01 نوفمبر 2024
عن "صورة المقاومة" وتشويهها
لم يعد بإمكان أحد التشكيك بعملية التجويع القائمة في مضايا السورية، في ظل الصور والفيديوهات الآتية من هناك، والتي تكشف عن ويلات الإبادة الجماعية الحاصلة للشعب السوري على يد النظام وحلفائه، وخصوصاً حزب الله اللبناني المتورّط مباشرة بحصار المدينة وأهلها. الحزب وآلاته الإعلامية ومناصروه، وبعدما أصبحوا في مرمى انتقاداتٍ امتدت إلى داخل البيئة الحاضنة له، وإنْ على استحياء، لم يجدوا وسيلة للتشكيك في الصور، إلا بالإشارة إلى أهدافها، وتحديداً "تشويه صورة المقاومة"، وهي بالنسبة لهم عبارة لها وقع سحري في أوساط الممانعين الذين ربما أضعفت صور مضايا "إيمانهم"، وزعزعت "قناعاتهم".
لم يشر بيان الحزب، ولا كلام مناصريه، إلى اسم حزب الله تحديداً، بل بقي الكلام عاماً عن "المقاومة"، من دون الحديث حتى عن مقاومة من. هي "المقاومة" بعموميتها وتفسيراتها وإسقاطاتها وتأويلاتها، والتي يتولى حزب الله الحق الحصري في إدارتها كيفما شاء. وبالتالي، هو يمكن أن يقاتل ويقتل السوريين في مضايا والزبداني وحلب، وغيرها من المناطق، باعتبار هذا جزءاً من "العمل المقاوم"، وهو سيجد من أنصاره المؤازرة والتأييد. وهذا ما حصل فعلياً في أكثر من مناسبة، من دون أن يحتاج الحزب وأنصاره إلى شن حملة مضادة لـ "تبييض صورة المقاومة".
لكن، من الواضح أن ما يحدث في مضايا شيء مختلف لم يستطع حزب الله تكذيبه، أو التخفيف من وطأته، إلا باللجوء إلى مثل هذه الشعارات، لإعادة شد عصب مؤيديه، ومن يدورون في فلكه بالدرجة الأولى، خصوصاً أن عملية الفرز الحاصلة منذ اندلاع الثورة السورية لم تترك المجال، إلا قليلاً، لمكان وسطي، فالمؤكد أن حزب الله، وحملته المضادة، لا تستهدف الجموع في الأمة العربية الذين كانوا يقفون إلى جانبه خلال العدوان على لبنان في يوليو/تموز 2006، فتلك مرحلة ولّت إلى غير رجعة، قبل حتى انطلاق الثورات العربية ووصولها إلى سورية. إذ تكفّل الحزب بنفسه بتشويه صورته وصورة مقاومته منذ 2008 وانخراطه الحربي في الداخل اللبناني، قبل أن ينتقل إلى القتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وهو ما فاقم وضع "الصورة" سوءاً، حتى في أوساط الفلسطينيين الذين يدّعي الحزب أنهم بوصلة تحركاته.
إذاً الصورة مشوّهة تلقائياً، ولا حاجة لها إلى مزيد من التشويه، في حال كان الحزب حريصاً على هذه الصورة خارج محيط بيئته وممانعيه، وهو بالتأكيد غير ذلك، فهو لم يخرج لينفي أنه ضالع في الحصار والتجويع، بل أكد ذلك بشكل غير مباشر. كل ما في الأمر أنه سعى إلى التقليل من حجم ما يحصل في مضايا، مستفيداً من بعض الصور المفبركة التي استخدمتها صفحات مؤيدة للثورة السورية لوصف الوضع في مضايا. وعلى الرغم من أن هذه الصور لا تزيد على اثنتين أو ثلاث، إلا أن الجيش الإعلامي لحزب الله وجد فيها سلاحاً لـ "تحسين الصورة"، متجاهلاً عشرات التسجيلات المصورة، ومئات الصور الأخرى غير المفبركة التي تشهد على ما وصلت إليه الأمور في مضايا. وبناء عليه، أطلق العنان للإعلاميين الموالين له للسخرية من جوع البشر وموتهم في مضايا، فشاهدنا مراسلين وصحافيين يأخذون على عاتقهم تسجيل رسائل خاصة في هذا الإطار، لبثها وسط الأنصار.
في الأساس، هذه هي الغاية، فصورة المقاومة باتت مشوهة أساساً في أوساط من كان يناصرها سابقاً، وهذا التشويه بدأ يتسرب فعلياً إلى أوساط أخرى، لم تحسم خيارها، أو لا تزال تميل إلى تصديق أن هناك مقاومة وأهدافاً سامية يسعى إليها الحزب. لأجل هؤلاء، تأتي الحملة المضادة، أما من يضمن الحزب ولاءهم، فلا حاجة لبذل أي مجهود للتأثير على رأيهم المسلوب كلياً، والغارق في "حب المقاومة" إلى درجة العمى. هؤلاء يرددون، بشكل ببغائي، كل ما يورده الحزب، وهم بدأوا فعلياً بترداد معزوفة "تشويه صورة المقاومة" في رده على أي محاججة في قضية مضايا وأهلها وحصارها.
لم يشر بيان الحزب، ولا كلام مناصريه، إلى اسم حزب الله تحديداً، بل بقي الكلام عاماً عن "المقاومة"، من دون الحديث حتى عن مقاومة من. هي "المقاومة" بعموميتها وتفسيراتها وإسقاطاتها وتأويلاتها، والتي يتولى حزب الله الحق الحصري في إدارتها كيفما شاء. وبالتالي، هو يمكن أن يقاتل ويقتل السوريين في مضايا والزبداني وحلب، وغيرها من المناطق، باعتبار هذا جزءاً من "العمل المقاوم"، وهو سيجد من أنصاره المؤازرة والتأييد. وهذا ما حصل فعلياً في أكثر من مناسبة، من دون أن يحتاج الحزب وأنصاره إلى شن حملة مضادة لـ "تبييض صورة المقاومة".
لكن، من الواضح أن ما يحدث في مضايا شيء مختلف لم يستطع حزب الله تكذيبه، أو التخفيف من وطأته، إلا باللجوء إلى مثل هذه الشعارات، لإعادة شد عصب مؤيديه، ومن يدورون في فلكه بالدرجة الأولى، خصوصاً أن عملية الفرز الحاصلة منذ اندلاع الثورة السورية لم تترك المجال، إلا قليلاً، لمكان وسطي، فالمؤكد أن حزب الله، وحملته المضادة، لا تستهدف الجموع في الأمة العربية الذين كانوا يقفون إلى جانبه خلال العدوان على لبنان في يوليو/تموز 2006، فتلك مرحلة ولّت إلى غير رجعة، قبل حتى انطلاق الثورات العربية ووصولها إلى سورية. إذ تكفّل الحزب بنفسه بتشويه صورته وصورة مقاومته منذ 2008 وانخراطه الحربي في الداخل اللبناني، قبل أن ينتقل إلى القتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وهو ما فاقم وضع "الصورة" سوءاً، حتى في أوساط الفلسطينيين الذين يدّعي الحزب أنهم بوصلة تحركاته.
إذاً الصورة مشوّهة تلقائياً، ولا حاجة لها إلى مزيد من التشويه، في حال كان الحزب حريصاً على هذه الصورة خارج محيط بيئته وممانعيه، وهو بالتأكيد غير ذلك، فهو لم يخرج لينفي أنه ضالع في الحصار والتجويع، بل أكد ذلك بشكل غير مباشر. كل ما في الأمر أنه سعى إلى التقليل من حجم ما يحصل في مضايا، مستفيداً من بعض الصور المفبركة التي استخدمتها صفحات مؤيدة للثورة السورية لوصف الوضع في مضايا. وعلى الرغم من أن هذه الصور لا تزيد على اثنتين أو ثلاث، إلا أن الجيش الإعلامي لحزب الله وجد فيها سلاحاً لـ "تحسين الصورة"، متجاهلاً عشرات التسجيلات المصورة، ومئات الصور الأخرى غير المفبركة التي تشهد على ما وصلت إليه الأمور في مضايا. وبناء عليه، أطلق العنان للإعلاميين الموالين له للسخرية من جوع البشر وموتهم في مضايا، فشاهدنا مراسلين وصحافيين يأخذون على عاتقهم تسجيل رسائل خاصة في هذا الإطار، لبثها وسط الأنصار.
في الأساس، هذه هي الغاية، فصورة المقاومة باتت مشوهة أساساً في أوساط من كان يناصرها سابقاً، وهذا التشويه بدأ يتسرب فعلياً إلى أوساط أخرى، لم تحسم خيارها، أو لا تزال تميل إلى تصديق أن هناك مقاومة وأهدافاً سامية يسعى إليها الحزب. لأجل هؤلاء، تأتي الحملة المضادة، أما من يضمن الحزب ولاءهم، فلا حاجة لبذل أي مجهود للتأثير على رأيهم المسلوب كلياً، والغارق في "حب المقاومة" إلى درجة العمى. هؤلاء يرددون، بشكل ببغائي، كل ما يورده الحزب، وهم بدأوا فعلياً بترداد معزوفة "تشويه صورة المقاومة" في رده على أي محاججة في قضية مضايا وأهلها وحصارها.