01 نوفمبر 2024
توظيف الجائحة سياسياً
كان من الممكن أن تكون الجائحة التي تجتاح العالم اليوم، ولا توفّر كبيراً وصغيراً، فرصة لإقرار السلام في العالم، وتوحّد البشرية في مواجهة العدو غير المرئي الذي فضح النظام الصحي لغالبية دول العالم، المتقدمة منها والنامية، غير أن الوقائع الحالية تشير إلى أن حسابات الهيمنة والسيطرة على الآخرين لا تزال مهيمنة، وأن درس فيروس كورونا لم يصل بعد إلى مسامع الدول الكبرى التي تريد من الجائحة إثباتاً لتفوقها، والأنظمة الدكتاتورية التي تستغل الكارثة الصحية لتشديد قبضتها الأمنية.
كان من المفترض أن يؤدي تفشي الوباء إلى وقف الحروب الدائرة على أكثر من جبهة في العالم، ووضع كل الصراعات السياسية وخلفياتها جانباً، على الأقل إلى حين الوصول إلى علاج أو لقاح لهذا الفيروس الذي "يهدّد الإنسانية"، بحسب تعبير الأمم المتحدة. غير أن هذا أيضا لم يحدث، بل كانت الجائحة مناسبةً لكثيرين لاستغلال نقاط ضعف الخصوم والانقضاض عليهم، مستفيدين من انشغال الدول بنفسها، وبوضعها الداخلي.
ممكن تقديم نماذج كثيرة عن هذه الوقائع، لعل آخرها في قمة العشرين التي عملت السعودية إلى الدعوة إليها، باعتبارها رئيسة القمة الحالية، غير أن الغاية السعودية بالتأكيد لم تكن إيجاد "جبهة موحدة لمواجهة كورونا"، بحسب ما صدر في البيان الختامي للقمة التي عقدت عبر تقنية فيديوكونفرنس، وخصوصاً أن الجميع بات مدركاً أن شكل النظام العالمي الجديد لم يعد قائماً على التكتلات، بل على الفردانية، وهو ما شهدناه في أوروبا تحديداً، بعدما حطّم الفيروس أواصر الارتباط القائمة بين دول الاتحاد التي تقوقعت على نفسها لمحاولة النجاة بمفردها. الدعوة السعودية كانت محاولة لاستغلال الجائحة لتحسين الصورة، والظهور بمظهر الريادة العالمية، بعد أن دُمرت علاقاتها الخارجية في أعقاب اغتيال الكاتب الصحافي جمال خاشقجي. واللافت أن الدعوة السعودية أتت بالتزامن مع لائحة الاتهام التي أصدرتها النيابة العامة التركية بحق الأشخاص المتورّطين باغتيال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وكأنها محاولة للتغطية على الأمر، مستعينة كالعادة بسخاء التقديمات المالية، والتي تأتي اليوم تحت عنوان مواجهة كورونا.
الإمارات العربية المتحدة أيضاً وجدت في الفيروس فرصةً لتصعيد حربها في اليمن وليبيا وفتح قنوات اتصال مباشرة مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، رغم القطيعة الأميركية والعالمية له. إلا أن للإمارات غايات أيضاً في التقارب مع النظام السوري في هذه المرحلة، وخصوصاً أنه سيكون مساهماً في مخططاتها الليبية التي بدأت تتضح مع الشحنات العسكرية المتتالية التي تصل إلى قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. فبالنسبة إليها هذا هو الوقت المناسب لحسم معركة طرابلس في ظل الانشغال العالمي بفيروس كورونا، وخصوصاً فرنسا وإيطاليا، صاحبتي الثقل السياسي في الملف الليبي، وأكبر المتضرّرين في أوروبا من الفيروس.
دونالد ترامب هو الآخر يرى في الفيروس فرصةً لتمديد ولايته الرئاسية، وإثبات التفوق الأميركي على باقي دول العالم المتقدم. وهو ما سعى إليه في إطار محاولته سرقة، أو استمالة الأطباء الألمان الذين يعملون على اللقاح. وهو إلى الأمس القريب كان يسعى إلى زيادة الضغط على الصين على خلفية الفيروس، قبل أن يشير عليه مستشاروه بضرورة التفاهم مع بكين، والحصول على معطيات منها حول التعاطي مع الوباء، خصوصاً أن الولايات المتحدة باتت في صدارة الدول من ناحية عدد المصابين.
هذه نماذج قليلة، وهناك غيرها الكثير، والتي تشير في معظمها إلى أن البشرية لا تزال بعيدة جداً عن دروس التعاضد للبقاء، وأن فناء الإنسان، حالياً أو لاحقاً، سيكون نتاج خطأ بشري.
ممكن تقديم نماذج كثيرة عن هذه الوقائع، لعل آخرها في قمة العشرين التي عملت السعودية إلى الدعوة إليها، باعتبارها رئيسة القمة الحالية، غير أن الغاية السعودية بالتأكيد لم تكن إيجاد "جبهة موحدة لمواجهة كورونا"، بحسب ما صدر في البيان الختامي للقمة التي عقدت عبر تقنية فيديوكونفرنس، وخصوصاً أن الجميع بات مدركاً أن شكل النظام العالمي الجديد لم يعد قائماً على التكتلات، بل على الفردانية، وهو ما شهدناه في أوروبا تحديداً، بعدما حطّم الفيروس أواصر الارتباط القائمة بين دول الاتحاد التي تقوقعت على نفسها لمحاولة النجاة بمفردها. الدعوة السعودية كانت محاولة لاستغلال الجائحة لتحسين الصورة، والظهور بمظهر الريادة العالمية، بعد أن دُمرت علاقاتها الخارجية في أعقاب اغتيال الكاتب الصحافي جمال خاشقجي. واللافت أن الدعوة السعودية أتت بالتزامن مع لائحة الاتهام التي أصدرتها النيابة العامة التركية بحق الأشخاص المتورّطين باغتيال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وكأنها محاولة للتغطية على الأمر، مستعينة كالعادة بسخاء التقديمات المالية، والتي تأتي اليوم تحت عنوان مواجهة كورونا.
الإمارات العربية المتحدة أيضاً وجدت في الفيروس فرصةً لتصعيد حربها في اليمن وليبيا وفتح قنوات اتصال مباشرة مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، رغم القطيعة الأميركية والعالمية له. إلا أن للإمارات غايات أيضاً في التقارب مع النظام السوري في هذه المرحلة، وخصوصاً أنه سيكون مساهماً في مخططاتها الليبية التي بدأت تتضح مع الشحنات العسكرية المتتالية التي تصل إلى قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. فبالنسبة إليها هذا هو الوقت المناسب لحسم معركة طرابلس في ظل الانشغال العالمي بفيروس كورونا، وخصوصاً فرنسا وإيطاليا، صاحبتي الثقل السياسي في الملف الليبي، وأكبر المتضرّرين في أوروبا من الفيروس.
دونالد ترامب هو الآخر يرى في الفيروس فرصةً لتمديد ولايته الرئاسية، وإثبات التفوق الأميركي على باقي دول العالم المتقدم. وهو ما سعى إليه في إطار محاولته سرقة، أو استمالة الأطباء الألمان الذين يعملون على اللقاح. وهو إلى الأمس القريب كان يسعى إلى زيادة الضغط على الصين على خلفية الفيروس، قبل أن يشير عليه مستشاروه بضرورة التفاهم مع بكين، والحصول على معطيات منها حول التعاطي مع الوباء، خصوصاً أن الولايات المتحدة باتت في صدارة الدول من ناحية عدد المصابين.
هذه نماذج قليلة، وهناك غيرها الكثير، والتي تشير في معظمها إلى أن البشرية لا تزال بعيدة جداً عن دروس التعاضد للبقاء، وأن فناء الإنسان، حالياً أو لاحقاً، سيكون نتاج خطأ بشري.