وتأتي هذه الاستعدادات بعد رفض قادة الاتحاد الأوروبي قطعاً إعادة التفاوض على اتفاق "بريكست" مع ماي خلال القمة الأوروبية التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي، بينما برزت أصوات من داخل الحكومة البريطانية ومن خارجها دعماً لخيارات أخرى، منها إجراء استفتاء ثان على "بريكست" واللجوء إلى التصويت البرلماني على الخيارات المتاحة.
وكان متحدث باسم رئاسة الوزراء قد قال، اليوم الاثنين، إن الحكومة البريطانية ستعلن قريباً عن تخصيص ملياري جنيه إضافية للتحضير لسيناريو عدم الاتفاق، وذلك رغم أن الخطة الرئيسية لا تزال الحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي لتعديل اتفاق "بريكست" وتمريره في البرلمان.
إلا أنه ومع انسداد الأفق أمام احتمال موافقة البرلمان على الاتفاق، قالت رئيسة الوزراء إنها مستعدة للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق إن تطلب الأمر، ولتؤكد أن موعد "بريكست" لا يزال في نهاية مارس/ آذار المقبل.
وتأتي هذ التصريحات قبيل كلمة تلقيها ماي أمام البرلمان، اليوم الاثنين، تطلعه فيها على نتيجة القمة الأوروبية، وتحذر فيها أيضاً من الدعوات المتصاعدة لصالح الاستفتاء الثاني على "بريكست". وترى ماي أن الاستفتاء الثاني سيصيب الديمقراطية البريطانية بضرر لا يمكن إصلاحه، مشيرة إلى أنه "يعزز من الانقسام في البلاد في الوقت الذي يجب أن نعمل على توحيدها".
ولكن خياراً آخر أخذ في التبلور في الأيام الماضية، وينال دعماً علنياً من عدد من الوزراء البريطانيين، والذين كان آخرهم وزير الأعمال غريغ كلارك، ودعا فيه البرلمان إلى لعب دور في اختيار شكل "بريكست" المطلوب.
ويرى عدد من الوزراء البريطانيين أنه ولتجاوز حاجز "بريكست" الحالي، يجب أن يحسم البرلمان البريطاني رأيه حيال شكل "بريكست" الذي يرغب فيه من خلال تصويت غير ملزم على الخيارات المتاحة.
وقال كلارك لهيئة الإذاعة البريطانية: "بطريقة أو أخرى، يجب أن يبتعد البرلمان عن انتقاد الاتفاق. من السهولة على المرء أن يقول ما لا يرغب. ولكن أعتقد أنه على كل نائب الآن أن يرى نفسه كمشارك مسؤول".
ويرغب عدد من الوزراء في أن يكون للبرلمان دور في صياغة شكل "بريكست" في سلسلة من التصويتات غير الملزمة، ومنهم وزير التعليم داميان هندز ووزير التجارة الدولية ليام فوكس.
وأوضح كلارك أنه مستعد لدعم مثل هذا الخيار في حال تم التصويت ضد صفقة ماي في البرلمان، قائلا: "من الضروري أنه وفور انتهاء رئيسة الوزراء من المفاوضات مع القادة الأوروبيين والتوصل إلى نتيجة، أن يتم التصويت عليها في البرلمان".
وأضاف: "ولكن في حال فشل هذا الاتفاق، يجب أن نتوصل إلى تفاهم. لا يمكننا السير في عدم الثقة. يجب أن يمنح البرلمان الفرصة لتحديد ما يتفق عليه أعضاؤه".
إلا أن منح النواب حق التصويت على كل من الخيارات المتاحة، له عقباته أيضاً، فقد يرفض حزب العمال والأحزاب المعارضة الأخرى المشاركة في مثل هذه الخطوة، لأن التصويت لن يكون ملزماً، بينما تحتفظ ماي بالقرار النهائي.
كما أن مثل هذا الخيار يتطلب منح البرلمانيين حق التصويت الحر في البرلمان، وهو وإن كان سيحل مشكلة لحزب المحافظين، إلا أنه سيبرز الخلافات الداخلية في صفوف حزب "العمال"، والتي لا تزال بعيدة عن الواجهة السياسية حتى الآن.
ويضاف إلى ذلك أنه وحتى إن تم التصويت الحر، فإن احتمال عدم وجود أية أغلبية لدعم أي خيار أمر وارد جداً. فالخيارات المتاحة تراوح بين عدم الاتفاق والنموذج الكندي، والنرويجي، والاستفتاء الثاني، ولا توجد أغلبية واضحة لصالح أي منها.
وقد تكون المعضلة أيضاً أمام الحكومة في أن يختار البرلمان خياراً تعارضه، مثل الاستفتاء الثاني. ولكن قد يكون ذلك أيضاً حجة لها لتبني انعطافة في مسار "بريكست" لن تكون قادرة على اتخاذها من تلقاء نفسها.