وافقت الفصائل الفلسطينية، يوم الأربعاء، على تمديد الهدنة مع إسرائيل لخمسة أيام لمزيد من المفاوضات، في ظل استمرار تعنت الاحتلال عبر رفضه تلبية المطالب الفلسطينية. وأكد مراسل "العربي الجديد" في غزة أن الفصائل وافقت على تمديد وقف إطلاق النار.
وقال رئيس الوفد الفلسطيني الموحد في مفاوضات القاهرة الغير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، عزام الأحمد، إن الطرفين توافقا على تمديد وقف إطلاق النار 120 ساعة أخرى، تنتهي يوم الاثنين المقبل، مشيراً إلى أن الوفد الذي جاء من رام الله سيعود إليها لمناقشة ما تم التوصل إليه مع القيادة الفلسطينية.
وذكر الأحمد في مؤتمر صحافي بالقاهرة، أنه جرى الاتفاق على كثير من التفاصيل وخاصة لجهة كسر الحصار وإعادة الاعمار، لكن بعضها لا زال قائماً، لافتاً إلى أن الخلاف هو على بعض الكلمات التي قد تغير الجوهر، لكن مبادئ الاتفاق تم التوافق عليها بشكل تام.
وبينّ الأحمد أن مشكلة عدم التوصل إلى اتفاق، ناتجة عن مغادرة الوفد الإسرائيلي أكثر من مرة القاهرة إلى تل أبيب للتشاور، لكنه في حديثه عن معبر رفح، نفى وجود أي أحاديث عن فتحه، ونفى كذلك أن يكون الوفد الفلسطيني مخولاً بالحديث عن المعبر وآليات عمله.
من جهته، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، موسى أبو مرزوق، إن التهدئة الجديدة جاءت لمزيد من التشاور ومعالجة معضلات الاتفاق، لافتاً إلى أن الوفود ستغادر القاهرة وستعود بداية الأسبوع المقبل لإكمال المشاورات.
من جهة ثانية، قال مسؤول في الوفد الفلسطيني، لـ"العربي الجديد"، إن التمديد جاء بعد اتصالات أميركية وأوروبية مع الأطراف المختلفة، وبعد تعهد أميركي بالضغط على إسرائيل لتلبية الشروط الفلسطينية، للوصول إلى اتفاق وقف دائم للنار.
وذكر المسؤول الفلسطيني، أن الاحتلال ظل يناور لآخر دقيقة، وأمام العناد الفلسطيني ورفضه تمديد وقف إطلاق النار، تدخلت أميركا ودول أوروبية لإقناع الوفد الفلسطيني بتمديد وقف إطلاق النار، مقابل تعهدات بالضغط على الاحتلال، وهو ما تم.
ولم يصدر أي بيان عن الحكومة الإسرائيلية تعليقاً على الاتفاق بتمديد وقف إطلاق النار لخمسة أيام، لكن إسرائيل أعلنت رسمياً في الساعات الماضية موافقتها على تمديد وقف إطلاق النار لاثنين وسبعين ساعة.
وكانت مصادر من وفد التفاوض الفلسطيني في القاهرة قد أشارت، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، إلى طلب الطرف المصري من الفصائل الفلسطينية مدّ الهدنة المتفق عليها بين الأطراف المتنازعة.
وفيما أشارت المصادر إلى رفض التمديد حينها، باعتباره يهدف إلى المماطلة وتفويت الفرصة على الفصائل في تسجيل نصر على العدو الصهيوني.
وشددت المصادر على أن غزة ستستمر في المقاومة حتى تنتزع حريتها رغماً عن الصهاينة ومن سمتهم "حلفاءهم العرب".
وكان مسؤول إسرائيلي قد قال لوكالة "فرانس برس"، إن "إسرائيل وافقت على مقترح مصري لتمديد التهدئة 72 ساعة"، بعد وقت قصير من عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من القاهرة، لاطلاع الحكومة الإسرائيلية على نتائج المفاوضات، فيما قال المراسل السياسي للقناة الثانية، أودي سيغل، إنه لن يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الليلة من دون عقد جلسة للكابينيت الإسرائيلي.
وكان عدد من أعضاء الكابينت أعلنوا مسبقاً رفضهم أي اتفاق لا يشمل نزع سلاح المقاومة. وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يخشى عدم تمكنه من حشد تأييد وأغلبية في الكابينيت لاتفاق وقف إطلاق نار وفق المقترحات المطروحة حالياً.
مناورات ميدانية ـ سياسية
وفي محاولة للضغط على المقاومة إذا ما فشلت مفاوضات القاهرة، وعدم تجديد وقف إطلاق النار، ذكر موقع "يديعوت أحرونوت"، يوم الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي بدأ بتحريك قواته البرية وتركيزها بالقرب من الحدود مع قطاع غزة.
وبحسب الموقع، فقد نقل الجيش جنوداً من سلاح الهندسة والمدرعات، من نقاط تجمع الجنود في المستوطنات الجنوبية إلى الحدود القريبة من قطاع غزة، وبدأ باستدعاء جنود احتياط إلى الوحدات النظامية.
وبالتزامن، هدّد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أنه في حال رفضت المقاومة الفلسطينية تسليم إسرائيل جثتي الجنديين الإسرائيليين، آرون شاؤول وهدار غولدين، فإنه على إسرائيل ألا تصل إلى أي اتفاق مع حركة "حماس"، وعليها بدلاً من ذلك أن تعيد لـ"حماس" قادتها بعد قتلهم، قائلاً: "إذا لم يعيدوا لنا جثتي الجنديين، سنعيد لهم جثث محمد ضيف وإسماعيل هنية وباقي قادة حماس".
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن ليبرمان قوله، خلال جولة قرب الحدود مع قطاع غزة، إنه من دون التخلّص من "حماس"، فلا يمكن التوصل إلى تسوية سياسية أو أمنية، ولا يمكن التوصل لاتفاق مع "حماس" من دون استعادة جثتي الجنديين.
"حماس" ترد
واستدعى كلام ليبرمان رداً من حركة "حماس"، التي اعتبرت تهديداته باغتيال نائب رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، والقائد العام لـ"كتائب القسام"، محمد ضيف، بأنها "سخيفة".
واعتبر المتحدث الإعلامي باسم الحركة، سامي أبو زهري، أن من مصلحة الإسرائيليين "إخراس" ليبرمان.
ميدانياً، استشهد ستة أشخاص في غزة، بينهم صحافي إيطالي، ومترجمه في انفجار صاروخ إسرائيلي خلال تفكيكه من قبل وحدة هندسة المتفجرات في جهاز الشرطة الفلسطينية، في بلدة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، على ما ذكرت مصادر أمنية وطبية فلسطينية.
وكانت وحدة الهندسة في وزارة الداخلية تقوم بعملية تفكيك لصاروخ إسرائيلي غير منفجر، قبل أن ينفجر بين أيدي عناصرها ويودي بحياة أربعة منهم، وصحافي إيطالي يعمل في وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية فضلاً عن مترجمه.
في سياق آخر، خرقت القوات البحرية الإسرائيلية، لليوم الثاني على التوالي، اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينتهي منتصف الليلة، بإطلاقها نيران أسلحتها الرشاشة على صيادي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، من دون الإفادة عن تسجيل إصابات.
إلى ذلك، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية أن طائرة مساعدات تركية محمّلة بالمواد الغذائية والأدوية حطت، ظهر اليوم الأربعاء، في مطار بن غوريون في اللد. ولم تذكر الإذاعة ما إذا كانت إسرائيل ستسمح للطائرة بتفريغ شحنتها وإيصالها إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم أم لا.
وكانت تركيا قد أعلنت، في الأيام الأخيرة، عزمها على تسيير قافلة مساعدات بحرية لغزة بمشاركة السفينة "إبقا مرمرة"، ولم يصدر عن المسؤولين الإسرائيليين أيّ ردٍ بهذا الخصوص.
(شارك في التغطية: نضال محمد وتد، ضياء خليل، أيمن المصري)