تشهد الغوطة الشرقية، في ريف دمشق، مواجهات عنيفة بين القوات النظامية وكتائب المعارضة المسلحة، منذ ليل أمس الأحد، بعدما لجأت الأولى إلى ارتكاب مجزرتين في دوما وكفر بطنا جراء القصف الجوي موقعةً عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، في حين تمكن مقاتلو المعارضة من كسر حصار المليحة وإنقاذ ذويهم، بعد تفجير سيارة مفخخة أسفرت عن مقتل 15 عنصراً.
وأشار الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية، مهند الجزائري، لـ"العربي الجديد"، الى أنه "سقط نحو 50 شهيداً، حتى عصر أمس الأحد، إضافة إلى عشرات الجرحى بينهم أطفال ونساء، جراء شن الطيران الحربي غارات جوية على مدينتي، كفربطنا ودوما".
ولفت الجزائري إلى أن "الطيران الحربي استهدف السوق الشعبية وسط كفر بطنا المكتظة بالمدنيين، وتناثرت الأشلاء والجثث على طول السوق، مما حال دون التعرف إلى هويتهم". وأضاف أنه "تم قصف منطقة القوتلي في مدينة دوما بالصواريخ الفراغية، مما تسبب أيضاً في سقوط العشرات من الشهداء والجرحى".
من جانبه، أحصى الطبيب في الغوطة الشرقية أبو عبد الله، لـ"العربي الجديد"، حصيلة الغارات الأولية بـ"23 شهيداً في كفربطنا، و27 في دوما، إضافة إلى عشرات الجرحى، بينهم حالات خطرة".
وأوضح أن "المستشفيات الميدانية تعاني من نقص شديد في الأدوية والمعدات الطبية، مما يحول دون إنقاذ حياة الكثير من الجرحى، ويرجح ارتفاع عدد الشهداء".
المعارضة تكسر حصار المليحة
وفي ريف دمشق أيضاً، قام أحد عناصر "جبهة النصرة"، أبو آلاء التونسي، بتفجير حاجز للقوات النظامية على أطراف بلدة المليحة، عبر عربة "بي إم بي" مفخخة، مما أسفر عن سقوط 15 عنصراً من القوات النظامية.
وقال المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام"، عبد الرحمن الشامي، لـ "العربي الجديد"، إن "العملية أدت إلى تراجع القوات النظامية في نقاط عدة، في مقابل تقدّم عناصر المعارضة، الذين استطاعوا فك الحصار عن المقاتلين المحاصرين داخل البلدة منذ نحو شهر تقريباً، وتم تأمينهم بالطعام والذخيرة".
ورصد ناشطون في مدينة جرمانا، المحاذية للمليحة، وصول نحو 48 عسكرياً من القوات التابعة للنظام، تم اسعافهم في مستشفيات المدينة، جراء التفجير الذي ضرب المليحة ومن بينهم "جثث متفحمة وحالات حرجة ومنهم جروح طفيفة"، على حد وصف أحد الناشطين.
وأضاف الشامي أن "المعارك الدائرة صعبة جداً ومعقدة". ولفت إلى أن "قوات النظام تعتبر جبهة المليحة خطاً أحمر، وتستخدم تكتيكات عسكرية متطورة، وتستعين بخبراء من روسيا وإيران في حين يقود العمليات على الأرض قادة من حزب الله، وعناصر من المليشيات العراقية، بينما يتم توظيف الشبيحة للتجسس ونقل المعلومات".
وتوعّد قوات النظام بـ"عمليات نوعية يجري التخطيط لها منذ أشهر، وسيتم العمل عليها في وقت ليس بالبعيد". ووصف النظام بـ"المنهار داخلياً"، بعد انسحاب عناصر من "حزب الله"، إثر التقدم في القلمون والتوتر في عرسال، وبسبب سقوط أعداد كبيرة منهم على الجبهات.
ونقل عن "خلايا نائمة" تعمل لصالح المعارضة داخل المناطق، التي يسيطر عليها النظام، بأن هناك "احتقاناً كبيراً داخل الطائفة العلوية، بسبب رفضه مبادلة الرهائن مقابل المعتقلين في سجون النظام مما يزيد النقمة عليه".
وعن سقوط قذائف على مناطق جرمانا والدويلعة، التي تقع تحت سيطرة النظام، والتي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين، أكد الشامي أن "قوات المعارضة لا تستهدف سوى المقار الأمنية والعسكرية". ونفى استهدافهم تلك المناطق.
من جهته، أشار الناشط غزوان الحكيم، لـ"العربي الجديد" إلى أن "معارك عنيفة تدور في المليحة، يشترك فيها كل من جيش الإسلام، وجبهة النصرة، وفيلق الرحمن، وأحرار الشام، والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وألوية الحبيب المصطفى". وأوضح أن "جيش الإسلام أعلن إشراكه جميع مدرعاته في معركة المليحة، التي أطلق عليها اسم (إن مع العسر يسراً)".
يُذكر أن قوات النظام تسعى إلى السيطرة على بلدة المليحة في ريف دمشق (خمسة كيلومترات عن العاصمة دمشق)، تمهيداً لإحكام قبضتها على كامل مناطق الغوطة الشرقية، وتأمين طريق مطار دمشق الدولي، في حين تتمترس كتائب المعارضة للاحتفاظ بالبلدة، وجعلها ممراً للوصول إلى منطقة جرمانا الموالية للنظام، تمهيداً للوصول إلى وسط مدينة دمشق.
في جانب متصل، أعلنت فصائل معارضة تشكيل "جيش أسود الشرقية" في منطقة القلمون في ريف دمشق، في بيان مصور بث على موقع التواصل الاجتماعي، "يوتيوب".
وأوضح البيان أن "11 لواء وكتيبة غادرت محافظة دير الزور في القلمون، وتوحدت ضمن مسمى (جيش أسود الشرقية)، بهدف إعلاء كلمة لا إله إلا الله، وإسقاط النظام".
ويضم "جيش أسود الشرقية"، الذي غادر محافظة دير الزور بعد مواجهات عنيفة مع "داعش"، فصائل بارزة منها: "بيارق الشعيطات"، و"ابن القيم"، و"القادسية"، و"عمر المختار"، و"تجمع الأصالة والتنمية".