سورية: 250 ألف مدني تحت الحصار في دير الزور

18 يوليو 2015
يعاني أهالي دير الزور من فقدان المواد الغذائية(فرانس برس)
+ الخط -

للشهر الثالث على التوالي، يعاني أكثر من 250 ألف مدني من انقطاع المواد الغذائية والطبية والكهرباء وشح المياه، في حيي الجورة والقصور، في مدينة دير الزور، الخاضعين لسيطرة النظام السوري، واللذين يحاصرهما تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) منذ بداية العام الحالي، بحجة انقطاع الجسر الجوي، إثر استهداف التنظيم للمطار بشتى أنواع الأسلحة، في وقت لا تزال فيه قوات النظام والمليشيات الموالية له قادرة على تأمين احتياجاتها عبر الجسر ذاته.  

ويقول عضو "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، محمد الخليف، وهو من دير الزور، لـ"العربي الجديد"، إن "معاناة أهالي دير الزور في حيي الجورة والقصور، بدأت منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين أعلن داعش إغلاق كافة المعابر لهما، ومنع إدخال المواد الغذائية، التي كانت تأتيهم من ريف دير الزور وغيرها من المحافظات". ويتابع الخليف "في المقابل، قامت قوات النظام، بعد حصار داعش لها، بالاعتماد على نقل المواد الغذائية إلى هذه الأحياء عبر الطيران (طائرة اليوشن) من العاصمة دمشق إلى مطار دير الزور العسكري الملاصق لحيي الجورة والقصور، إذ يتعامل النظام مع تجار معروفين داخل هذه الأحياء، والذين يتلاعبون بالأسعار". ويوضح عضو "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أنّ "هناك شراكة بين النظام والتجار، عبر صفقات سرية تتم بينهما، من أجل نقل المواد الغذائية وبيعها مقابل نسبة يأخذها ضباط النظام في الجورة والقصور".

وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن "التجار يدفعون نحو مليون ليرة عن كل طن من المواد الغذائية (نحو 3 آلاف دولار) كرشوة، في حين يُدفع 75 ألف ليرة عن كل شخص يريد الخروج من المدينة". ويلفت الخليف إلى أنّه "في الفترة الأخيرة، توقّف النظام عن نقل المواد الغذائية من دمشق إلى دير الزور عبر طائرات الشحن"، مبرراً ذلك باستهداف الطائرات من قبل داعش بالأسلحة والمدافع الثقيلة". ويعتبر الخليف أن "كذب النظام وزيفه يظهر جلياً عبر توفر المواد الغذائية لعناصره ومليشياته داخل هذه الأحياء، والتي لا تزال تصلهم عبر الطيران".

اقرأ أيضاً: النظام السوري و"داعش" يقتلان 46 مدنياً في دير الزور

ويقول المواطن محمد العلوش، من حي الجورة، لـ"العربي الجديد"، إن "الحصار دفع الأهالي إلى الاعتماد على زراعة بعض الخضار فوق الأبنية والحدائق الموجودة في المنازل، إضافة إلى بعض الأراضي الزراعية على أطراف الحي، إلّا أنّ ما ينتج يكاد لا يذكر أمام احتياجات الأهالي". ويلفت العلوش إلى أن "الحصار دفع بالعديد من العائلات إلى النزوح من مناطق النظام، إما عبر المطار إلى دمشق أو إلى ريف المدينة، عبر دفع مبالغ مالية كبيرة لقوات النظام. ويعتبر الخروج باتجاه الريف الذي يسيطر عليه داعش مخاطرة كبيرة، فإن نجا من رصاص مقاتلي التنظيم، فإن العبوات الناسفة لا ترحم". ويوضح العلوش أنه "منذ نحو أسبوعين قُتلت عائلة بأكملها أثناء خروجها جراء انفجار لغم فيها، وقتل رجل آخر عبر القنص وهو يحاول الخروج عبر النهر".

ويفيد ناشطون بأن الأسعار داخل الأحياء بلغت أضعاف ما هي عليه في دمشق. فعلبة السردين تباع بـ500 ليرة، وعلبة التونة بـ700 ليرة، وكيلو الطحين الأسمر بـ200 ليرة، وكيلو الشاي بـ3800 ليرة، والبرغل بـ500 ليرة، واللحمة بـ5000 ليرة، والبندورة بـ800 -1100 ليرة، وكيلو البامية بـ1800 ليرة، وكيلو الكوسا بـ1200 ليرة، وكيلو الباذنجان بـ1500 ليرة، وكيلو البصل الأخضر بـ2000 ليرة، وكيلو السكر، إن وجد، بـ3000 ليرة، ولتر المازوت والكاز بـ1200 ليرة، ولتر البنزين، إن وجد، بـ2500 ليرة، وكيلو الحطب بـ125 ليرة.

كما يعاني الأهالي من فقدان معظم المواد، كالزيت والسمنة والفاكهة، وأنواع كثيرة من الأدوية واحتياجات الأطفال والقطع الكهربائية والإلكترونية ومعدات ومستلزمات الصناعيين، والملابس ومواد البناء.
ويستغل النظام احتياجات العائلات للمواد الغذائية، فيميّز المتطوعين في الجيش أو عناصر الدفاع الوطني، عبر تأمين المواد الغذائية لهم ولعائلاتهم، إضافة إلى الرواتب والتعامل الأفضل، الأمر الذي يدفع بالشباب إلى الالتحاق بقوات النظام، بحسب الناشطين.

أما عن واقع الخدمات، فيوضح الناشطون أن "وضع الكهرباء غير مستقر، إذ تنقطع 18 ساعة في اليوم، وأحياناً تنقطع لأيام عدة. والمعادلة، أنّه مع انقطاع الكهرباء تشحّ المياه. وواقع الصحة سيئ للغاية بسبب النقص الشديد في الأدوية، كما أن الطلاب الجامعيين انتقلوا إلى محافظات أخرى، في حين أن التعليم الإعدادي والمتوسط والثانوي مستمر". ويشتكي الناشطون من التجاهل شبه التام من قبل المعارضة السورية والمجتمع الدولي لمأساة ملايين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المحاصرة والمناطق الخاضعة لسيطرة "داعش"، في حين يقتل عدد كبير من المدنيين يومياً إثر الصراع المسلح والإعدامات بتهم تكفيرية وعمالة.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يُفرغ دير الزور تمهيداً لسقوطها

المساهمون