15 نوفمبر 2024
ترامب.. احتراف تويتر وتوتير
يحترف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توتير الأجواء العالمية، والذهاب بها إلى حافة الهاوية. لعبة طفولية يبدو أنها تستهويه، ويرى فيها انعكاساً لطريقة إدارته شركاته، لكن هذه المرة على نطاق أوسع كثيراً. يفاجئ الرجل حتى المحيطين به بقراراتٍ همايونية، لا يلبث أن يتراجع عنها، أو يخفف من وطأتها، وكأن شيئاً لم يكن. قرار إلغاء القمة المرتقبة مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، ثم العودة عن الإلغاء، والإشارة إلى أن القمة قد تعقد في موعدها، من الأمثلة على طريقة الرئيس الأميركي في إدارة السياسة العالمية، فمع الكشف عن الرسالة التي أرسلها ترامب إلى كيم، مع ما احتوته من عبارات طفولية أيضاً على غرار التباهي بالقدرات العسكرية والنووية الأميركية، ضجّ العالم بالحديث عن عودة التهديد النووي في شبه الجزيرة الكورية، من دون أي مسوغات أو مبرّرات، خصوصاً أن بيونغ يانغ كانت قد بدأت تفكيك بعض منشآتها النووية، وهو ما كان سبباً في إثارة الدهشة في أنحاء العالم. لكن ترامب متخصصٌ في إثارة مثل هذه الدهشة التي زادها مع إعلانه أن القمة قد تعقد في موعدها، وأيضاً من دون مسوّغات، إلا رد الفعل الودي الذي جاء من كوريا الشمالية على رسالة الإلغاء.
قد تكون أمثولة كوريا الشمالية بسيطة، خصوصاً أن التوتر لم يستمر أكثر من 24 ساعة، لكن هناك قرارات أخرى اتخذها ترامب، عبر مراسيمه أو من خلف شاشة "تويتر"، لا تزال تشغل العالم، وفي مقدمتها قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. قرار وضعه ترامب وإدارته في سياق الضغط على طهران، لمنع تدخلها في شؤون دول المنطقة، ولكن كان واضحاً، بعد فترة وجيزة، أن القرار غير نابع من استراتيجية أميركية حقيقية، وهو ما انعكس في الانتقادات التي واجهها من أصواتٍ في الداخل الأميركي، وفي الإدارة نفسها، بقدر ما هو أيضاً تعلق طفولي من الرئيس الأميركي بالوعود التي كان قد قطعها في أثناء حملته الرئاسية، والتي من المعروف أن غالبية المرشحين يرفعون سقفها في العادة من دون تطبيقها، غير أن ترامب ضرب الاستراتيجيات عرض الحائط، ودخل في المواجهة ليس مع إيران وحدها، بل حتى مع الدول الأوروبية الحليفة التي جهدت لتثني الرئيس الأميركي عن قراره من دون جدوى، وها هي اليوم تكابد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاتفاق، وعدم العودة إلى الوراء في الملف الذي ظن الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أنه وضعه على سكّة الحل.
القرار الخاص بإيران أيضاً مرتبط بمصالح ترامب مع بعض دول الخليج، وخصوصاً السعودية والإمارات، إضافة إلى إسرائيل التي دفعت، منذ وصوله إلى الرئاسة، إلى هذا القرار الذي قد يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى مزيدٍ من التوترات، ويزجّها في أتون حرب إقليمية. وكان مفترضا أن مثل هذه السيناريوهات موضوعةُ على طاولة الرئيس الأميركي، ووصلت إليه عبر تصريحات زعماء ومسؤولين أوروبيين كثيرين، من دون أن يغير ذلك في طابع القرار شيئاً. تماماً مثلما فعل عندما قرر الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والمضي بالقرار إلى حد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، مع ما رافق ذلك من مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء الفلسطينيين ومئات الجرحى. أيضاً في ذلك الحين، سالت تحذيراتٌ كثيرة من خطورة القرار الأميركي وانعكاساته على الأمن في المنطقة والعالم، ولكن من دون جدوى.
لا يمكن أن ينتهي توتير ترامب عند هذا الحد، فالرجل أصبح محترفاً في هذه اللعبة، ويبدو مستمتعاً برفع درجات التأهب في المناطق المختلفة، ويمكن تخيله مبتسماً مزهواً وهو يراقب العالم من خلف شاشة تويتر.
قد تكون أمثولة كوريا الشمالية بسيطة، خصوصاً أن التوتر لم يستمر أكثر من 24 ساعة، لكن هناك قرارات أخرى اتخذها ترامب، عبر مراسيمه أو من خلف شاشة "تويتر"، لا تزال تشغل العالم، وفي مقدمتها قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. قرار وضعه ترامب وإدارته في سياق الضغط على طهران، لمنع تدخلها في شؤون دول المنطقة، ولكن كان واضحاً، بعد فترة وجيزة، أن القرار غير نابع من استراتيجية أميركية حقيقية، وهو ما انعكس في الانتقادات التي واجهها من أصواتٍ في الداخل الأميركي، وفي الإدارة نفسها، بقدر ما هو أيضاً تعلق طفولي من الرئيس الأميركي بالوعود التي كان قد قطعها في أثناء حملته الرئاسية، والتي من المعروف أن غالبية المرشحين يرفعون سقفها في العادة من دون تطبيقها، غير أن ترامب ضرب الاستراتيجيات عرض الحائط، ودخل في المواجهة ليس مع إيران وحدها، بل حتى مع الدول الأوروبية الحليفة التي جهدت لتثني الرئيس الأميركي عن قراره من دون جدوى، وها هي اليوم تكابد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاتفاق، وعدم العودة إلى الوراء في الملف الذي ظن الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أنه وضعه على سكّة الحل.
القرار الخاص بإيران أيضاً مرتبط بمصالح ترامب مع بعض دول الخليج، وخصوصاً السعودية والإمارات، إضافة إلى إسرائيل التي دفعت، منذ وصوله إلى الرئاسة، إلى هذا القرار الذي قد يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى مزيدٍ من التوترات، ويزجّها في أتون حرب إقليمية. وكان مفترضا أن مثل هذه السيناريوهات موضوعةُ على طاولة الرئيس الأميركي، ووصلت إليه عبر تصريحات زعماء ومسؤولين أوروبيين كثيرين، من دون أن يغير ذلك في طابع القرار شيئاً. تماماً مثلما فعل عندما قرر الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والمضي بالقرار إلى حد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، مع ما رافق ذلك من مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء الفلسطينيين ومئات الجرحى. أيضاً في ذلك الحين، سالت تحذيراتٌ كثيرة من خطورة القرار الأميركي وانعكاساته على الأمن في المنطقة والعالم، ولكن من دون جدوى.
لا يمكن أن ينتهي توتير ترامب عند هذا الحد، فالرجل أصبح محترفاً في هذه اللعبة، ويبدو مستمتعاً برفع درجات التأهب في المناطق المختلفة، ويمكن تخيله مبتسماً مزهواً وهو يراقب العالم من خلف شاشة تويتر.