من التقارير الحقوقية إلى الانتهاكات، كان اليوم العالمي لحرية الصحافة في تونس حافلاً، إذ اقتحم رجال الأمن التونسي مقر إذاعة "شمس إف إم" التي تشهد إضرابًا عامًا، اليوم الثلاثاء، بعد أن رفضت الحكومة التونسية الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في تسوية وضعيتهم المادية وإشراك العاملين في الإذاعة في عملية بيع الإذاعة إلى مستثمرين.
واعتبرت النقابة الوطنية للصحافيين والنقابة العامة للإعلام، أنّ الاقتحام "اعتداء على حرية الإعلام في اليوم العالمي للاحتفال بحرية الصحافة"، وأعلنتا مساندتهما المطلقة للمطالب المشروعة للعاملين في هذه المؤسسة.
من جهة أخرى، فوجئ متابعو قناة "أم تونيزيا" الخاصة (كانت تعرف باسم قناة "المتوسط") بانقطاع بثها على قمر النايلسات، ما أرجعه مدير عام القناة فيصل التبرسقي إلى خلاف مع الشركة الفرنسية التى تتولى عملية البث للقناة انطلاقا من العاصمة الفرنسية باريس. وأشار التبرسقي إلى أن الشركة الفرنسية تحججت عند حصول أول عملية انقطاع للبث بوجود خلل تقني منعها من بث القناة، و"هو أمر تأكد لإدارة القناة أنه غير صحيح".
في سياق متصل، عبّر التقرير السنوي لواقع الحريات الصحافية في تونس، والذي تصدره النقابة سنوياً بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، عن الخشية على الحرية الإعلامية، معددًا أهم سمات الاعتداءات على حرية الصحافة في البلاد عام 2015، والمتمثلة في ممارسة سياسة الترهيب على عدد من الصحافيين من خلال الاستدعاءات إلى مراكز الأمن والمحاكم والملاحقات القضائية ضدهم، فضلاً عن الاعتداءات الجسدية واللفظية والمنع من العمل.
وركّز التقرير على الأوضاع الهشة لعدد كبير من الصحافيين وحرمانهم من حقوقهم الاجتماعية والطرد التعسفي الذي اعتبرته النقابة المعضلة الأكبر والمدخل الأساسي للتحكم فى استقلالية الصحافي. كما أشار التقرير إلى انتشار ثقافة الإفلات من العقاب في جرائم الاعتداء على الصحافيين، بظلّ غياب الآليات الكفيلة بمحاسبة كل من يعتدي على صحافي أثناء قيامه بواجبه المهني.
وقال نقيب الصحافيين في تصريح لـ"العربي الجديد إنّ "هناك سياسة تفقير ممنهج للصحافيين في تونس، ففي ظل أوضاع مهنية هشة ووضع اقتصادي سيئ للصحافي، لا يمكن الحديث عن احترام أخلاقيات المهنة وصحافة ذات جودة ومصداقية". وأشار إلى "استفحال الفساد وهيمنة رأس المال الفاسد على بعض المؤسسات الإعلامية".
ولتجاوز هذه الإشكاليات أشار البغوري إلى ثلاثة مشاريع تعدها النقابة الوطنية للصحافيين تتمثل في "تركيز مركز للسلامة المهنية في النقابة، وإعداد اتفاقية قانونية خاصة بالصحافيين العاملين في القطاع السمعي البصري والصحافة المكتوبة والإلكترونية تضمن لهم حقوقهم المهنية، وبعث هيكل اجتماعي لمساعدة الصحافيين الذين يعانون وضعيات هشة".
من جهته، أصدر مركز تونس لحرية الصحافة تقريره بعنوان "حرية التعبير في مزاد الأمن والإرهاب"، ورصد 219 اعتداء في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2014 وديسمبر/كانون الاول 2015. وشملت هذه الاعتداءات وفق محمود الذوادي، رئيس مركز تونس لحرية الصحافة، 321 عاملاً في القطاع الإعلامي مقسمين إلى 226 صحافيا و95 صحافية و85 مؤسسة إعلامية وهيئة مهنية.
وبحسب التقرير، فإنّ وسائل الإعلام الأكثر تعرضا للانتهاك والاعتداء هي المرتبة الأولى التلفزيونات التونسي. كما احتلّ رجال الأمن المرتبة الأولى في قائمة المعتدين على الإعلاميين. وشملت قائمة المعتدين رجال سياسة والنيابة العامة وأنصار الجمعيات الرياضية والأحزاب السياسية.