08 نوفمبر 2024
سورية والخندق الواحد
يحق للسوريين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يستعملوا تعبيري "يا وحدنا" و"مالنا غيرك يا الله" اللذين كانا يُرفعان في التظاهرات السلمية في مناطق سورية كثيرة في الفترة الأولى من عمر الثورة. التعبيران يحملان معان كثيرة تؤشر إلى المرحلة الحالية من عمر الأزمة السورية، وتحديداً بالنسبة إلى السوريين الذين اختاروا الوقوف في وجه النظام، سواء بالصرخات السلمية أو بحمل السلاح، أو الذين فروا هرباً من بطش الجيش السوري وحلفائه. مرحلة سقطت فيها المعسكرات التي كانت قائمة في بداية الثورة، بين بلدان مؤيدة لبقاء بشار الأسد في السلطة وأخرى معارضة له ومؤيدة لحراك السوريين، سلمياً وعسكرياً، إذ تفيد التحولات التي تشهدها الميادين السياسية والعسكرية بأنه لم يعد هناك إلا معسكر واحد يريد إنهاء الوضع السوري بشتى الوسائل.
المؤشرات على بداية هذه التحولات قديمة، وكانت تتسرب بين حين وآخر، غير أنها أخذت، في الأيام الأخيرة، شكلاً أكثر وضوحاً، مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إيران، وقبلها إلى روسيا، ثم زيارة ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم تقتصر الزيارات واللقاءات على الطابع البروتوكولي الخاص بالعلاقات بين الدول، بل باتت لها ترجمة عملية على أرض الواقع، عسكرياً وسياسياً، وخصوصاً في ما يتعلق بالوضع السوري، على الرغم من أن بوادر التحالفات الجديدة تتعداه إلى ما هو أكبر، إلا أن الانعكاسات المباشرة عليه كانت أوضح.
على المستوى السياسي، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، من موسكو، عن السعي إلى توحيد المعارضة السورية، لتتطابق مع الرؤية الروسية في هذا المجال، وإدخال المنصات القريبة من موسكو إلى الهيئة التفاوضية في جنيف، على أساس الإبقاء على دور لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية التي ستفتح على مراحل لاحقة بدون شك، وخصوصاً مع الإصرار الروسي الذي بات مقبولاً سعودياً وتركياً، على أن مصير الأسد تحسمه الانتخابات "بمن حضر". يضاف إلى ذلك الاتفاق على المحميات في الأراضي السورية، بتفاهم روسي تركي، وبتكليف لقوات معارضة ستصبح موالية لهذين الطرفين، لإدارة الكانتونات الفدرالية التي يتم التخطيط لها.
التفاهم الروسي التركي، والذي عزّزته زيارة أردوغان إلى إيران، ولقائه الرئيس حسن روحاني، تجلى في إطلاق معركة إدلب، والتي أعلن الرئيس التركي صراحة أنها تجري بشراكة بين القوات الروسية والتركية، إذ سيؤمن الطيران الروسي قوات الجيش الحر من الجو، فيما تتولى القوات التركية المعارك البرية خارج المدينة. وستمتد الشراكة في إدلب إلى مناطق أخرى، وإلى حسابات سياسية وعسكرية مختلفة.
وبات واضحا أن الخندقين المتقابلين في الثورة السورية باتا اليوم خندقاً واحداً، تجمع أطرافه المصالح المشتركة والحفاظ على النفوذ، على حساب أبناء سورية الذين استخدمتهم بعض هذه الأطراف، وغذّتهم سياسياً وعسكرياً، وأعطتهم جرعات معنوية بأن "النصر قريب"، قبل أن تقرر الالتفاف والدخول في شراكاتٍ على حساب الشعارات التي رفعتها سابقاً. والحديث هنا عن تركيا والسعودية تحديداً.
المؤشرات على بداية هذه التحولات قديمة، وكانت تتسرب بين حين وآخر، غير أنها أخذت، في الأيام الأخيرة، شكلاً أكثر وضوحاً، مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إيران، وقبلها إلى روسيا، ثم زيارة ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم تقتصر الزيارات واللقاءات على الطابع البروتوكولي الخاص بالعلاقات بين الدول، بل باتت لها ترجمة عملية على أرض الواقع، عسكرياً وسياسياً، وخصوصاً في ما يتعلق بالوضع السوري، على الرغم من أن بوادر التحالفات الجديدة تتعداه إلى ما هو أكبر، إلا أن الانعكاسات المباشرة عليه كانت أوضح.
على المستوى السياسي، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، من موسكو، عن السعي إلى توحيد المعارضة السورية، لتتطابق مع الرؤية الروسية في هذا المجال، وإدخال المنصات القريبة من موسكو إلى الهيئة التفاوضية في جنيف، على أساس الإبقاء على دور لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية التي ستفتح على مراحل لاحقة بدون شك، وخصوصاً مع الإصرار الروسي الذي بات مقبولاً سعودياً وتركياً، على أن مصير الأسد تحسمه الانتخابات "بمن حضر". يضاف إلى ذلك الاتفاق على المحميات في الأراضي السورية، بتفاهم روسي تركي، وبتكليف لقوات معارضة ستصبح موالية لهذين الطرفين، لإدارة الكانتونات الفدرالية التي يتم التخطيط لها.
التفاهم الروسي التركي، والذي عزّزته زيارة أردوغان إلى إيران، ولقائه الرئيس حسن روحاني، تجلى في إطلاق معركة إدلب، والتي أعلن الرئيس التركي صراحة أنها تجري بشراكة بين القوات الروسية والتركية، إذ سيؤمن الطيران الروسي قوات الجيش الحر من الجو، فيما تتولى القوات التركية المعارك البرية خارج المدينة. وستمتد الشراكة في إدلب إلى مناطق أخرى، وإلى حسابات سياسية وعسكرية مختلفة.
وبات واضحا أن الخندقين المتقابلين في الثورة السورية باتا اليوم خندقاً واحداً، تجمع أطرافه المصالح المشتركة والحفاظ على النفوذ، على حساب أبناء سورية الذين استخدمتهم بعض هذه الأطراف، وغذّتهم سياسياً وعسكرياً، وأعطتهم جرعات معنوية بأن "النصر قريب"، قبل أن تقرر الالتفاف والدخول في شراكاتٍ على حساب الشعارات التي رفعتها سابقاً. والحديث هنا عن تركيا والسعودية تحديداً.