فرنسا تواجه ظلام انقطاع الكهرباء بعد أزمة الوقود

لندن
2CA83E7B-EE56-4367-A7F1-2798831341F6
موسى مهدي
صحافي بريطاني من أصل سوداني؛ محرّر في قسم الاقتصاد في "العربي الجديد".
26 مايو 2016
4AE38325-E2AE-426A-A300-73CC715D13FB
+ الخط -

بعض أجزاء فرنسا ربما تعيش في ظلام دامس مساء اليوم، في أعقاب إعلان النقابات في محطات الطاقة النووية الـ19 عن خوض إضراب عن العمل ابتداء من مساء اليوم الخميس.

وينذر هذا الإضراب فرنسا بأزمة كهرباء تضاف إلى أزمة الوقود التي تتفاعل، رغم محاولات الحكومة الفرنسية فتح المعابر لمرور الشاحنات من مخازن المشتقات النفطية إلى محطات الوقود في المدن الفرنسية الكبرى.

وحسب البيانات التي أطلقتها نقابات عمال محطات الطاقة، فإن الإضراب الشامل سيبدأ في جميع المحطات النووية في الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينتش.

ورغم أن خبراء فرنسيين قالوا لمحطات تلفزيونية محلية إن فرنسا ستقوم باستيراد الكهرباء من الدول المجاورة، وإن هنالك حدودا للإضراب يمنع القانون الفرنسي تجاوزها بالنسبة إلى إضرابات محطات الطاقة النووية، إلا أن احتمال انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المدن الفرنسية، بما فيها باريس، أصبح وارداً.

وتعمق هذه الإضرابات الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها فرنسا منذ العام الماضي. إذ لم تنته تداعيات الهجمات الإرهابية على باريس في نوفمبر/تشرين الثاني، حتى دخلت الحكومة الفرنسية في صراعات مع العمال بشأن مشروع قانون إصلاح العمل، الذي تعارضه النقابات العمالية، لتزيد من أزمة الاقتصاد الفرنسي الذي يعاني أصلاً من ارتفاع معدل البطالة وسط الشباب وانخفاض معدل النمو وتدني معدل تدفق الاستثمارات الجديدة وتراجع الإنتاج الصناعي.

ويعد الاقتصاد الفرنسي، الذي يبلغ ناتجه المحلي 2.48 ترليون دولار، سادس أكبر اقتصاد في العالم، وثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا، لكن معدلات التوظيف في فرنسا تعد الأدنى بين دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، خاصة توظيف الشباب حتى سن 24 سنة، وذلك بسبب قوانين العمل غير المرنة بالنسبة لأصحاب الشركات.

ويرى العديد من خبراء الاقتصاد في المفوضية الأوروبية وخارجها أن إصلاح قانون العمل الفرنسي له أهمية كبرى في إنعاش الاقتصاد الفرنسي وتنشيط الاستثمارات الأجنبية، غير أن نقابات العمال ترى أن القانون الجديد يسلب العمال حقوقهم في الدفاع عن وظائفهم من خلال إعطاء المشغل أو الشركات الحق في التخلص من العامل أو الموظف دون تكبد أي خسارة مالية أو قانونية.

وحاولت حكومات فرنسية سابقة إصلاح قانون العمل دون جدوى، وهذا ما دفع بالرئيس الحالي، فرانسوا هولاند، إلى إجازة القانون دون مناقشته في البرلمان.

ويشكك مصرف "اودو آند سي" الاستثماري الفرنسي، في دراسة صدرت الأسبوع الماضي، في إمكانية إصلاح الاقتصاد الفرنسي في ظل حكومة هولاند الحالية، لأنه يرى أنها لا تملك الشعبية التي تمكنها من إقناع الجماهير بأهمية إصلاح سوق العمل لضمان نمو وازدهار الاقتصاد الفرنسي.


ويقول المصرف الاستثماري إن اصلاح الاقتصاد الفرنسي ليس مستحيلاً، ولكنه يحتاج إلى ثلاثة عناصر رئيسية، وهي: أولاً: التفويض الشعبي، وثانياً: أغلبية برلمانية. وثالثاً رؤية طويلة الأجل للاقتصاد تستطيع الحكومة من خلال طرحها إقناع الشارع بضرورة دعم إصلاح قانون العمل. ويرى مصرف "اودو آند سي" أن الحكومة الفرنسية الحالية تفتقر إلى هذه العناصر.

وحسب بيانات المفوضية الأوروبية الصادرة أخيراً، يبلغ معدل البطالة في فرنسا 10.5% في المتوسط، كما ينخفض معدل النمو إلى 1% بسبب تناقص معدل الاستثمارات الجديدة في الاقتصاد.

ورغم أن الاقتصاد الفرنسي استفاد من انخفاض أسعار النفط خلال العامين الماضيين، واستفاد كذلك من الانخفاض في كلفة الإنتاج، الذي انعكس إيجاباً على نمو الصادرات، لكن لايزال معدل التضخم في فرنساً منخفضاً، ومن غير من المتوقع أن يرتفع فوق 0.6% خلال العام الجاري.

خياران لمواجهة الأزمة

يرى خبراء فرنسيون أن الإضرابات العمالية، وما سببته من أزمة في الوقود، تضع الحكومة الفرنسية، التي تفتقر

إلى الشعبية، أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما التراجع عن إصلاح قانون العمل أو مواجهة أزمة التباطؤ الاقتصادي.

وقد تضع هذه الإضرابات الرئيس فرانسوا هولاند في مأزق حقيقي، لأنه أجاز إصلاح قانون العمل دون الحصول على موافقة البرلمان مستغلاً في ذلك فقرة غامضة في القانون، حسب قول خبراء في لندن، وهو ما دفع النقابات الفرنسية إلى اعتباره مرسوما رئاسيا لا يرقى إلى مستوى قانون.

وبدأت النقابات، منذ أيام، في استخدام سلاح الوقود والكهرباء للضغط على هولاند، حيث قامت بإغلاق المعابر من 8 مصاف من المصافي الكبرى في فرنسا، البالغ عددها 17 مصفاة. ومنعت مرور شاحنات الوقود من الوصول إلى محطات الوقود في المدن الكبرى، وعلى رأسها باريس.

كما صوتت النقابات، أول من أمس الثلاثاء، على إغلاق ثلاث مصاف كبرى من مصافي شركة توتال، وفق "فرانس 24".

وزرع توقف ثلاث مصاف من مصافي توتال الهلع وسط أصحاب الشاحنات الذين يرتبطون بعقود نقل تجاري، فقد هرعوا لشراء أكبر كمية من الوقود، وهو ما أدى إلى نقص مريع في الوقود في 820 محطة من إجمالي عدد محطات الوقود في فرنسا البالغة 11500 محطة في فرنسا. كما أن 800 محطة أخرى نفد منها نوع واحد أو نوعان الوقود.

من جانبها، قالت شركة توتال، في بيان أول من أمس الثلاثاء، إن 612 من محطاتها للوقود تعاني من نقص كلي أو جزئي للوقود، مشيرة إلى أن الإضرابات أغلقت اثنين من مخازن الوقود التسعة في فرنسا التي تملكها.

وفي ذات الصدد، قالت المحللة النفطية في وكالة الطاقة الدولية كريستين بتروسيان، هنالك نقص في الوقود في شمال وشمال غرب فرنسا، بما في ذلك منطقة باريس الكبرى.

دلالات

ذات صلة

الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
الصورة

منوعات

تراجعت مجلة فوربس عن حفل تكريم أكثر 40 امرأة تأثيراً في فرنسا، وذلك بعد حملة تحريض في باريس، على المحامية من أصول فرنسية ريما حسن
المساهمون