بعدما فشل في الفوز بالضربة القاضية في حربه التجارية الشرسة التي يخوضها منذ العام 2018 مع الصين، وفشله كذلك في استخدام سلاح الرسوم الجمركية التي فرضها على واردات صينية بقيمة 250 مليار دولار، لجأ دونالد ترامب إلى سلاح الدين والشعائر التوراتية لكسب معركته التي يواجه خلالها صعوبة شديدة في اقتناص أي صفقة تقنع ناخبيه بإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر اجراؤها نهاية العام المقبل.
أول من أمس الأربعاء وقف ترامب في مؤتمر صحافي مطوّل عقده فجأة في حديقة البيت الأبيض قائلاً، بعد أن فتح ذراعيه ونظر إلى السماء، "أنا المختار من الله" لخوض الحرب التجارية مع الصين، وإنّ الحرب التجارية التي يخوضها ليست حربه، وإنّ رؤساء آخرين سبقوه إلى البيت الأبيض كان يجب أن يخوضوها، لكنّه "المختار" من الله لأداء هذه المهمّة.
ترامب يقتبس المصطلحات التوراتية في محاولة لإضفاء صبغة دينية على حربه التجارية مع الصين، ومحاولة كسب تأييد شعبي في المعركة التي يواجه فيها خصما عنيداً واقتصاداً قوياً هو الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي تقول الدراسات الحديثة إنه سيتفوق على الاقتصاد الأميركي في العام 2030.
يجيد ترامب، الرئيس الأميركي حاليا وسمسار العقارات سابقا، فن خلط الأوراق واللعب بالعواطف، ويسعى للفوز على طول الخط بالصفقات والأموال وذلك في كل المعارك التي يخوضها، مستفيداً من خلفيته كرجل أعمال تعرض لخطر الإفلاس عدة مرات ونجا منها، يستخدم كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة لتحقيق هدفه، تارة عبر العقوبات الاقتصادية التي فرضها على على بلدان كثيرة منها روسيا وتركيا وفنزويلا وغيرها.
وتارة أخرى يلجأ ترامب إلى سلاح الرسوم الجمركية كما حدث مع المكسيك والصين وكندا ومنطقة اليورو واليابان وغيرها، وتارة ثالثة بالجمع بين تهديد سلاح المدافع والطائرات والعقوبات الاقتصادية كما يحدث مع إيران حاليا.
ترامب يصر على الفوز منفرداً في حرب مع الصين، لأن فوزه بصفقة كبرى يفتح له الباب لإعادة انتخابه لفترة ثانية، كما تساعده الصفقة بعد ذلك في الفوز في حروبه اللاحقة التي سيخوضها مع باقي الشركاء التجاريين وفي مقدمتهم دول منطقة اليورو، وهناك حرب شرسة تنتظره مع صناعة السيارات الألمانية العملاقة، كما أنه لم يحسم بعد حربه مع إيران رغم العقوبات التي فرضها على قطاعها النفطي والمالي.
السؤال: ماذا سيقول ترامب عندما يواجه في الفترة المقبلة واحدة من أعنف الأزمات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة، والتي قد تفوق في حدتها أزمة 2008؟