أكد عدد من الخبراء المعنيين بالشأن الاقتصادي المصري أنه بدون تحويلات المصريين بالخارج، قد لا تتمكن مصر من الوفاء باحتياجاتها كاملة من النقد الأجنبي، خاصة أنه يتوقع مع نهاية العام المالي الجاري 2021/2022 أن ترتفع تلك التحويلات إلى 30 مليار دولار.
ويقول عبد النبي عبد المطلب، الباحث في الشؤون الاقتصادية، إن تحويلات المصريين في الخارج ترتفع وقت الأزمات. فعقب ثورة يناير/كانون الثاني2011، وصلت إلى نحو 18مليار دولار مع نهاية يونيو/حزيران 2011، مقابل نحو 10 مليارات دولار خلال نفس الفترة من عام 2010.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أنه ومع تداعيات أزمة كورونا، تراجعت دخول غالبية الأسر المصرية، وهذا دفع بأبنائهم في الخارج إلى زيادة تحويلاتهم إلى مصر لتلبية الاحتياجات الضرورية، والتي قد يمثل بعضها جزءاً من مدخرات العمالة المصرية في الخارج، لافتا إلى أن مستقبل هذه التحويلات مرهون بحركة النشاط الاقتصادي العالمي، وتوقيت انتهاء كورونا.
وتابع أن هذه التحويلات وصلت حاليا إلى 28 مليار دولار، تناهز 14% من الناتج القومي، والتي بدونها قد لا تتمكن مصر من توفير كامل احتياجاتها من النقد الأجنبي، ثم تأتي الصادرات المصرية بحوالي 24 مليار دولار، والسياحة بـ10 مليارات دولار، ثم قناة السويس بحوالي 5.5 مليارات دولار.
ويرجع أحمد ذكر الله، الخبير الاقتصادي، نمو هذه التحولات بشكل غير مسبوق إلى عدة أسباب، منها ارتفاع تكاليف المعيشة في الداخل، وهو ما دفع العاملين بالخارج لتحويل كميات أكبر من الأموال لتغطية ارتفاع هذه النفقات، وكذلك إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في الخارج وزيادة الرسوم على الإقامات والخدمات ما دفع العديد من المصريين إلى إعادة أسرهم إلى مصر تقليلًا للنفقات المعيشية، ومعه زادت الأموال المحولة من الخارج لتغطية تكاليف معيشة هذه الأسر.
وأشار في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إلى أن من تلك الأسباب أيضا، الاستغناء النهائي عن العمالة كأحد تداعيات فيروس كورونا، وتحويل مدخراتهم بما فيها مستحقاتهم النهائية، وهو ما رفع نسبة التحويلات، كذلك ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه ساهم في دفع المزيد من هذه التحويلات بغرض الاستثمار، سواء عن طريق شراء أراض أو وحدات سكنية.
ولفت إلى أنه من المفترض مع زيادة تحويلات المصريين بالخارج أن يؤثر ذلك إيجابا في سعر الصرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، والتحسن في مؤشر ميزان المدفوعات، مع تقليل اعتماد الدولة على الاقتراض الخارجي، إضافة إلى المساعدة في سداد ديونها، وتحسين المراكز المالية للبنوك الرئيسية التي اعتمدت خلال الفترة الماضية على الاقتراض الخارجي.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال آخر 11 شهرا من السنة المالية 2020 /2021 بنسبة 13%، إذ سجلت 28.5 مليار دولار، مقابل 25.2 مليار دولار عن نفس الفترة من العام المالي السابق 2019/ 2020.
وتتوقع هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن تصل تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى نحو 30 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022.
وكانت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشفت أن قيمة التحويلات الخاصة بالمصريين العاملين في الخارج بلغت خلال العام المالي 2010 / 2011 نحو 12.6 مليار دولار، لترتفع خلال العام المالي 2011 / 2012 إلى نحو 18 مليار دولار بنسبة نمو بلغت نحو 42.7%.
وأشارت إلى أن قيمة التحويلات خلال العام المالي 2012/ 2013 بلغت نحو 18.7 مليار دولار مسجلة ارتفاعاً بنسبة 3.9%، لكنها عادت إلى الانخفاض خلال العام المالي 2013/ 2014 بعدما سجلت نحو 18.5 مليار دولار.
وارتفعت التحويلات خلال العام المالي 2014/ 2015 إلى نحو 19.3 مليار دولار مسجلة ارتفاعاً بنسبة 4.4% عن الأرقام الخاصة بالعام المالي السابق، ثم عادت إلى النزول خلال العام المالي 2015/ 2016 إلى مستوى 17.1 مليار دولار مسجلة تراجعا بنسبة 11.7%.
وسجلت قفزة مع قرارات التعويم في أول نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2016، إذ بلغت نحو 21.8 مليار دولار بنمو 27.7%، ثم واصلت الارتفاع خلال العام المالي 2017/ 2018 لتسجل 26.4 مليار دولار بنمو 21%.
وبلغت قيمة التحويلات في 2018 / 2019 نحو 25.2 مليار دولار، بتراجع 4.7%، ثم ارتفعت 10.4% خلال العام المالي 2019/ 2020 لتسجل 27.8 مليارا.