10 فبراير 2024
من جامعة بريستول
لم تتمالك أعصابها فانتحرت! هذا مجمل قصة ناتاشا أبراهارت (20 عامًا) طالبة الفيزياء بجامعة بريستول، لكن التفاصيل تروي حكاية أخرى، ربما تكون أنت أو من في محيطك التالي؛ فكيف تتعامل مع الموقف؟ ولماذا يتعين عليك الإفادة من قصة ناتاشا؟
يوم الإثنين 20 إبريل/ نيسان 2018، وفي الثانية والنصف ظهرًا عُثِر على جثة ناتاشا في شقتها القريبة من الجامعة، وكان يُفترض أن تكون بين زملائها وتؤدي عملًا إلزاميًا، لكنها قررت الهرب بطريقتها؛ ليرتفع عدد طلاب جامعة بريستول المنتحرين إلى 12 خلال عامين دراسيين.
انتحرت ناتاشا خوفًا من الامتحان الشفوي، وبينما يقف الطالب أمام أقرانه (40 - 50) وأساتذته في عرض تقديمي لدقائق معدودة، إلا أن ناتاشا لم ترغب في الوقوف أمام جمهور، وإن ربطتها بهم علاقة الزمالة الدراسية. توسلت ناتاشا لأساتذتها، وقدمت أكثر من مبرر وحجة لاستثنائها؛ فلم يتفهموا موقفها وأجبروها بشكل غير مباشر على الانتحار.
تعاني ناتاشا نوعًا من القلق، ولربما جربت الوقوف أمام جمهور وشعرت بالرهبة والقلق؛ فيجف حلقك وتهرب الكلمات منك، وتتسارع نبضات قلبك، وتتلاحق أنفاسك بشكلٍ ملحوظ، مع ألم في الصدر وتنميل الأطراف، مع صداع وعصبية أحيانًا. قد تشعر بفقدان الشهية وتقلصات في المعدة، أو الغثيان والدوخة، ويعتريك الخجل وتتعرّق دونما مجهود، ويضطرب صوتك وتتشنج عضلاتك أو ترتخي فجأة، وينعدم تركيزك وتنسى ما أعددته، وتسوخ قدماك وكأنما ستفقد الوعي!
كل هذه الأعراض من أبرز مظاهر القلق، لكن الشخص الطبيعي يتقلل من مخاوفه تدريجيًا، ويتغلب على الخوف بالوقوف أمام الجمهور وإتقان مهارات الحديث، ثم يتمكن من مواجهة جمهور عريض بثقة وهدوء. أما حالة ناتاشا فتختلف نوعيًا عن الإنسان الطبيعي؛ فقد حاولت الفتاة الانتحار مرتين، والقلق الذي سيطر عليها ليس قلقًا مؤقتًا، بل قلق مرضي (فوبيا).
لا يشعر الإنسان الطبيعي بالقلق طوال الوقت، وإنما تظهر محفزات للقلق عندها تزداد الأعراض، واختفاء تلك المحفزات يترتب عليه العودة للحالة الطبيعية. تحت ضغط القلق يفقد المرء القدرة على التركيز، ويتشوش الذهن سريعًا ولأقل سبب، ويتلاعب التوتر به تلاعب بندول الساعة، ويميل إلى العزلة والاكتئاب، وقد يفكر في الانتحار.
الخوف من الحديث أمام الجمهور أحد درجات القلق، واضطرابات القلق نوعان؛ اضطراب قلق عام GAD يعاني منه كل من يقف أمام جمهور، واضطراب قلق اجتماعي SAD وهذا أشدّ خطورة كما رأينا في حالة ناتاشا، ويتطلب عناية خاصّة ومتابعة مع طبيب نفسي.
التغلب على القلق العام يستدعي الإلمام بحزمة من الحقائق، أولها أنه لا يوجد علاج سحري للقلق، وهذا معناه أن العلاج سيكون تدريجيًا، ويجب ألا تجلد نفسك إن لم تحقق نتيجة فورية.
يوم الإثنين 20 إبريل/ نيسان 2018، وفي الثانية والنصف ظهرًا عُثِر على جثة ناتاشا في شقتها القريبة من الجامعة، وكان يُفترض أن تكون بين زملائها وتؤدي عملًا إلزاميًا، لكنها قررت الهرب بطريقتها؛ ليرتفع عدد طلاب جامعة بريستول المنتحرين إلى 12 خلال عامين دراسيين.
انتحرت ناتاشا خوفًا من الامتحان الشفوي، وبينما يقف الطالب أمام أقرانه (40 - 50) وأساتذته في عرض تقديمي لدقائق معدودة، إلا أن ناتاشا لم ترغب في الوقوف أمام جمهور، وإن ربطتها بهم علاقة الزمالة الدراسية. توسلت ناتاشا لأساتذتها، وقدمت أكثر من مبرر وحجة لاستثنائها؛ فلم يتفهموا موقفها وأجبروها بشكل غير مباشر على الانتحار.
تعاني ناتاشا نوعًا من القلق، ولربما جربت الوقوف أمام جمهور وشعرت بالرهبة والقلق؛ فيجف حلقك وتهرب الكلمات منك، وتتسارع نبضات قلبك، وتتلاحق أنفاسك بشكلٍ ملحوظ، مع ألم في الصدر وتنميل الأطراف، مع صداع وعصبية أحيانًا. قد تشعر بفقدان الشهية وتقلصات في المعدة، أو الغثيان والدوخة، ويعتريك الخجل وتتعرّق دونما مجهود، ويضطرب صوتك وتتشنج عضلاتك أو ترتخي فجأة، وينعدم تركيزك وتنسى ما أعددته، وتسوخ قدماك وكأنما ستفقد الوعي!
كل هذه الأعراض من أبرز مظاهر القلق، لكن الشخص الطبيعي يتقلل من مخاوفه تدريجيًا، ويتغلب على الخوف بالوقوف أمام الجمهور وإتقان مهارات الحديث، ثم يتمكن من مواجهة جمهور عريض بثقة وهدوء. أما حالة ناتاشا فتختلف نوعيًا عن الإنسان الطبيعي؛ فقد حاولت الفتاة الانتحار مرتين، والقلق الذي سيطر عليها ليس قلقًا مؤقتًا، بل قلق مرضي (فوبيا).
لا يشعر الإنسان الطبيعي بالقلق طوال الوقت، وإنما تظهر محفزات للقلق عندها تزداد الأعراض، واختفاء تلك المحفزات يترتب عليه العودة للحالة الطبيعية. تحت ضغط القلق يفقد المرء القدرة على التركيز، ويتشوش الذهن سريعًا ولأقل سبب، ويتلاعب التوتر به تلاعب بندول الساعة، ويميل إلى العزلة والاكتئاب، وقد يفكر في الانتحار.
الخوف من الحديث أمام الجمهور أحد درجات القلق، واضطرابات القلق نوعان؛ اضطراب قلق عام GAD يعاني منه كل من يقف أمام جمهور، واضطراب قلق اجتماعي SAD وهذا أشدّ خطورة كما رأينا في حالة ناتاشا، ويتطلب عناية خاصّة ومتابعة مع طبيب نفسي.
التغلب على القلق العام يستدعي الإلمام بحزمة من الحقائق، أولها أنه لا يوجد علاج سحري للقلق، وهذا معناه أن العلاج سيكون تدريجيًا، ويجب ألا تجلد نفسك إن لم تحقق نتيجة فورية.
راقب نفسك جيدًا أو استعن بصديق مقرَّب أو بعض الأقارب، واكتب بالتفصيل ما يبدو عليك عندما تتوتر أو تقلق، وضع نقاطًا تدريجية للعلاج، واحتفل بكل إنجاز صغير على طريق تخفيف حدة القلق؛ فهذه طريقة مثبتة النتائج.
عليك أن تمضي في احتواء القلق على مستويين؛ مستوى العواطف والمشاعر، والمستوى البدني. ضيق التنفس أكثر أعراض القلق شيوعًا؛ فلتمارن الاسترخاء وواظب على تمارين التنفس، وبهذا تقطع شوطًا في محاربة القلق. ابتعد عن الفراغ قدر استطاعتك؛ فالفراغ وقود القلق، ولتستثمر وقتك في القراءة أو ممارسة الرياضة أو غيرهما من الأنشطة المفيدة.
أما عن القلق الاجتماعي؛ فالعلاج أكثر تعقيدًا وأطول أمدًا، ويتطلب الخضوع للعلاج المعرفي السلوكي CBT وهو واحد من أفضل علاجات اضطرابات القلق الاجتماعي، ويعالج طريقة التفكير ونظرة الفرد للعالم بطريقة فعّالة وإيجابية. العلاج الجماعي وسيلة أخرى مناسبة، ويرفع مستوى الثقة بالنفس ويعزز المهارات الاجتماعية، كما قد يصف الطبيب المختص بعض الأدوية من فئة Beta Blockers مثل البنزوديازبينات، ومضادّات الاكتئاب والمهدئات.
ذهبت ناتاشا إلى جامعة بريستول بحثًا عن مستقبل أفضل، لكنها فقدت كل شيء وللأبد، لم يكن ذلك لتخلفها دراسيًا، بل لأنها تعاني مشكلة لم تُحسن الأسرة والجامعة التعامل معها واحتواءها. قد تعرف أحدهم ممن يملكون مهارات عقلية فذة، لكنه لا يملك مهارات التواصل، ويفضل الانزواء على مواجهة الآخرين.
حاول أن تستدرجهم لحضور الأنشطة العامة، وليكن ذلك بشكل ودّي دون ضغوط، ولا تكن ملحاحًا فتجبره على الوقوف أمام الجمهور، وثق بأن المحاولات البسيطة ستعزز ثقته، وسيخرج من شرنقته ولو بعد حين. امدد يدك لهم دون تجريح أو استعراض؛ فما يعانونه ليس باليسير على الإطلاق، وما تتمتع به من مهارة ليس نتيجة عقليتك الفذة، إنما محض فضل الله عليك، واذكر قوله تعالى: "كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم".