أعلنت النيابة العامة في باريس، اليوم الثلاثاء، فتح تحقيق حول ما كشفته تقارير إعلامية بشأن التجسس على صحافيين فرنسيين جرى اختراق هواتفهم عبر برنامج "بيغاسوس" الذي طورته مجموعة "أن إس أو" الإسرائيلية لصالح الدولة المغربية التي نفت الأمر.
وقالت النيابة في بيان إن تحقيقا يشمل عشرة اتهامات، بينها "انتهاك الخصوصية" و"اعتراض مراسلات" عبر برنامج إلكتروني و"تكوين مجموعة إجرامية". ويأتي التحقيق إثر إيداع موقع "ميديابارت" الإعلامي شكوى بشأن التجسس على صحافيَين تابعَين له، تضاف إلى شكوى أخرى قدمتها صحيفة "لو كانار أنشينيه".
كان تحقيق نُشر الأحد في وسائل إعلام عدّة، بينها صحف "لوموند" وذا غارديان" و"واشنطن بوست"، أظهر أنّ جهازاً أمنيّاً مغربيّاً استخدم برنامج "بيغاسوس" للتجسّس على نحو 30 شخصاً، هم صحافيّون ومسؤولون في مؤسّسات إعلاميّة فرنسيّة.
ويسمح البرنامج، إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات مالكه.
وأورد موقع "ميديابارت" الإخباري في مقال الاثنين أن "أرقام الهواتف النقالة لليناييغ بريدو وإدوي بلينيل (مؤسس مشارك للموقع) وردت ضمن قائمة من عشرة آلاف استهدفتها أجهزة الاستخبارات المغربية باستخدام برنامج تجسّس قدّمته الشركة الإسرائيلية". وأعلن تقدّمه بشكوى أمام النيابة العامة في باريس.
من جهة ثانية، نددت الحكومة المغربية الاثنين بما وصفتها "الادعاءات الزائفة" حول استخدام أجهزتها الأمنية برنامج "بيغاسوس" للتجسس على هواتف صحافيين. وقالت في بيان إنها "ترفض هذه الادعاءات الزائفة، وتندد بها جملة وتفصيلاً"، مؤكدة أنه "لم يسبق لها أن اقتنت برمجيات معلوماتية لاختراق أجهزة الاتصال، ولا للسلطات العمومية أن قامت بأعمال من هذا القبيل".
وتحدت الرباط وسائل الإعلام التي نشرت هذا التحقيق أن تقدم "أدلة واقعية علمية قابلة للفحص بواسطة خبرة وخبرة مضادة مهنية، محايدة ومستقلة، تثبت صحة ما تم ادعاؤه".
وأشارت إلى أنها تحتفظ بحقها في "ترتيب ما ترتئيه من نتائج"، معتبرة أن ما نشر "يتوخى المس بصورة البلاد" و"بوضعها الاعتباري وبمصالحها العليا".
وسبق للسلطات المغربية أن نفت بشدة العام الماضي ما أورده تقرير لـ"منظمة العفو الدولية" من أنها استخدمت "بيغاسوس" لزرع برنامج خبيث في الهاتف الخلوي للصحافي عمر الراضي الذي اعتقل إثر ذلك لملاحقته في قضيتي "تخابر" و"اعتداء جنسي". وقد قضت محكمة مغربية في الدار البيضاء، أمس الاثنين، بالسجن ستة أعوام في حق الصحافي عمر الراضي.
وإلى ذلك، طالبت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة، أمس الاثنين، بـ"تنظيم" افضل لتكنولوجيات المراقبة بعد فضيحة برنامج "بيغاسوس" الذي استخدم للتجسس على صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت ميشيل باشليه، في بيان، إن ما كشفته وسائل إعلام عن برنامج التجسس الذي طورته شركة إسرائيلية "يؤكد الحاجة الملحة إلى تنظيم افضل لعملية بيع ونقل واستخدام" تكنولوجيات المراقبة "وضمان مراقبة شديدة لها".
وأضافت "من دون إطار تنظيمي يحترم حقوق الإنسان، هناك ببساطة أخطار كثيرة أن يساء استخدام هذه الأدوات لترهيب المنتقدين وإسكات المعارضين".
وتابعت باشليه "على الحكومات الكف فوراً عن استخدام تقنيات المراقبة هذه لانتهاك حقوق الإنسان، وعليها اتخاذ إجراءات ملموسة للحماية من هذه الاختراقات للحياة الخاصة عبر تنظيم توزيع واستخدام وتصدير تقنيات المراقبة هذه".
قالت أيضاً إن المعلومات التي كشفت عن استخدام دول عدة لبرنامج "بيغاسوس" للتجسس على صحافيين أو مدافعين عن حقوق الإنسان "تثير قلقاً بالغاً، ويبدو أنها تؤكد أسوأ المخاوف عن احتمال تحوير استخدام هذه التقنيات لتقويض حقوق الإنسان في شكل غير قانوني".
واعتبرت أن هذه الأساليب تدفع أيضا إلى الرقابة الذاتية عبر إشاعة مناخ من الخوف، مذكرة الدول بأن إجراءات المراقبة "ليست مبررة إلا في ظروف محددة بوضوح".