وبدأت قوات المعارضة، فجر أمس الجمعة، هجوماً واسعاً على حواجز ونقاط قوات النظام، في جبل الأربعين، جنوب إدلب، والذي يتمتع بأهمية استراتيجية عالية، نظراً لإشرافه على أكبر معسكرين باقيين، للنظام في ريف إدلب، وهما معسكرا المسطومة، الواقع جنوب إدلب على طريق أريحا، ومعسكر القرميد الواقع شرق إدلب على طريق سرمين.
كما توجد مدينة أريحا، ذات الأهمية الاستراتيجية العالية في جبل الأربعين أيضاً، والتي تكمن أهميتها، لكونها أكبر المدن التي يسيطر عليها النظام في ريف إدلب، ولوجود أكبر نقاط تواجده على طريق الإمداد الذي يصل الساحل بمدينة إدلب.
وأفاد الناشط الإعلامي، إبراهيم ريحاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بـ"قيام قوات المعارضة السورية، ممثلة بقوات صقور الشام وقوات جيش الإسلام، التابعتين للجبهة الإسلامية، وقوات فيلق الشام ومجموعات الجيش الحرّ، بقصف حواجز قوات النظام في جبل الأربعين ومعسكري المسطومة والقرميد، بمختلف أنواع قذائف الهاون وصواريخ الغراد والصواريخ محلية الصنع".
وأضاف: "بعد ذلك، شنّت قوات المعارضة هجوماً على هذه الحواجز، لتتمكن بعد ذلك، من تفجير نفق كانت قد حفرته في وقت سابق، أسفل حاجز الأصفري، المعروف باسم حاجز قصر السعودي، لتتمكن من تدمير المبنى والسيطرة على الحاجز. كما أن قوات المعارضة تمكنت بشكل متزامن، من تدمير حاجز تل السودا وحاجز الفنار في جبل الأربعين أيضاً، ليبقى عدد قليل من عناصر قوات النظام، محاصرين في مبنى مدمّر في حاجز الفنار، من قبل قوات المعارضة التي تقدمت للسيطرة على الحاجز".
ولم تجد قوات النظام، من سبيل للردّ على تقدم المعارضة في جبل الأربعين، سوى بقصف المناطق السكنية في بلدتي البارة وأحسم، القريبتين، بالبراميل المتفجرة. كما ألقى الطيران المروحي التابع للنظام، براميل متفجرة عدة، على البلدتين، مما أدى لحصول دمار كبير فيهما، وسقوط عدد من الجرحى، كما قامت مدفعية النظام المتمركزة في معسكر القرميد، بقصف قريتي بليون وقميناس.
وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر مقربة من قوات المعارضة في المنطقة، بنيّتها السيطرة على سبعة حواجز أساسية لقوات النظام في جبل الأربعين، بهدف جعل معسكري القرميد والمسطومة، في مرماها.
كما تهدف قوات المعارضة من تقدمها الأخير في الجبل، إلى السيطرة على مدينة أريحا. الأمر الذي سيعني حصار قوات النظام المتواجدة في مدينة إدلب بشكل كامل، من خلال فصلها عن مناطق الساحل، التي تسيطر عليها قوات النظام، وتستخدم خط إمداد طويل، يمرّ بمناطق جسر الشغور وبسنقول ومحمبل وأريحا، لإيصال الإمدادات لقواتها في مدينة إدلب.
وسبق أن شنّت قوات المعارضة هجوماً على معسكري القرميد والمسطومة، بشكل متزامن، مع هجومها على حواجز قوات النظام في جبل الأربعين، وذلك بهدف إشغال عناصر المعسكرين، وإجبارهم على إيقاف القصف المستمر منهما، على مناطق سيطرة قوات المعارضة في جبل الأربعين.
وكانت قوات المعارضة قد تمكنت، في وقت سابق، من حصار قوات النظام في إدلب أكثر من مرة، من خلال سيطرتها على نقاط استراتيجية على خط إمداداتها، وتمكنت من السيطرة على مدينة أريحا وعلى الحواجز التابعة لقوات النظام في محيط المدينة، وفي جبل الأربعين، وذلك في شهر أغسطس/آب من عام 2013، قبل أن تتمكن قوات النظام من استعادة السيطرة على المدينة، بعد غارات عنيفة شنّتها طائرات النظام المروحية والنفاثة بالبراميل المتفجرة والصواريخ الموجهة والفراغية، الأمر الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من سكان المدينة ووقوع دمار كبير فيها، مما اضطر قوات المعارضة على الانسحاب منها.
وكانت قوات المعارضة قد استبقت حينها السيطرة على مدينة أريحا بمهاجمة بلدة بسنقول، الواقعة على خط إمداد قوات النظام أيضاً والسيطرة عليها، الأمر الذي مكنها حينها من منع وصول أية إمدادات لقوات النظام السوري المتمركزة في أريحا والجبل.
إلا أن قوات المعارضة استخدمت هذه المرة استراتيجية مختلفة، نظراً لوضعها الميداني المتقدم في ريف إدلب، وذلك بمحاولتها السيطرة على قمم جبل الأربعين الشاهقة، الأمر الذي سيمكنها من فرض السيطرة النارية على المعسكرات والحواجز المتبقية للنظام في ريف إدلب، من دون الحاجة لمهاجمة جميع هذه المعسكرات والحواجز.
وأصبحت قوات المعارضة في ريف إدلب في وضع ميداني ممتاز، منذ تمكنها من السيطرة على معسكري وادي الضيف والحامدية الواقعين في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي على التوالي، وذلك بعد انسحاب ما تبقى من عناصر قوات النظام في المعسكرين نحو مدينة مورك، التي يسيطر عليها النظام في ريف حماة الشمالي. ووضعت قوات المعارضة يدها على مناطق ريف إدلب الشمالي والشرقي والجنوبية بالكامل، لتسعى إلى مهاجمة آخر معاقل النظام في المنطقة.