عن كوندوليزا رايس وفايزة أبو النجا

تسمى الدجاجة التي تبلغ من العمر عتيا في الديار المصرية بالعتقية، وفي المثل المصري الشائع (الدهن في العتاقي) أي أن الدجاجة الكبيرة هي التي لها دهن أكثر، ويقال هذا المثل للذين وصلوا إلى مراحل عمريه متقدمة، فهم مظن الخبرة والحنكة أكثر من غيرهم، وتسمى تلك الدجاجة في الديار السودانية بدنكس، وكل بلد حر في دجاجه.

ولعل اختيار الجنرال عبد الفتاح السيسىي فائزة أبو النجا وزير التعاون الدولي الأسبق مستشارا للأمن القومي، كان باعثه العمر الذي وصلت إليه أبو النجا، وأنها وصلت إلى عتقية مناسبة تجعلها تكون أقرب للاختيار مستشارة للأمن القومي، في وقت تتالت فيه التفجيرات في أغلب المدن المصرية التي تتم بالقنابل البدائية الصنع، أو المتطورة.

وفي وقت زادت فيه جماعة أنصار بيت المقدس من عملياتها العسكرية ضد الجيش في سيناء. وفي وقت زادت فيه نبرة الاحتجاج والسخط الشعبي ضد كل ممارسات الحكومة الانقلابية، التي ضربت المعتصمين في ميدان رابعة العدوية وغيره بالرصاص الحي، وانتهاء باعتقال طلاب الجامعات من الأجهزة الأمنية وفالكون.

إذن، من الأوجب اختيار أبو النجا لتكون في هذا المنصب، لعلها تشير برأي سديد من سابق تجربتها ومن مخزون معرفتها. ولا ندري أهي مصادفة بحتة، أم تدبير مقصود من الجنرال، أن يعمد إلى اختيار وزرائه من العواجيز والقواعد من النساء، بدءا من حازم الببلاوي وإبراهيم محلب وانتهاء بأبو النجا.

ما علينا، المهم أن السيسي أوكل أبو النجا بهذا المنصب، وهي تذكرني بعتقية أو دنكيسية أميركية، وهي كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي في ولاية الرئيس السابق، جورج دبليو بوش. والتي كانت تقضي من ست إلى سبع ساعات يوميا إلى جانب الرئيس، وهي أيضا فرد غير رسمي من عائلة بوش، حيث أفردت لها حجرة خاصة في كامب ديفيد، تحل فيها ضيفة دائمة على أسرة بوش، وهي تستمد قوتها من علاقاتها الوثيقة بالرئيس بوش وعائلته، وتعشق، مثل رئيسها، الرياضة واللياقة البدنية.

أبو النجا ورايس تتشابهان في أنهما عتقيتان، من جيل واحد، إلا أن فائزة تكبر الثانية بثلاثة أعوام، وربما تكون بذلك أكثر نفعا للسيسي من كوندوليزا لبوش.

ولأن أبو النجا من بقايا نظام حسني مبارك وأعمدته، سوف تكون موجها خفيا للسيسي، ومتحيزة في صناعة القرار الذي يؤدي إلى عودة الدولة البوليسية، بكل رموزها، وستكون أكثر حفاظا على الانقلاب الأسود من هيجة الجماهير الصامدة، والصابرة، وعلى أبو النجا مهمة ثقيلة، لتفادي الاضطرابات في مجتمع محتقن، خصوصاً بعد عزل رئيسه المنتخب عنوة.