10 فبراير 2024
نعم لتجديد الخطاب..
لم تكن للمصادفة يدٌ في طفوه على السطح، كما لم يكن ما صاحبه من حركات مماثلة عبثيًا، بل إنها حلقة في سلسلة تتطلب البحث والدرس، وتستلزم تجديد خطاب غربي؛ فإن مجزرة مسجد النور بمدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية تؤكد ذلك.
في البداية، صمتت الحكومات العربية، ثم بدأت أصوات مبحوحة وهياكل شاحبة تدخل على الخط، ونبحت وسائل إعلام ترى الإرهاب لصيقًا بالعرب، وتستميح الغرب -على طول الخط- وتخلع عليه من الأعذار، وتلتمس له المبررات وتصانعه. لم تجرؤ تلك الوسائل العليلة أن تصف الحادث بالإرهابي؛ فالإرهاب صك بيد كل عربي، أما الغرب فصاحب كرامات لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكنهم سرعان ما وقعوا في حيص بيص، وورطتهم جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء النيوزيلندية بموقفها النبيل.
اعترفت أرديرن بشجاعة غابت عن المشهد السياسي العربي، وتنزهت عن نطق اسم مرتكب المجزرة، ووصفته بـ "الإرهابي المجرم المتشدد" من دون مواربة أو مداراة، وصرحت أن أيديولوجية مرتكب الحادث مدانة ومرفوضة. قدمت أرديرن نهجًا جديدًا وطرحًا أكثر اعتدالًا، وانحازت إلى الضحايا بشكل أكسبها احترام العالم، ولم تنجرف وراء خطاب الإسلاموفوبيا، ومهدت الطريق لإدانات غربية للمجزرة، ما يعني طي الصفحة القديمة التي كانت تنظر لاستهداف المسلمين بلا مبالاة.
لم تقف أرديرن عند مرحلة التعاطف مع الضحايا وذويهم، بل أقدمت على مجموعة خطوات عملية، أولها سن قانون يمنع حيازة الأسلحة؛ فقبل حادث كرايست تشيرش وبموجب القانون النيوزيلندي، يمكن لأي شخص تجاوز 16 عامًا أن يحصل على رخصة لحمل الأسلحة سارية لمدة 10 سنوات بعد إنهاء دورة أمان وتدقيق أمني للشرطة، لكن مجزرة مسجد النور فرضت إعادة النظر في هذا القانون.
قد نلمس نوعًا من المقاربة بين مجزرة نيوزيلندا ومجزرة أوسلو، والمواقف العدائية ضد الهجرة والإسلام والصعود المطرد لليمين المتطرف. أفردت السينما فيلمين تناولا هجوم أوسلو، الأول فيلم (22 July) والثاني فيلم (Utøya: July 22)، وهما من إنتاج 2018.
يعرض الفيلمان تفاصيل هجوم اليميني المتطرف، أندرس بيرنغ بريفيك، يوم 22 يوليو 2011 على حي السفارات في العاصمة النرويجية بسيارة مفخخة، ثم انتقاله بدمٍ بارد إلى مخيم صيفي في جزيرة أوتويا؛ ليحصد أرواح 77 شابًا وفتاة من أنصار حزب العمل اليساري، فضلًا عن عدد كبير من الجرحى منهم 99 أصيبوا بجراحات بليغة، وأصيب 300 بمشاكل عقلية ونفسية، وهذا يعكس جليًا خطورة الخطاب اليميني المتطرف في الغرب.
في حادث 2011 علل بريفيك هجومه على أنه إنقاذ للغرب الذي "يسقط في أيدي المسلمين"! ثم جاء برينتون تارانت، هدفهما واحد الحظر التام والفوري للهجرة، وإخراج الإسلام من أوروبا، وكلاهما أرسل بيانًا (مانيفستو) للجهات المسؤولة؛ فأعد بريفيك بيانًا من 1500 صفحة، وتارانت وضع بيانه في 73 صفحة نشره عبر المواقع الإلكترونية!
في البداية، صمتت الحكومات العربية، ثم بدأت أصوات مبحوحة وهياكل شاحبة تدخل على الخط، ونبحت وسائل إعلام ترى الإرهاب لصيقًا بالعرب، وتستميح الغرب -على طول الخط- وتخلع عليه من الأعذار، وتلتمس له المبررات وتصانعه. لم تجرؤ تلك الوسائل العليلة أن تصف الحادث بالإرهابي؛ فالإرهاب صك بيد كل عربي، أما الغرب فصاحب كرامات لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكنهم سرعان ما وقعوا في حيص بيص، وورطتهم جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء النيوزيلندية بموقفها النبيل.
اعترفت أرديرن بشجاعة غابت عن المشهد السياسي العربي، وتنزهت عن نطق اسم مرتكب المجزرة، ووصفته بـ "الإرهابي المجرم المتشدد" من دون مواربة أو مداراة، وصرحت أن أيديولوجية مرتكب الحادث مدانة ومرفوضة. قدمت أرديرن نهجًا جديدًا وطرحًا أكثر اعتدالًا، وانحازت إلى الضحايا بشكل أكسبها احترام العالم، ولم تنجرف وراء خطاب الإسلاموفوبيا، ومهدت الطريق لإدانات غربية للمجزرة، ما يعني طي الصفحة القديمة التي كانت تنظر لاستهداف المسلمين بلا مبالاة.
لم تقف أرديرن عند مرحلة التعاطف مع الضحايا وذويهم، بل أقدمت على مجموعة خطوات عملية، أولها سن قانون يمنع حيازة الأسلحة؛ فقبل حادث كرايست تشيرش وبموجب القانون النيوزيلندي، يمكن لأي شخص تجاوز 16 عامًا أن يحصل على رخصة لحمل الأسلحة سارية لمدة 10 سنوات بعد إنهاء دورة أمان وتدقيق أمني للشرطة، لكن مجزرة مسجد النور فرضت إعادة النظر في هذا القانون.
قد نلمس نوعًا من المقاربة بين مجزرة نيوزيلندا ومجزرة أوسلو، والمواقف العدائية ضد الهجرة والإسلام والصعود المطرد لليمين المتطرف. أفردت السينما فيلمين تناولا هجوم أوسلو، الأول فيلم (22 July) والثاني فيلم (Utøya: July 22)، وهما من إنتاج 2018.
يعرض الفيلمان تفاصيل هجوم اليميني المتطرف، أندرس بيرنغ بريفيك، يوم 22 يوليو 2011 على حي السفارات في العاصمة النرويجية بسيارة مفخخة، ثم انتقاله بدمٍ بارد إلى مخيم صيفي في جزيرة أوتويا؛ ليحصد أرواح 77 شابًا وفتاة من أنصار حزب العمل اليساري، فضلًا عن عدد كبير من الجرحى منهم 99 أصيبوا بجراحات بليغة، وأصيب 300 بمشاكل عقلية ونفسية، وهذا يعكس جليًا خطورة الخطاب اليميني المتطرف في الغرب.
في حادث 2011 علل بريفيك هجومه على أنه إنقاذ للغرب الذي "يسقط في أيدي المسلمين"! ثم جاء برينتون تارانت، هدفهما واحد الحظر التام والفوري للهجرة، وإخراج الإسلام من أوروبا، وكلاهما أرسل بيانًا (مانيفستو) للجهات المسؤولة؛ فأعد بريفيك بيانًا من 1500 صفحة، وتارانت وضع بيانه في 73 صفحة نشره عبر المواقع الإلكترونية!
ولم يكن هجوم تارانت في نيوزيلندا، ومن قبله بسبع سنوات هجوم بريفيك في أوسلو مجرد حوادث فردية، إنها موجة متصاعدة من العداء للإسلام والمهاجرين، وحرب أذكى كثيرون نارها، ولعلنا نذكر "توم ميتزجر" وأنصاره خلال القرن الماضي.
أسس ميتزجر المقاومة الآرية البيضاء WAR، وناصب المهاجرين لأميركا عداءً شرسًا، بعد أن رضع الحنق والكراهية في "كو كلوكس كلان" وتقرَّب إلى ديفيد ديوك، ثم استقل بمجموعته في ثمانينيات القرن العشرين، وآثر أن يُجهض أحلام المهاجرين في وقت قياسي. لن يكون هجوم نيوزيلندا الأخير، نقولها بمرارة، ولسنا ننظر للمشهد بنظارة سوداء، وإنما الواقع يؤكد ذلك.
إن توالي الحملات المناهضة للمسلمين على وجه الخصوص، والمهاجرين بشكلٍ عام، يتطلب تجديد الخطاب، ليس الخطاب الإسلامي وحده، بل والخطاب الغربي كذلك، مع الخروج من دائرة جلد الذات والشعور بالدونية.