تتخذ مناطق عديدة في دول الشمال أوروبي، سواء في سونن ببرلين أو نوربرو بكوبنهاغن أو روسينغوورد بمالمو وأوبسالا خارج استوكهولم، مظاهر عربية. لكن للصورة وجهاً آخر، إذا ما ارتبطت بحداثة الهجرة والظروف الخاصة بهذه الدول مقارنة ببريطانيا وأميركا.
ووفق ما ترصده تقارير رسمية في كوبنهاغن، ينخرط الذكور العرب في السوق الخاص بما يتناسب مع مؤهلاتهم، وتلحظ التقارير أن نسبة العرب، من أصحاب المؤهلات، تتجاوز في أحيان كثيرة نسبة الدنماركيين في افتتاح الأعمال الخاصة، على الرغم من وجود نسبة ما تزال تعيش على مساعدات البلديات للسنة العاشرة على التوالي.
في الوقت الراهن، تتجه نسبة أكبر من الشباب العربي في المهجر بالدول الإسكندنافية نحو الدراسة وتحصيل مؤهلات علمية، على عكس ما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات، إذ كانت قلة تواصل دراستها الجامعية. وتحفّز الدولة الأجيال الشابة بمنح مالية شهرية لكل طالب، مع تساهل في العمل إلى جانب الدراسة، على الرغم من مصاعب إيجاد أماكن تدريب.
ويظهر بوضوح أن جيل الشاب، وفقاً لدراسات 2017، اتجه منذ سنوات نحو التحصيل العلمي، خصوصاً في مجال الخدمات العامة في البلديات ودوائر الدولة، فيما نسبة كبيرة تتجه إلى تحصيل علمي عالٍ، كالطب وطب الأسنان والأشعة والهندسة وادارة الأعمال. وخلال الأعوام القليلة الماضية باتت كليات الأعمال المرموقة تجتذب جيل الشباب، الذي يمزج دراسته باللغات. ويقول الشاب "محمود" لـ"العربي الجديد" إنه اختار دراسة "الأعمال" لأنها "تؤهل للعمل في أي مكان في العالم، ثم إنها دراسة يحتاجها التطور الحاصل في هذا الاتجاه، محلياً وعالمياً".
وعلى الرغم من المعاناة مع مظاهر التمييز بسبب الاسم والدين، على الأقل بحسب ما تفيد به التقارير الحقوقية المختصة في كوبنهاغن، يصرّ كثيرون على متابعة دراستهم في شتى المجالات المرتبطة بحاجات سوق العمل المحلي والعالمي. فبالنسبة إلى الشابة "سميرة" فإنها تتابع دراسة "البزنس" "وتفكيري في أنه يمكنني العمل مستقبلاً بشهادتي في أية دولة أخرى، بما فيها العربية، إذا ما واجهت صعوبة بسبب التمييز بحقنا".
بحسب أرقام رسمية في كوبنهاغن، يصدرها "الإحصاء الوطني"، بناء على أرقام وزارتي العمل والدمج، فإن نسبة البطالة لا تقل عن 45 إلى 47 في المائة. وبالنسبة إلى نسبة النساء العاطلات عن العمل بينهم، فقد سجل عام 2015 أكثر من 60 في المائة، بما يفوق التركيات بـ20 في المائة، قبل أن يعاد تشديد القوانين لإجبارهن على الخروج إلى السوق. وبالمجمل فإنه وعلى الرغم من ارتفاع نسبة البطالة فإن هناك تحسناً كبيراً مقارنة بما كان عليه الوضع قبل نحو 10 سنوات.
تسجل الإحصاءات الرسمية الدنماركية أنه بعد نحو 3 سنوات من وصول اللاجئين السوريين، أي بعد انتهاء تدريس الدمج، التحق نحو 14 في المائة منهم بسوق العمل، وهي النسبة ذاتها لدى العراقيين والإيرانيين، فيما الأغلبية من الشباب السوريين اختاروا الدراسة التأهيلية، أو استكمال دراستهم للتأهل لأعمال تتطلب في معظمها وجود شهادة وإتقان لغة.