بالتظاهرات والتصريحات السياسية الساخنة والحملات على وسائل التواصل الاجتماعي، يعكس الفلسطينيون رفضهم وغضبهم من مئوية وعد بلفور، التي تصر الحكومة البريطانية على الاحتفال بها، بل والفخر بقدرة بريطانيا على المساهمة بتأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، غير مبالية بعشرات الاتصالات من القيادة الفلسطينية خلال أشهر طويلة في محاولة لإقناع حكومة تيريزا ماي بأن الاحتفال يُعتبر إمعاناً في العنجهية والإصرار على ظلم الفلسطينيين. لم تكترث الحكومة البريطانية بكل الاتصالات الفلسطينية، التي حاولت ثنيها عن الاحتفال بالمئوية، لما يشكله وعد بلفور من ظلم تاريخي مستمر بحق الشعب الفلسطيني، إذ من المتوقع أن تمضي بريطانيا باحتفالها بالمئوية اليوم الخميس بحضور رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من وزراء حكومته الموغلين بقتل الفلسطينيين وسرقة أراضيهم.
أمام التعنّت البريطاني والتصريحات التي ترى في وعد بلفور إنجازاً بريطانياً تاريخياً، ينشط الفلسطينيون في حملة مضادة، بعض فعالياتها يعتمد على الزخم الشعبي من مواطنين وطلاب عبر تظاهرات وفعاليات في بعض المدن الكبرى، والجزء الآخر من الحملة يأتي عبر تصريحات أعضاء القيادة الفلسطينية التي تتوعّد بمقاضاة بريطانيا، وتطالبها بالاعتذار عن الوعد وتعويض الشعب الفلسطيني.
يطالب الفلسطينيون لندن، كما جاء على لسان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في خطابه أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، "بتصحيح الخطأ التاريخي وأن تعتذر وتقدّم التعويضات للشعب الفلسطيني وتعترف بدولة فلسطين"، لكن بريطانيا "لم تستجب، والأسوأ أنها ماضية بالاحتفال بجريمتها"، حسب ما قال عباس، ما يغلق أي أبواب لاتصالات سياسية حول هذا الأمر.
وقال مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "إننا نعمل على ثلاثة جوانب، أولاً لجنة قانونية تقوم بدراسة كل الخيارات القانونية لمقاضاة بريطانيا، ثانياً لجنة للإعلام والحراك الشعبي ولديها برنامج متكامل من التظاهرات والفعاليات بما في ذلك تظاهرات في لندن، وثالثاً لدينا لجنة مستعدة للتفاوض مع بريطانيا، والأخيرة أبدت استعدادها لحوار استراتيجي، لكن حتى الآن لم نُدعَ إلى أي حوار من هذا النوع". وأشار شعث إلى أن "بريطانيا ترفض الاعتذار والتعويض"، موضحاً أن "التعويض يجب أن يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين، وأن تقول بريطانيا إن هذا هو الحد الأدنى من الحق الفلسطيني، وإنها أخطأت بمنح هذا الوعد".
ومع تسارع وتيرة تصريحات القيادة الفلسطينية حول مقاضاة بريطانيا، والرواج الذي تلقاه هذه التصريحات في وسائل الإعلام، تبدو المهمة أعقد وأصعب من فحوى هذه التصريحات. وفي هذا السياق، أوضح حسن العوري، المستشار القانوني لعباس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "أننا نبحث عن الآليات القانونية المتاحة لمقاضاة بريطانيا على جريمة وعد بلفور، ولكن أعتقد أنه لا مجال للقضاء الدولي، فالمحاكم الدولية لا تتيح لنا مقاضاة دولة أخرى في مثل هذه المواضيع، ومحكمة العدل العليا رأيها استشاري، وتعمل مع مجلس الأمن والجمعية العامة، وبالتالي ما يحال إليها هو لغاية تفسيرية وهي ليست محكمة بالإمكان التقدّم إليها لمقاضاة دولة أو شخص"، مضيفاً: "بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فهي تحاكم أشخاصاً لا دولاً، ومن اقترف الجريمة أي بلفور لم يعد على قيد الحياة، وبالتالي يتعذر الذهاب إلى هذه المحكمة".
وأشار إلى أن "المتاح لدينا هو القضاء البريطاني لا غير، وقمنا بتكليف مكتب محاماة في لندن، وهو يقوم بدراسة التصورات والآليات المتاحة الناجحة من أجل مقاضاة بريطانيا". وتابع: "المكتب مكلّف منذ عدة أشهر، ويقوم بالدراسة القانونية والفقهية والتحليل، ونحن نتوقع أن يعطينا النتائج في غضون أسابيع قليلة، وننتظر توصياته وموافقون على أي آلية لرفع أي قضية"، مضيفاً: "لا نستطيع التكهن بنجاح أي قضية، لكننا ماضون في هذه الإجراءات، وأتوقع خلال أشهر قليلة أن تُرفع دعوى ضد بريطانيا".
وأكد العوري توفر الإرادة السياسية الفلسطينية لمقاضاة بريطانيا، قائلاً: "على بريطانيا أن تعتذر للشعب الفلسطيني، وعليها أن تجبر الضرر الذي طاول الشعب الفلسطيني جراء هذا الوعد المشؤوم، وأن تعوّض الفلسطينيين عبر الاعتراف الكامل بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، رأت بعض المصادر أن كل تصريحات القيادة الفلسطينية حول مقاضاة بريطانيا تأتي للاستهلاك الإعلامي وتفتقد للواقعية السياسية، فمن المستحيل أن تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور وأن تقوم بتعويض الشعب الفلسطيني، لأن هذا الأمر سيفتح على دولة معروفة بماضيها الاستعماري أبواباً كثيرة لاعتذارات وتعويضات لا تنتهي، وهي لن تفتح على نفسها هذه الأبواب. ومن جهة أخرى فـ"كل ما يقال عن الجهود القانونية غير مجدٍ إطلاقاً"، وفق ما قال مصدر دبلوماسي رفيع لـ"العربي الجديد"، أوضح أن "المحاكم البريطانية غير مخوّلة بالنظر بأمر سياسي، وسترد هذه الدعوى في حال رفعتها السلطة الفلسطينية بسبب عدم الاختصاص، وستحوّلها إلى البرلمان، ومن المستحيل أن يحكم قضاء بريطاني ضد دولته"، مضيفاً: "الأكثر استحالة أن نطلب العدالة من محاكم دولة أوغلت في الدم الفلسطيني، وقدّمت فلسطين للاحتلال الإسرائيلي بعد أن قضت على ثورته، وسرقت ثروته".
وأمام كل هذه المسارات القانونية والشعبية، هناك مسار آخر لكنه أقل صخباً تعمل عليه وزارة الخارجية الفلسطينية، وتعوّل على نجاحه ولو بعد حين، يتمثل بإحداث اختراق سياسي في الساحة البريطانية تترتب عليه التزامات قانونية لاحقاً. وقال مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي، لـ"العربي الجديد"، إن "التعويل على المسار الدبلوماسي يؤدي إلى إنجازات قانونية فعلية حقيقية، بما في ذلك تشريع داخل البرلمان البريطاني بأهمية الاعتراف بدولة فلسطين"، موضحاً أن "هذا الاعتراف ستترتب عليه مسائل قانونية، وسيُنتج موقفاً بريطانياً إزاء الجرائم التي يرتكبها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأكد حجازي "إننا نجتهد لإنجاز عمل سياسي يؤدي إلى جوانب قانونية ذات فائدة تنعكس على العلاقة الثنائية"، لافتاً إلى أن "جزءاً مهماً من هذه الجهود الدبلوماسية تحقق، إذ يعترف حزب العمال، ثاني أكبر حزب بريطاني، بدولة فلسطين في برنامجه السياسي، ورفض رئيسه جريمي كوربين الدعوة لحضور احتفالية وعد بلفور".
وأعلن "إننا نعوّل على الاختراق الدبلوماسي والتحالفات السياسية لنصل إلى اعتراف بريطاني بدولة فلسطين، فضلاً عن العمل على الجانب الشعبي، لتذكير الحكومة البريطانية المصرة على توجيه إهانة للفلسطينيين حتى بعد 100 عام، أننا سنحوّل الموضوع الفلسطيني إلى داخل بريطانيا، وهذا الأمر بات واضحاً في حالة الجدل الكبيرة حول الاحتفال بالوعد، وحول تبنّي أحزاب بريطانية وبرلمانيين لأهمية اعتراف الحكومة البريطانية بدولة فلسطين، وسيكون ذلك جلياً في التظاهرة الرافضة لوعد بلفور في قلب بريطانيا".
أمام التعنّت البريطاني والتصريحات التي ترى في وعد بلفور إنجازاً بريطانياً تاريخياً، ينشط الفلسطينيون في حملة مضادة، بعض فعالياتها يعتمد على الزخم الشعبي من مواطنين وطلاب عبر تظاهرات وفعاليات في بعض المدن الكبرى، والجزء الآخر من الحملة يأتي عبر تصريحات أعضاء القيادة الفلسطينية التي تتوعّد بمقاضاة بريطانيا، وتطالبها بالاعتذار عن الوعد وتعويض الشعب الفلسطيني.
يطالب الفلسطينيون لندن، كما جاء على لسان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في خطابه أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، "بتصحيح الخطأ التاريخي وأن تعتذر وتقدّم التعويضات للشعب الفلسطيني وتعترف بدولة فلسطين"، لكن بريطانيا "لم تستجب، والأسوأ أنها ماضية بالاحتفال بجريمتها"، حسب ما قال عباس، ما يغلق أي أبواب لاتصالات سياسية حول هذا الأمر.
ومع تسارع وتيرة تصريحات القيادة الفلسطينية حول مقاضاة بريطانيا، والرواج الذي تلقاه هذه التصريحات في وسائل الإعلام، تبدو المهمة أعقد وأصعب من فحوى هذه التصريحات. وفي هذا السياق، أوضح حسن العوري، المستشار القانوني لعباس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "أننا نبحث عن الآليات القانونية المتاحة لمقاضاة بريطانيا على جريمة وعد بلفور، ولكن أعتقد أنه لا مجال للقضاء الدولي، فالمحاكم الدولية لا تتيح لنا مقاضاة دولة أخرى في مثل هذه المواضيع، ومحكمة العدل العليا رأيها استشاري، وتعمل مع مجلس الأمن والجمعية العامة، وبالتالي ما يحال إليها هو لغاية تفسيرية وهي ليست محكمة بالإمكان التقدّم إليها لمقاضاة دولة أو شخص"، مضيفاً: "بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فهي تحاكم أشخاصاً لا دولاً، ومن اقترف الجريمة أي بلفور لم يعد على قيد الحياة، وبالتالي يتعذر الذهاب إلى هذه المحكمة".
وأشار إلى أن "المتاح لدينا هو القضاء البريطاني لا غير، وقمنا بتكليف مكتب محاماة في لندن، وهو يقوم بدراسة التصورات والآليات المتاحة الناجحة من أجل مقاضاة بريطانيا". وتابع: "المكتب مكلّف منذ عدة أشهر، ويقوم بالدراسة القانونية والفقهية والتحليل، ونحن نتوقع أن يعطينا النتائج في غضون أسابيع قليلة، وننتظر توصياته وموافقون على أي آلية لرفع أي قضية"، مضيفاً: "لا نستطيع التكهن بنجاح أي قضية، لكننا ماضون في هذه الإجراءات، وأتوقع خلال أشهر قليلة أن تُرفع دعوى ضد بريطانيا".
وأكد العوري توفر الإرادة السياسية الفلسطينية لمقاضاة بريطانيا، قائلاً: "على بريطانيا أن تعتذر للشعب الفلسطيني، وعليها أن تجبر الضرر الذي طاول الشعب الفلسطيني جراء هذا الوعد المشؤوم، وأن تعوّض الفلسطينيين عبر الاعتراف الكامل بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس".
في المقابل، رأت بعض المصادر أن كل تصريحات القيادة الفلسطينية حول مقاضاة بريطانيا تأتي للاستهلاك الإعلامي وتفتقد للواقعية السياسية، فمن المستحيل أن تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور وأن تقوم بتعويض الشعب الفلسطيني، لأن هذا الأمر سيفتح على دولة معروفة بماضيها الاستعماري أبواباً كثيرة لاعتذارات وتعويضات لا تنتهي، وهي لن تفتح على نفسها هذه الأبواب. ومن جهة أخرى فـ"كل ما يقال عن الجهود القانونية غير مجدٍ إطلاقاً"، وفق ما قال مصدر دبلوماسي رفيع لـ"العربي الجديد"، أوضح أن "المحاكم البريطانية غير مخوّلة بالنظر بأمر سياسي، وسترد هذه الدعوى في حال رفعتها السلطة الفلسطينية بسبب عدم الاختصاص، وستحوّلها إلى البرلمان، ومن المستحيل أن يحكم قضاء بريطاني ضد دولته"، مضيفاً: "الأكثر استحالة أن نطلب العدالة من محاكم دولة أوغلت في الدم الفلسطيني، وقدّمت فلسطين للاحتلال الإسرائيلي بعد أن قضت على ثورته، وسرقت ثروته".
وأمام كل هذه المسارات القانونية والشعبية، هناك مسار آخر لكنه أقل صخباً تعمل عليه وزارة الخارجية الفلسطينية، وتعوّل على نجاحه ولو بعد حين، يتمثل بإحداث اختراق سياسي في الساحة البريطانية تترتب عليه التزامات قانونية لاحقاً. وقال مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي، لـ"العربي الجديد"، إن "التعويل على المسار الدبلوماسي يؤدي إلى إنجازات قانونية فعلية حقيقية، بما في ذلك تشريع داخل البرلمان البريطاني بأهمية الاعتراف بدولة فلسطين"، موضحاً أن "هذا الاعتراف ستترتب عليه مسائل قانونية، وسيُنتج موقفاً بريطانياً إزاء الجرائم التي يرتكبها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأعلن "إننا نعوّل على الاختراق الدبلوماسي والتحالفات السياسية لنصل إلى اعتراف بريطاني بدولة فلسطين، فضلاً عن العمل على الجانب الشعبي، لتذكير الحكومة البريطانية المصرة على توجيه إهانة للفلسطينيين حتى بعد 100 عام، أننا سنحوّل الموضوع الفلسطيني إلى داخل بريطانيا، وهذا الأمر بات واضحاً في حالة الجدل الكبيرة حول الاحتفال بالوعد، وحول تبنّي أحزاب بريطانية وبرلمانيين لأهمية اعتراف الحكومة البريطانية بدولة فلسطين، وسيكون ذلك جلياً في التظاهرة الرافضة لوعد بلفور في قلب بريطانيا".