عبّر حقوقيون ونشطاء مصريون عن قلقهم من ضياع حقوق ضحايا مجزرتي فض اعتصام "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، وذهاب دمائهم هدراً، بعد مرور عامين على الوقائع التي لم يحاسب القضاء حتى اليوم أيّاً من المسؤولين عنها، بينما ينكّل بالمئات من المعتقلين في أعقاب فض الاعتصام، في ما يبدو تعمّداً لإفلات المتهمين من العقاب.
وتحل بعد ساعات الذكرى الثانية على فض الشرطة المصرية، المدعومة بقوات من الجيش يوم 14 أغسطس/ آب 2013، اعتصام مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، بميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة، والذي خلّف آلاف القتلى والجرحى بعد أكثر من 48 يوماً قضاها المعتصمون هناك، احتجاجاً على الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب.
وقال محمد فهمي، أحد المصابين الناجين من مجزرة فض ميدان رابعة العدوية "مناهضو الانقلاب لا ينتظرون القصاص من جانب القضاء المصري، الذي أصبح يضاهي في فساده ما ترويه أكثر الأساطير خرافة عبر التاريخ، والتي تحكي عن الظلم في أحلك فتراته في القرون الوسطى".
وأضاف "نحن نضغط على السلطات بكافة الطرق المتاحة، ولا نكتفي بالعمل الثوري في الشارع فقط، بل نلحقه بالعمل السياسي والقانوني والإعلامي في ظل خشية أقارب الضحايا من ضياع حقوقهم وهدر دماء ذويهم، في ظل القضاء الحالي الذي تسيطر عليه بالكامل عصابة العسكر القابعة على نفوس المصريين، منذ انقلاب 30 أغسطس"، على حد تعبيره.
بدوره اعتبر الرافعي حسن، أحد شباب حركة "مقاومون" المناهضة للانقلاب العسكري، أنّ "أهالي ضحايا اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، من شهداء أو مصابين، يحلمون بالقصاص من الجناة الذي يرونه قريباً، ولا يشكّون للحظة أن ذلك اليوم آتٍ طبقاً لوعد الله".
كما رأى أنّ "القضاء المصري في حاجة ماسة إلى تطهير كل رؤوسه التي ارتمت في أحضان الانقلاب العسكري، حتى قبل أن يقع، وأصبح مطيّة نشطة للثورة المضادة منذ ثورة يناير 2011، وحتى الانقلاب العسكري في 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم أصبح شريكاً رئيسياً في كل الجرائم حتى الآن".
إلى ذلك، شددت يمنى فكري، الناشطة في حركة "7 الصبح"، على "ضرورة تدخل جهات العدل الدولية، لمحاسبة القائمين على المؤسسة القضائية المصرية الذين يرفضون القصاص لضحايا مجازر رابعة والنهضة، وعدم الاعتداد بأي قرارات أو أحكام تصدر منهم، ورفض التعامل معهم بأي شكل من الأشكال، حتى تعود المؤسسة إلى صوابها وتستوفي شروط العدالة المعمول بها في كل بقاع الأرض"، على حد قولها.
بدوره، أكد عضو لجنة الدفاع عن المعتقلين في الإسكندرية، مصطفى محمد، أن "تحقيقات النيابة العامة غير محايدة وغير نزيهة، في كافة القضايا المتعلقة برافضي الانقلاب وليس في مجزرة رابعة فقط، بعد أن تعمّدت أجهزه سيادية في الدولة تشوية الحقائق لإخفاء الجريمة التي ارتكبتها قوات الأمن تجاه المعتصمين السلميين".
وأضاف "نحن نتعامل مع القضاء والمحاكم المصرية، باعتبارها عصابات منظمة تلتزم بالشكل القانوني دون الالتزام بأي مضمون له علاقة بالعدالة، إذ إنها تحولت من خصم إلى خصم وحكم، ثم تطورت بعد ذلك لتصبح خصماً فقط دون أن يكون هناك حكم".
أما هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، فقال إن الجريمة التي حدثت في مذبحة رابعة بعد استخدام قوات الأمن للقوة المميتة لتفريق الاعتصام "تعتبر مكتملة الأركان وتستوجب المساءلة الجنائية والسياسية، وهو الأمر الذي وثّقته العديد من التقارير الحقوقية، ومنها تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش في أغسطس 2014، والذي يحمل عنوان (حسب الخطة) وسرد أسماء المجرمين الذين ارتكبوا المذبحة، وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي، بل وسمّته كمجرم حرب مرتكب للجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم".
اقرأ أيضاً: الداخلية المصرية تتوعد متظاهري "مذبحة رابعة" بالرصاص الحي