توقع مسؤولون أردنيون أن ترتفع نسبة الفقر في بلادهم خلال الفترة المقبلة، نتيجة للتحديات التي يواجهها الاردن محلياً وخارجياً، وفي مقدمتها الظروف المحيطة وازمة اللاجئين السوريين الذي يعيشون على اراضيه الذين تجاوز عددهم 1.4 مليون لاجئ.
وقالوا إن هناك مستجدات طرأت على الساحة المحلية اثرت على مستويات المعيشة في الأردن، وادت الى زيادة عدد الفقراء، واهمها مشكلتا اللاجئين والتغيرات المناخية وارتفاع الاسعار، وزيادة الانفاق على الخدمات الاساسية، قابلها ثبات في الرواتب والاجور.
واكدوا أهمية التنبه الى تفاقم مشكلة الفقر في الأردن، والعمل على تحسين مستويات المعيشة؛ وذلك من خلال توفير فرص عمل حقيقية للاردنيين ومعالجة الاختلالات في سوق العمل.
وشكك الخبراء في صحة الارقام الحكومية حول معدلات الفقر والبطالة في الاردن، بقولهم انها أعلى بكثير من التي تعلنها الجهات الحكومية المختصة، وانه لا بد من إسناد مهمة إجراء هذه الدراسات لجهات دولية محايدة لتشخيص حجم المشكلة ووضع الحلول الناجعة لها.
وأظهر آخر تقرير لحالة الفقر في الاردن للعام 2010 ارتفاع مستويات الفقر في الاردن 14.4%، فيما بلغت نسبته 13.3% في العام 2008 .
وينتظر ان تعلن الحكومة قريبًا عن نتائج دراسة حديثة لمعدلات الفقر في البلاد. كما بلغ خط الفقر المطلق (الغذائي وغير الغذائي) حوالي 1100 دولار للفرد سنوياً.
وتبين أنه في حال استثناء تحويلات صندوق المعونة الوطنية فقط من إجمالي دخل وإنفاق الأسر، فإن نسبة الفقر كانت ستبلغ 15.8% بدلاً من نسبة الفقر الفعلية 14.4%.
ومن جانبه، قال المستشار في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية والباحث في شؤون الفقر والبطالة فواز رطروط في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن من المؤكد أن يشهد معدل الفقر ارتفاعاً في الأردن، ونتوقع ان تكشف عن ذلك الدراسة الحكومية التي ستعلن نتائجها قريباً، وذلك ان عوامل طارئة اثرت كثيراً على البلاد من مختلف الجوانب، بخاصة زيادة الفقر وتردي مستويات المعيشة.
وبين ان تعرض الاردن لأزمة اللجوء السورية، وما نجم عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية ادى حكماً لارتفاع نسبة الفقر في البلاد، وخاصة في المناطق التي يتواجد فيها اللاجئون بكثافة كالمناطق الشمالية.
وقال رطروط ان معدل البطالة ارتفع ايضاً، حيث يشهد السوق منافسة كبيرة على فرص العمل بين الاردنيين واللاجئين السوريين، اضافة الى الضغط الكبير على قطاعات الصحة والمياه والتعليم والنقل وغيرها.
واوضح ان التغيرات المناخية اثرت هي الاخرى في معدلات الفقر في الاردن الذي شهد في الاعوام الاخيرة تقلبات مناخية من ارتفاعات غير مسبوقة على درجات الحرارة وعواصف ثلجية ضربت المحاصيل الزراعية، ما زاد من معاناة المزارعين، ووضعهم في دائرة الفقر وارتفاع الاسعار.
وعن الاثار الاجتماعية للفقر، قال رطروط إن لذلك مخاطر اجتماعية كبيرة على السلم الاجتماعي، ويؤدي الى ارتفاع نسب الجنح والجريمة حيث ترتكب جرائم السرقة والسلب والنهب، اضافة الى مخاطر ذلك على توجهات الشباب واستمالتهم من قبل بعض الجهات.
وقال ان الاردن يطبق عددا من الاجراءات للتصدي للفقر من خلال المعونات النقدية المقدمة شهرياً للفقراء، حيث ارتفع عدد المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية الذي يقدم مخصصات شهرية للفقراء الى حوالي 90 الف حالة قوامها 350 الف فرد، بتكلفة سنوية تبلغ حوالي 130 مليون دولار وذلك بعد ازمة اللجوء السوري.
واشار الى ان هناك 4600 جمعية خيرية تقوم على تقديم المعونات للفقراء، وكذلك خطط التشغيل والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المولدة لفرص العمل. وقال مؤخرًا تم التاكيد على اهمية المسؤولية المجتمعية للشركات لمحاربة الفقر.
ويرى رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الاردني النائب خيرو ابو صعيليك ان معضلة الفقر في الاردن تكمن في امرين اساسين هما: الاول عدم انعكاس انخفاض اسعار النفط والمواد الخام على اسعار السلع المباعة للمواطنين، والثاني ارتفاع البطالة وعدم توفير فرص العمل الكافية للاردنيين.
وقال النائب ابو صعيليك لـ "العربي الجديد" إن أسعار النفط الخام شهدت انخفاضاً كبيراً منذ بداية العام الحالي، كما ان 85% من الكهرباء تنتج حالياً باستخدام الغاز الطبيعي، وهو ما خفض كلفها كثيراً، لكن هذه المعطيات لم يستفد منها المواطن حيث لم تشهد اسعار السلع تراجعاً؟ وهوما يبقي معدلات الفقر مرتفعة، وبالتالي زيادة الانفاق الاستهلاكي واستنزاف مداخيل المواطنين.
واضاف ان فرص العمل التي تتحدث عنها وزارة العمل باستمرار ليست صحيحة، بدليل ارتفاع نسب البطالة والاعداد الكبيرة من المواطنين الباحثين عن فرص العمل، مشيرا الى ان البطالة المعلنة حكوميا بنسبة 125 تقريبا غير صحيحة، كما يقول الواقع ومطلوب جهة دولية محايدة لإجراء دراسة واقعية وحقيقية لوضع البطالة في الاردن.
واكد اهمية تخفيض اسعار السلع واجور الخدمات في الاردن؛ والتي ما تزال مرتفعة رغم انخفاض اسعار النفط، والعمل على اعادة الثقة بين الحكومة ومواطنيها.
وكشف رئيس لجنة الاقتصاد النيابية عن تحركات مبكرة من قبل النواب لرفض قرار الحكومة زيادة اسعار الكهرباء بنسبة 15% اعتبارا من العام المقبل، لعدم وجود المبررات المنطقية والصحيحة لذلك.
ويؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات اهمية وضع حد لارتفاع اسعار المواد الغذائية، والتصدي لجشع التجار ومبالغتم في الأسعار، وذلك الانفاق على الغذاء بات يستنزف جيوب المواطنين، اضافة لارتفاع الانفاق على القطاعات الاخرى كالنقل والتعليم والمعالجات الطبية.
وقال لـ" العربي الجديد" انه لا بد ايضا من ربط الرواتب والاجور بالتضخم للمحافظة على مستويات المعيشة والمواءمة بين ارتفاع الاسعار ومداخيل المواطنين، لافتا الى عدم زيادة الرواتب منذ عدة سنوات، ما زاد الفقر وساءت الاوضاع المعيشية.
اقرأ أيضاً: الأردنيون متشائمون بشأن اقتصاد بلادهم