بعد زيارتين سريعتين إلى كل من ويلز واسكتلندا، زارت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أمس الاثنين، إقليم إيرلندا الشمالية، العضو الرابع في المملكة المتحدة، إلى جانب إنكلترا، للتأكيد على وحدة البلاد بعد استفتاء الـ23 من يونيو/حزيران الماضي، حيث صوّت 52 في المائة من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتحاول ماي، التي تولت رئاسة الحكومة البريطانية قبل أسبوعين، حماية المملكة المتحدة من كابوس التفكك، إثر الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم تصويت اسكتلندا وإيرلندا الشمالية لصالح البقاء.
ويُخشى أن يعزز انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي النزعة الانفصالية لدى سكان إيرلندا الشمالية، لاسيما مع مخاوف من أن يُؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى عودة "الحدود السابقة" والجمارك مع جمهورية إيرلندا المجاورة، وهي المخاوف التي حاولت ماي تبديدها خلال زيارة لها إلى بلفاست، عاصمة الإقليم.
وقالت خلال مؤتمر صحافي: "لا أحد يرغب في العودة إلى الحدود السابقة"، واعدة بالتوصل إلى "حل عملي" مع جمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي.
ويتمتع السكان في جمهورية إيرلندا والمملكة المتحدة منذ عام 1923 بحرية التنقل بينهما، مع إجراءات تفتيش بسيطة على الحدود.
كما يخشى الشمال إيرلنديين المؤيدون لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي من أن يؤدي خروج البلاد إلى انهيار "اتفاق الجمعة العظيمة"، الذي توافقت عليه الأحزاب في عام 1998، وعودة التوتر للإقليم.
وتعززت النزعة الانفصالية لإيرلندا الشمالية، حيث الكاثوليك القوميون، الذين يسعون إلى ضم الإقليم لجمهورية إيرلندا، في حين يرغب خصومهم من البروتستانت في البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وبالفعل، فقد دعا حزب "الشين فين"، الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الإيرلندي، إلى استفتاء على إيرلندا موحدة بعد تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد. وأكد الحزب أن الاستفتاء على عضوية الاتحاد "له عواقب هائلة على طبيعة الدولة البريطانية"، بعد أن صوتت اسكتلندا وإيرلندا الشمالية على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد.
وتتزايد المخاوف في بلفاست ولندن على مستقبل المملكة المتحدة، مع تكرار رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورغون، التلويح بورقة "الاستفتاء الثاني" للانفصال عن المملكة المتحدة، لأجل بقاء الإقليم، أو الدولة الوليدة، ضمن الاتحاد الأوروبي، مدفوعة بتعبير أغلبية الاسكتلنديين عن تأييدهم للبقاء في الاتحاد، خلافا لما قرره المصوتون في إنكلترا وويلز.
ومن المتوقع أن تدعم دول الاتحاد الأوروبي استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، على خلاف موقفها في استفتاء عام 2014، لاعتبارين، أولهما الرغبة في ضم اسكتلندا المستقلة للاتحاد الأوروبي، تعويضاً عن خروج بريطانيا، وثانيا من باب الضغط لدفع بريطانيا إلى إعادة النظر في موقفها والتفكير في العودة للاتحاد.
ورغم المواقف التي عبرت عنها زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي اليوم، إلا أنه من المستبعد أن تسارع اسكتلندا في خطوات استفتاء جديد، قبل انتهاء مفاوضات الانفصال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، من جهة، وقبل ضمان دعم شعبي واضح من أجل الاستقلال، يتجاوز الـ55 في المائة من الشعب الاسكتلندي، كما قالت نيكولا سيرجون.
وكان الاسكتلنديون قد رفضوا الانفصال عن المملكة المتحدة في استفتاء عام 2014، بنسبة 55 إلى 44 في المائة.