تتصاعد الاعتداءات العنصرية لعصابات "جباية الثمن" الاسرائيلية الإرهابية على نحو متزايد ضدّ الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني، في ظلّ تقاعس الجهات الأمنية الإسرائيلية، وازدياد الغضب في صفوف الفلسطينيين، خصوصاً بعدما تبين أنّ هذه الاعتداءات تأخذ نوعاً منظماً، يقوم على رصد أماكن عمل الفلسطينيين في المدن الفلسطينية المحتلة، ومراقبة مكان ركن سياراتهم، قبل القيام بتخريبها.
وشكّلت عملية اعتداء مشابهة وقعت مرّة أخرى مساء الاربعاء في "مستوطنة يوكنعام"، قرب مرج بن عار على الطريق إلى حيفا، دليلاً على وجود مجموعات تراقب مكان وقوف سيارات الفلسطينيين العاملين في بلدات فلسطين المحتلة، ثم تعمل على إتلافها. وهذا حصل للمرة الرابعة في هذه المستوطنة، من دون أن تحرك شرطة الاحتلال الإسرائيلية ساكناً.
وشهد الأسبوع الحالي ثلاثة اعتداءات متتالية، جرى أولها مطلع الأسبوع، عندما هاجم مستوطنو "شلومي" على الحدود مع لبنان، والقائمة على أراضي قرية البصة المهجرة، سكان القرية الأصليين، الذين كانوا يقومون بطقوس لتعميد أحد أطفال القرية في الكنيسة المهجرة. وكانت "العربي الجديد" قد كشفت الأسبوع الماضي، قيام أهلها الفلسطينيين بإعادة فتحها وإجراء طقوس زواج كنسية فيها. واعتدى المستوطنون من "شلومي" على الأهالي، وهاجموا الزميل الصحافي زهير متى، وكسروا آلة التصوير التي كانت بحوزته. كما سرق مجهولون الدرج الحديد الذي ركبه السكان عند مدخل الكنيسة.
وفي منطقة حيفا، اقتحم عناصر عصابات "جباية الثمن" قرية الفريديس فجراً، وخطوا شعارات عنصرية على مسجد القرية، وكتبوا "يجب إغلاق المساجد وليس المعاهد الدينية والمستوطنات"، كما حاول عناصر من هذه المجموعات حرق مسجد في مدينة أم الفحم.
وأثارت هذه الاعتداءات الأخيرة موجة من السخط والغضب لدى الفلسطينيين في الداخل، الذين نظموا تظاهرتين صاخبتين؛ الأولى يوم الأحد من الأسبوع الماضي، عند مدخل مدينة أم الفحم، والأخيرة أمس الأول في قرية الفريدس، مطالبين الحكومة والشرطة بتعقب العناصر الإرهابية واعتقالها، فيما لا تحرك حكومة الاحتلال الإسرائيلية أي ساكن.
واكتفى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز باتصال هاتفي أجراه مع رئيس المجلس المحلي للفريديس أحمد مرعي، معرباً عن استنكاره لمحاولة حرق المسجد، بينما حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع مع بعض أعضاء حزب "ليكود" العرب، القول إن العنصرية والاعتداءات الإرهابية لا تمثل القيم الإسرائيلية.
في ظل هذه الاعتداءات، ترفض حكومة الاحتلال، ومستشارها القانوني تعريف جماعات "جباية الثمن" بأنها عصابات إرهابية خارجة على القانون، فيما تكتفي الصحف الإسرائيلية بتوصيف هذه الاعتداءات والجرائم بأنها "جرائم كراهية".
وحذّرت القيادات الفلسطينية في الداخل في الأسابيع الأخيرة من أن تكرار هذه الاعتداءات سيدفع الفلسطينيين إلى تشكيل لجان حراسة محلية (أمن ذاتي). وطالبت لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل الحكومة الإسرائيلية بالعمل بشكل جاد لوقف هذه الاعتداءات الإرهابية، والإعلان عن هذه المجموعات بأنها إرهابية وخارجة على القانون.
في هذه الأثناء، كشفت صحيفة "هآرتس" اليوم، النقاب عن أن أحد أسباب انتقال هذه الاعتداءات إلى أراضي الداخل الفلسطيني، هو بسبب سياسة الشرطة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وقيامها بإبعاد عناصر "جباية الثمن" من الأراضي المحتلة، مما يدفع هؤلاء إلى نقل نشاطهم إلى بلدات الداخل الفلسطيني، لا سيما أنه منذ وقوع أول اعتداء في الداخل الفلسطيني عام 2011، في مسجد طوبا الزنغرية، لم تعلن الشرطة عن اعتقال أي من المسؤولين عن هذه العمليات.
وحذّر شباب فلسطينيون من أن استمرار هذه الاعتداءات من شأنه أن يشعل الأوضاع في الداخل الفلسطيني، فيما ذكر النائب الفلسطيني عن "التجمع الوطني الديموقراطي"، جمال زحالقة، بعد إحراق مسجد في أم الفحم، أنه لو قبض الأهالي على منفذي الجريمة "لما خرجوا من المدينة أحياء".