وقالت الصحيفة إنّ الفريق "يستحق الاهتمام"، واصفةً إياهم بـ"قطرة في المحيط، لكن ما يمثلونه هائل: المرونة والشجاعة في مواجهة الهمجية".
وحاولت الافتتاحية رسم صورة للواقع الخطير، بمستوياته السياسية والعسكرية والإنسانية، حيث تسقط قنبلة على مبنى فينهار بأكمله، مخلفة الدمار في أعقابها، فيندفع أصحاب "القبعات البيضاء" نحو الموقع بدلا من الملاجئ، بأيديهم العارية، باحثين عن شخص تحت الأنقاض، يحاولون سحب الناجين المصدومين والجرحى.
وبينت الصحيفة أن هؤلاء المنقذين، هم مجموعة من 3 آلاف متطوع. منهم الخياط أو النجار أو الطالب أو المهندس في زمن ما قبل الحرب، أما اليوم، فيكرسون أنفسهم لإنقاذ الأرواح، عند تلقي الطائرات المقاتلة والمروحيات ما في جعبتها من برميل متفجرة، وقنابل عنقودية وفوسفورية وقذائف الكلور، على الأحياء أو المستشفيات.
وأشارت إلى الواقع المأساوي في ظل دوامة الفظائع الدائرة بسورية، إذ يكاد من الصعب أن يلمح أي نشاط في البلاد فيه شيء من احترام للمبادئ الإنسانية الأساسية، أو حتى كرامة الإنسان. محملة نظام الأسد، مسؤولية العنف الذي يجري على الشعب السوري، وبمساعدة التدخل العسكري الروسي في سماء البلاد، وإباحة أرضها للقوات البرية الإيرانية.
Twitter Post
|
بالمقابل، لم تنس الصحيفة توجيه أصابع الاتهام إلى المجتمع الدولي، في ما آل إليه الوضع في سورية، من تلميحها إلى نمو الجماعات الجهادية، واحتلالها مواقع المعتدلين، لتقصيره (أي المجتمع الدولي) في تسليحهم وإمدادهم بالموارد، بينما تُرك المدنيون الذين باتوا هدف هذه الحرب، وحدهم وسط كل هذا.
"في هذا الواقع الخطير، مسدود الآفاق لاسيما بعد انهيار الدبلوماسية، وتبادل الاتهامات في الأمم المتحدة، وإخفاق وقف إطلاق النار، يواظب أصحاب "الخوذات البيضاء"، على تعريض حياتهم للموت لإنقاذ المدنيين، مقابل راتب شهري قدره 150 دولاراً للأعضاء. موت يكاد أن يكون محتوماً، إذ باتوا هم أيضاً هدفاً للطائرات، التي بعد أن تسقط ذخائرها، تعود لاستهدافهم"، قالت الصحيفة.
ورداً على تصريحات بشار الأسد خلال لقائه قبل أسابيع مع "أسوشييتد برس"، والتي استخف فيها من "القبعات البيضاء"، قالت "ذا غارديان": "لا ينبغي لأحد أن يشعر بالدهشة، لأن بشار الأسد شبه هؤلاء النشطاء الإنسانيين، بالإرهابيين، فهذا ما يطلقه على كل من يعارضه". مطالبة الغرب بدعمهم على أقل تقدير.
وأوضحت الافتتاحية أن "المتطوعين يعرفون جيّدا بأن سياسات القوة العظمى، جنبًا إلى جنب مع سياسة الأسد الوحشية، أوصلت سورية إلى الهاوية. وأن اتخاذ إجراءات حقيقية وسريعة ليس إلا وهماً، رغم المجازر التي اتسعت على نطاق لم يسبق له مثيل منذ عقود. لكنهم رغم ذلك مستمرون بأداء واجبهم الإنساني".
وأفردت الافتتاحية في أسطرها حيزاً لما تمثله "القبعات البيضاء"، والتي أظهرت أن الأعمال الفردية من الشجاعة، بحيث يمكن أن تقطع شوطا طويلا لمحاربة اللامبالاة. وأنها تجسيد لروح المقاومة المدنية، وللمثل العليا للسلمية خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011، وتجسيد للشجاعة والتضامن في مواجهة الإرهاب، الذي ترعاه الدولة.
وختمت الافتتاحية بإعادة توجيه الاتهام إلى المجتمع الدولي، "إذ فشل تماما مع السوريين، لفشله في حمايتهم من الفظائع الجماعية". مؤكدة أن "جائزة نوبل للسلام لا يمكن أن تمحو ذلك. ولكن بسبب رمزيتها فقد تمنح بعضاً من القوة"، ومطالبة بضرورة منحها لـ"الخوذات البيضاء" السورية.