلة للقوات، وغواصات إيرانية من طراز "طارق" و"غدير" و"فاتح"، فضلاً عن قطع بحرية أخرى.
وشاركت القوات البحرية والجوية والبرية والدفاع الجوي على مدى ثلاثة أيام في مناورات "ذوالفقار 99" الواسعة، التي رفعت شعار "الأمن المستدام في ظل الاقتدار الدفاعي"، منفذة تدريبات وتمرينات عدة، بالإضافة إلى اختبار مختلف أنواع الأسلحة، من ضمنها صواريخ سطح ـ سطح، وساحل ـ بحر وجو ـ سطح، وتحت سطح ـ سطح، وكذلك استخدام "أسلحة استراتيجية حديثة أخرى" محلية الصنع، شملت الغواصات والطائرات المسيرة، بحسب إعلان الجيش الإيراني.
وفي كلمة له في حفل ختام المناورات، أكد قائد الجيش الإيراني، اللواء عبد الرحيم موسوي، أنّ القوات المشاركة فيها نفذت "مهماتها بنجاح وفق الخطة المخططة"، حسب ما أورده التلفزيون الإيراني.
أهمية المناورات
وتكتسب المناورات الإيرانية أهمية خاصة، أولاً لجهة توقيتها الحساس في المنطقة التي تشهد تطورات فارقة في تاريخها منذ أكثر من عامين، وبالذات خلال الفترة الراهنة بعد ظهور متغير تطبيع العلاقات بين دول جارة لإيران مع "العدو الإسرائيلي"، والذي يهدف إلى تشكيل تحالف ضد إيران، بحسب التصريحات الأميركية والإسرائيلية الرسمية.
ويضع هذا المتغير طهران أمام تحديات جيوستراتيجية في محيطها الأمني، بعدما أدخل التطبيع إسرائيل رسمياً إلى هذا المحيط، في خطوة تحمل رسائل لطهران في سياقين، الأول المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والثاني هو أنّ الأمر يأتي أيضاً استكمالاً لاستراتيجية "الضغوط القصوى"، التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومارست من خلالها ضغوطاً اقتصادية غير مسبوقة من خلال فرض عقوبات "تاريخية" على إيران، فضلاً عن ضغوط عسكرية وسياسية.
وفي الإطار، لم تكن ساحة المناورات بعيدة عن احتكاك عسكري بين الطرفين، حيث بحسب رواية الجيش الإيراني، فإنّ ثلاث طائرات مأهولة أميركية من طراز "P-8" وطائرات مسيرة من نوع "MQ-9" و"RQ-4" دخلت منطقة المناورات الإيرانية ومنطقة تحديد الدفاع الجوي الإيراني، مؤكداً، أمس الجمعة، أنّ قواتها الجوية أبعدت هذه الطائرات بعد توجيه تحذيرات لها.
وثانياً لجهة نطاق المناورات الواسع، حيث غطى مساحة مليوني كيلومتر مربع، شملت شرق مضيق هرمز وسواحل مكران وبحر عمان وشمال المحيط الهندي، غير أنها لم تشمل منطقة الخليج، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن ذلك، وعلى الأغلب فإنّ ذلك يعود إلى توزيع العمل بين الجيش الإيراني و"الحرس الثوري"، حيث أوكلت إلى الأخير مسؤولية أمن الخليج ومضيق هرمز.
رسائل المناورات
حاول الجانب الإيراني توجيه رسائل من خلال هذه المناورات، لعل أولها استعراض قدراته العسكرية، وتحديداً عرض صواريخ جديدة وغواصات وطائرات مسيرة متطورة، ليؤكد بذلك أنه ليس في وارد حساباته المساومة على البرنامج الصاروخي الذي يشكل عامود قوة "الردع" الإيرانية، التي توليها طهران أهمية خاصة.
والرسالة الثانية هي محاولة إيران إظهار قدراتها العسكرية في بحار المنطقة وممراتها المائية الاستراتيجية، والتي شهدت، خلال العامين الأخيرين، تفجيرات غامضة ضد ناقلات نفط، لم تكن بعيدة عن المواجهة الراهنة بين طهران وواشنطن.
وفي السياق، بدا أنّ إيران أرادت أيضاً استعراض ورقة الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها في هذه الممرات، والقول إن بإمكانها السيطرة عليها، أقله هذا ما أرادته طهران. فقد أكد الأميرال حبيب الله سياري، قائد تنسيق العمليات بالجيش الإيراني ومسؤول المناورات أنّ "تأمين أمن المنطقة والممرات الدولية يشكل هدفاً آخر للمناورات"، مشدداً على أن "أمن منطقة غرب آسيا وممراتها الحيوية والاستراتيجية يتوقف على أقلمة الأمن من خلال المشاركة البناءة لجميع دول المنطقة ومنع وجود الأجانب والقوى الدولية في مياه المنطقة والسيطرة عليها".
أما الرسالة الثالثة فهي ما تحدث عنه قائد الجيش الإيراني، اللواء عبدالرحيم موسوي، خلال حفل ختام المناورات، حيث قال إنّ رسالتها لـ"المتآمرين والأطراف التي تحمل أفكاراً سيئة لكي لا يفكروا أبداً باختبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا يتابعون حساباتهم الخاطئة"، في إشارة إلى وجود تفكير لدى أطراف لم يسمها لمهاجمة إيران، متوعداً بـ"أنها ستواجه رداً يبعث على الندم، أظهرنا جانباً مما يمكن إظهاره حالياً".
وفي هذا الصدد، حذر سياري "أعداء" بلاده من مغبة "ارتكاب أي خطأ استراتيجي" ضدها، قائلاً إنه "في حال وقوع هذا الخطأ لن تتوقف جغرافيا المعركة ورد الجمهورية الإسلامية عند منطقة غرب آسيا بل ستكون واسعة النطاق".
إلا أنّ المناورات أيضاً حملت رسائل عدة للداخل الإيراني، أشار إليها موسوي في تصريحاته، فالأولى، وفقاً لهذه التصريحات، أنّ المناورات "ترفع ثقة الشباب بأنهم يمكنهم الوقوف ضد أي قوة باقتدار"، والثانية موجهة للشعب الإيراني "لتعزيز معنوياته واطمئنانه إلى أن القوات المسلحة الإيرانية على استعداد للدفاع عن حدود البلاد والمصالح الوطنية"، بحسب قائد الجيش الإيراني.