مبادرة لإطلاق اسم عهد التميمي على شوارع وساحات هولندية

أمستردام
5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
08 يونيو 2018
EB5CB9F7-7738-4791-95F7-39CC560BAC0F
+ الخط -
وقف الرجل الهولندي - السويسري على الرصيف المقابل لرسو سفينة العودة ومركب "الحرية" المشاركين في قافلة أسطول الحرية في ميناء أمستردام. كان يتفحص الوجوه بدقة وكأنه رجل أمن، لكن ما أن نزع سترته عند المقهى الوحيد في الميناء حتى تبين أنه يرتدي قميصا يحمل اسم غزة محاطا بدائرة ترمز إلى ألوان علم فلسطين.

قال إن اسمه أوسكار، وسأل إن كان يستطيع الانضمام إلى طاولة المشاركين في الأسطول ليتناول قهوته التي طلبها، فوافق الجميع، وبدأ حديثه قائلا إنه كان يتولى حراسة مراكب أسطول الحرية أثناء غيابنا للغداء.

الصدفة وحدها وضعتنا أمام هذه الشخصية المثيرة في عموم هولندا، فهو معروف في أوساط الأمن، ويكرهه اللوبي الصهيوني في لاهاي، كما أن سفارة الاحتلال منزعجة منه بشدة بسبب نشاطه المستمر في مختلف المدن الهولندية لدعم القضية الفلسطينية، وأخيرا في التعريف بقضية الأسيرة الفلسطينية الصغيرة عهد التميمي.

اسمه أوسكار بيرغامين، وهو نائب رئيس حركة "إكس"، لمعاداة الاستعمار والعنصرية، وتعمل بشكل نشط في هولندا وبلجيكا، وتوصف في هولندا بأنها حركة راديكالية، ولا يخفي أوسكار أنها كذلك: "نؤمن بشكل عميق بأن الوسائل التقليدية لفرض المساواة بين الناس في أوروبا لا تأتي بنتيجة، بل تحتاج لصدمات لهز الوعي لأجل تحقيق ذلك".

وروى بيرغامين لـ"العربي الجديد"، عن مبادرته وآخرين متضامنين مع القضية الفلسطينية، لرفع لافتات على نواصي شوارع وساحات 12 مدينة هولندية تحمل اسم عهد التميمي، يقول: "حين كانت عهد التميمي تعرض على المحكمة العسكرية، قررنا رفع الصوت للتوعية وإثارة الانتباه حولها في المجتمع الهولندي، وقررنا تسمية شوارع وساحات باسمها، منطلقين من أمستردام ولاهاي وروتردام، ورفعنا لافتة أمام البرلمان في لاهاي وأمام السفارة الإسرائيلية، حينها صرخ الحراس: كيف ترفع اسم (إرهابية)، وهم يعرفون من أكون لطبيعة معاداتي للصهيونية ومواجهتي لهم".

وأضاف أنه قام بتصميم لافتات باسم عهد التميمي "بحيث تبدو مطابقة تماما لمواصفات لافتات أسماء الشوارع والساحات. لكن المذهل أنه أمام سفارة الاحتلال لم يأخذ الوقت 10 ثوان حتى ظهر حراس السفارة وهم يصرخون لإزالة اللوحة، وكانت المرة الأولى في حياتي التي طلبت فيها من أجنبي أن يتحدث الهولندية، فصرخت بهم هذه هولندا وعليكم التحدث بلغتي، فاستعانوا بالشرطة التي سألتني عن اسمي وما أفعله، فأخبرتهم بالحكاية، وكنت قد انتهيت من وضع اللوحة فعلا، فنزلت عن السلم، وبعدها طلبوا مني إزالتها لأني لا أملك رخصة".

لم تتم معاقبة بيرغامين على فعلته، وأثار عمله الإعلام المحلي ومواقع التواصل. يقول "هذا أصلا ما أردناه، أردنا أن نثير تساؤلات بين الناس عن صبية تعتبر طفلة في قوانيننا، فكيف ولماذا تجري محاكمتها أمام محكمة عسكرية؟ حتى الجدل مع الشرطة الهولندية أخذ هذا المنحى".

وتابع "أثرنا نقاشا في كل المدن حول اعتقال الأطفال. أنت تواجه تيارا قويا بسبب العلاقة بين الصهيونية وهولندا، وربما لعلاقات تاريخية بين اليهود وبلدنا، فنحن في المدارس تُزرع في رؤوسنا بروباغندا صهيونية تنكر الوجود الفلسطيني، إلى أن تبدأ بالقراءة وتبحث بنفسك. اليوم نحن أمام دولة أبارتهايد، ولذلك نثير كل هذا الجدل في مجتمعنا لنجعل الوجه الآخر للقصة حاضرا، بعيدا عن الأكاذيب الصهيونية".

في واحدة من مناسبات تعليق لافتة باسم عهد التميمي، كان أوسكار بيرغامين يرتدي فوق ملابسه زيا فوسفوريا عاكسا، فجاءت الشرطة لمساعدته في رفع اللافتة بشكل جيد، وهو ما وثّقه زملاؤه بفيديو، ويضيف "لم يعرفوا ما هي اللافتة إلا حين بدأت أخبرهم عن قصة عهد، وما يفعل بها جيش الاحتلال، وأسباب خضوعها للمحاكمة العسكرية، تلك اللحظة جرى توثيقها، ونشرنا قصتها كناشطة فلسطينية سلمية".

رفع اسم عهد التميمي على شوارع هولندا (العربي الجديد) 



ويأمل الناشط الملتزم بقضية فلسطين أن "يشارك الجيل الفلسطيني الشاب في هولندا، وخصوصا مع مجيء فلسطينيين من سورية، في النشاطات التي تتعلق بفلسطين، وتقديم إبداعات غير تلك التي يقدمها الهولنديون المؤيدون لفلسطين. نحتاج لدماء جديدة حتى لا تترك الساحة للحركة الصهيونية".

ويحلم أوسكار بأن "تتحقق المساواة والفرص في الحياة الأوروبية لمن يحملون أيضا أسماء غير أوروبية، ففرص محمد ليست كفرص غيره ممن هم من أصول هولندية، ولهذا علينا أن نستمر في طرق أبواب المساواة كما نفعل في حركتنا".

ولد أوسكار في هولندا، وعمل في عدد من وسائل الإعلام السويسرية كمحرر للشؤون الخارجية، وتجول في عدد من الدول العربية، بما فيها العراق أثناء فترة الحصار، وعمل مع الجيش السويسري للتدريب الإعلامي في كوسوفو، وتعاقد كمدني في أفغانستان لتدريب صحافيين وتأسيس جريدة يومية.

قاده عمله إلى مقدونيا في 2005، وهناك أشهر إسلامه، وفي 2010 كان بيرغامين يؤسس مشروعه للأثاث الشرقي في دمشق للتصدير إلى سويسرا، "وصلت الشحنة الأولى إلى إيطاليا ومنها إلى معرضي في سويسرا، ثم اندلعت الثورة السورية في مارس/آذار 2011، فخسرت كل ثروتي في دمشق، فسافرت إلى بيروت، ثم إلى تركيا لأقيم متطوعا صفوفا دراسية من الحاويات المكيفة لأطفال النازحين السوريين".

تزوج أوسكار من السورية هالة في 2012، وهي مهندسة أصبحت عضوا في الأكاديمية الملكية الهولندية اليوم، ويوضح لـ"العربي الجديد": "غيرت اسمي في سويسرا إلى أوسكار أسد الله بيرغامين، قبل زواجي، وإشهاري الإسلام لا علاقة له بالزواج، بل كان عن اقتناع قبل 7 سنوات من زواجي".



ذات صلة

الصورة

سياسة

منعت السلطات الهولندية، يوم الخميس، الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة من دخول أراضيها، من أجل إلقاء كلمة في جامعة أمستردام، والمشاركة بفعاليات أخرى.
الصورة

مجتمع

اعتقلت الشرطة الهولندية نحو 125 ناشطاً أثناء تفكيك مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين داخل حرم جامعة أمستردام في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء.
الصورة
الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست التي تخوض إضراباً عن الطعام دعماً لقطاع غزة (إكس)

مجتمع

تنفّذ الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست إضراباً عن الطعام أمام برلمان بلادها، من أجل لفت الانتباه إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والجوع فيه.
الصورة
مافي مرمرة إلى غزة مجدداً

منوعات

خلال عدوانه على غزة دمّر الجيش الإسرائيلي النصب التذكاري لشهداء السفينة "مافي مرمرة"، في مرفأ الصيادين.