غير أنّ مصدراً حكومياً أردنياً، يؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ "المشاركة الأردنية في الحرب على داعش لن ترتب أعباءً مالية على خزينة المملكة، ولن تستنزف من موازنة القوات الُمسلحة التي شارفت على النفاذ أصلاً".
وخُصص للقوات المسلحة الأردنية 2.67 مليار دولار، من مجمل موازنة الدولة للعام 2014 البالغة نحو 12.63 مليار دولار، وتشير أرقام وزارة المالية إلى أنّ المؤسسة العسكرية أنفقت حتى نهاية يوليو/ تموز حوالى 1.58 مليار دولار من مخصصاتها في الموازنة، ما يعني عجزها عن تغطية نفقات الغارات الجوية التي تنفذها ضد "داعش".
وفي هذا الصدد، يكشف مصدر حكومي، تحفظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن التزام دول إقليمية مشاركة في التحالف بتغطية الكلف المالية التي ستتكبدها القوات المسلحة نظير مشاركتها في الغارات الجوية على "داعش". ويلفت إلى أنّ "أدوار الائتلاف الإقليمي موزعة بشكل متوازن، وسيكون هناك دعم مالي للحرب على داعش من قبل بعض الدول الإقليمية".
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أخرى، عن تعهّد السعودية والإمارات العربية المتحدة بتسديد فاتورة المشاركة الأردنية في الحرب على "داعش"، وهو ما تمّ خلال اجتماع جدة، الذي عقد في 11 سبتمبر/ أيلول الحالي، وضمّ وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، إضافة إلى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر ولبنان والأردن والعراق.
وحول مخاوف الأردن من عدم وفاء الدول المتعهدة بالتزاماتها، يقول المصدر الحكومي إنّ "الدعم المالي سيدفع بشكل مستمر، وفي نهاية كل أسبوع ستقدم الفواتير وتسدد مباشرة".
وكان ناشطون أردنيون قد انتقدوا مشاركة الأردن في الحرب، متسائلين عن الأعباء المالية التي ستتكبدها الدولة، التي تعاني عجزاً في موازنتها للعام الجاري يبلغ نحو 1.57 مليار دولار.
ويبدو تقدير الكلفة المالية للمشاركة الأردنية، مستحيلاً، في ظل التعتيم على حجم المشاركة، ويشير الخبير العسكري الأردني، اللواء الطيّار المتقاعد محمود إرديسات، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الكلفة مرتفعة لكن لا يمكن حسابها إلاّ بمعرفة نوعية الطائرات المشاركة، والمسافة التي تقطعها، والذخيرة المستخدمة، والأهداف التي تضربها". واتفق معه في ذلك اللواء المتقاعد وعضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، محمد فلاح العبادي.
واعتبر الخبيران أن مشاركة الأردن في العمليات العسكرية رمزية، وأن مشاركة غالبية الدول العربية ضمن الحلف في الضربات الأولى جاءت لتحمل رسالة مفادها "وقوف الدول العربية والإسلامية إلى جانب العالم في الحرب على الإرهاب الممارس باسم الدين الإسلامي".
ورُشّح الدور الأردني في الحرب على "داعش"، في البداية ليقدم دعماً استخبارياً لوجستياً، وتعدّى ذلك غلى المشاركة في الغارات الجوية، وفتح قواعده العسكرية لانطلاق الطائرات الحربية لعدد من الدول العربية والغربية المشاركة في الحرب، بحسب ما تؤكد مصادر متطابقة.
وأعلنت بلجيكا التي وافق برلمانها على الانضمام للتحالف الدولي شريطة التدخل في العراق فقط، عن إرسال ست طائرات حربية من طراز "أف 16" إلى الأردن، سبقها إعلان الدنمارك إرسال سبع طائرات "أف 16" للمشاركة في الهجوم في العراق، من دون أن تحدد الوجه التي ستقصدها الطائرات لتكون مُنطلقها في الغارات، وسط تسريبات تحدثت عن وصولها إلى القواعد الجوية الأردنية.
ويعتبر العبادي أنّ "القواعد الجوية الأردنية، هي المكان الأفضل لاستخدامها في الغارات الجوية، كما أن الأردن يمتلك معلومات استخبارية لا تمتلكها أي دولة في العالم، يمكن أن تكون مرشداً للغارات التي تشنها الطائرات".
ولم تنف أو تؤكد أي مصادر رسمية خبر استخدام الأردن قواعدها الجوية كمنصة لانطلاق طائرات التحالف، مكتفية بالقول "الحرب على داعش ممتدة ومستمرة، وسيكون هناك إجراءات معلنة وغير معلنة كجزء من هذه الحرب".
وسارع الأردن بالإعلان عن مشاركته في الغارات الأولى التي شنها التحالف الدولي على مواقع تنظيم الدولة، ليتوقف بعدها عن الإعلان عن مشاركة في الغارات المستمرة، والتي أصبح الإعلان عن المشاركة الأردنية فيها يأتي من خلال وزارة الدفاع الأميركية.