"ما أحلى ليالي إشبيلية"، أغنية يحفظها التونسيون منذ عقود. لكنّها حين تنهمر من صوت زياد غرسة تعلن عن بداية رحلة إلى حدائق الأندلس. وماذا بقي من ذكرى الأندلس غير شاهد في غرناطة وملمح في تستور التونسية وبقية حكاية يرويها الموريسكيون في رحلة هروب إلى ثنايا المغرب العربي؟
أغمض عينيك وعُد إلى نصف ألفيّة مرّت على الهزيمة واستمع إليه، وحده زياد غرسة قادر على السفر بك إلى هناك. كأنّه استخلص كلّ الجينات المتبقية من رحلة العودة، في صوته، هو شيخ المالوف ولم يبلغ سنّ الشباب بعد.
زياد غرسة وريث الغناء الأندلسي أباً عن جدّ، أتقن، مراهقا، كلّ صنوف العزف والغناء الأندلسي التونسي، لهوا وحبّا، وتجاوز، طفلا، ما كان والده الطاهر يعلّمه إيّاه. وحفظ إرث أجيال تداولت على صيانة هذا الموروث العظيم من الضياع وأتقن صياغته وأخرجه إلى الناس في زحمة التلوّث الصوتي.
مهمة تكاد تكون مستحيلة، لكنّه ينجح كلّ مرّة في جمع آلاف يأتون إليه خصّيصاً ويتبعونه من مدينة إلى أخرى ومن مسرح إلى آخر، ويتنصتون إليه في وَجَلٍ يكاد يكون خشوعاً، رغم أنْ لا إيقاع في البداية إلا أنّات تخرج من صوته، تراتيل اللوعة الأندلسية وأسباب الضياع، وخلاصتها: إفراط في عشق المعشوق، سيقول كثيرون إنّه سبب الهزيمة، وسيقول آخرون إنّه ما أبقى قصائد ابن زيدون حيّة بيننا.
هناك أسلوب في الغناء يُسمّى "الغرناطي"، يحفظه شيوخ المالوف إلى اليوم، في سلسلة الأطلس التي تمتدّ من تستور إلى فاس مرورا بقسنطينة. فإذا اجتمعوا تعود إلى قصر الحمراء روحه البعيدة وتقوم ثنايا المغرب العربي لتنشد تغريدة الموت الأخيرة.
لا مبالغة في القول إنّ زياد هذا من روح زياد ذاك، الذي فتح حدائقها للغناء أيضاً. غير أنّ التاريخ يلهو بالناس ولا يعبأ بالدموع والحسرة. وزياد أكثر من يتقن المالوف التونسي، بصوت استثنائي. بل هو لحظة من التاريخ لا أعرف إن كنّا نُقدّر فعلا أنّها بيننا. وقد احتفت به هذا العام قرطاج والحمامات ومهرجانات كثيرة أخرى في تونس والجزائر، ليبقى صوت الأندلس في مسامعنا إلى الأبد.
أغمض عينيك وعُد إلى نصف ألفيّة مرّت على الهزيمة واستمع إليه، وحده زياد غرسة قادر على السفر بك إلى هناك. كأنّه استخلص كلّ الجينات المتبقية من رحلة العودة، في صوته، هو شيخ المالوف ولم يبلغ سنّ الشباب بعد.
زياد غرسة وريث الغناء الأندلسي أباً عن جدّ، أتقن، مراهقا، كلّ صنوف العزف والغناء الأندلسي التونسي، لهوا وحبّا، وتجاوز، طفلا، ما كان والده الطاهر يعلّمه إيّاه. وحفظ إرث أجيال تداولت على صيانة هذا الموروث العظيم من الضياع وأتقن صياغته وأخرجه إلى الناس في زحمة التلوّث الصوتي.
مهمة تكاد تكون مستحيلة، لكنّه ينجح كلّ مرّة في جمع آلاف يأتون إليه خصّيصاً ويتبعونه من مدينة إلى أخرى ومن مسرح إلى آخر، ويتنصتون إليه في وَجَلٍ يكاد يكون خشوعاً، رغم أنْ لا إيقاع في البداية إلا أنّات تخرج من صوته، تراتيل اللوعة الأندلسية وأسباب الضياع، وخلاصتها: إفراط في عشق المعشوق، سيقول كثيرون إنّه سبب الهزيمة، وسيقول آخرون إنّه ما أبقى قصائد ابن زيدون حيّة بيننا.
هناك أسلوب في الغناء يُسمّى "الغرناطي"، يحفظه شيوخ المالوف إلى اليوم، في سلسلة الأطلس التي تمتدّ من تستور إلى فاس مرورا بقسنطينة. فإذا اجتمعوا تعود إلى قصر الحمراء روحه البعيدة وتقوم ثنايا المغرب العربي لتنشد تغريدة الموت الأخيرة.
لا مبالغة في القول إنّ زياد هذا من روح زياد ذاك، الذي فتح حدائقها للغناء أيضاً. غير أنّ التاريخ يلهو بالناس ولا يعبأ بالدموع والحسرة. وزياد أكثر من يتقن المالوف التونسي، بصوت استثنائي. بل هو لحظة من التاريخ لا أعرف إن كنّا نُقدّر فعلا أنّها بيننا. وقد احتفت به هذا العام قرطاج والحمامات ومهرجانات كثيرة أخرى في تونس والجزائر، ليبقى صوت الأندلس في مسامعنا إلى الأبد.