وكان آلاف المتظاهرين قد شاركوا في أغسطس عام 2013، باعتصامي "رابعة العدوية" بمدينة نصر و"النهضة" أمام جامعة القاهرة، رفضاً للانقلاب العسكري على حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، فيما قمع العسكر الاعتصامين بالقوة، مخلفاً آلاف القتلى والجرحى.
وبالتزامن مع الذكرى الثالثة لفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" تستكمل المحكمة العسكرية في محافظة أسيوط بصعيد مصر، اليوم الأحد، محاكمة 520 متهماً مدنياً باتهامات باطلة، منها اقتحام متحف، ومحكمة، واقتحام محكمة بني مزار، في محافظة المنيا أثناء فض الاعتصام، فضلاً عن اتهامات بالتحريض على العنف وإثارة الشغب، والدعوة إلى التظاهر ضد مؤسسات الدولة، والانضمام إلى جماعة محظورة.
ولا يزال القضاء محل انتقاد، لإصراره على معاملة المشاركين في الاعتصام باعتبارهم جناة تسببوا في من سقط من قتلى ومصابين، فضلاً عن الدمار والخراب من جراء تلك الأحداث التي جرت عام 2013.
وشهد عدد من المحافظات، خاصة في الفيوم والمنوفية والبحيرة، والشرقية وكفر الشيخ، اليوم، وقفات وتظاهرات احتجاجية عدة، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، ورفع المتظاهرون صور الرئيس مرسي وبعض صور الشهداء من مذبحتي رابعة العدوية والنهضة، التي تعد أبشع مذبحة عرفها تاريخ مصر الحديث، مطالبين بمحاكمة مرتكبي تلك المجزرة.
وعزم المشاركون على الاستمرار في التظاهرات خلال الأسبوع الجاري، والذي أطلقوا عليه أسبوع "رابعة قصة وطن"، ضمن موجة "ارحل"، الممتدة بدعوة من "التحالف الوطني لدعم الشرعية".
كما ندّد المعتصمون بجرائم الانقلاب وغلاء الأسعار وتفاقم المشكلات، والفشل الاقتصادي، وحالة الخراب التي تجتاح البلاد.
إدانات حقوقية
ودانت منظمات حقوق الإنسان الدولية بالتزامن مع تلك الذكرى، استمرار المحاكمات العسكرية والمدنية للكثير من المدنيين، محمّلة سلطات النظام المسؤولية الكاملة عما خلفته عملية فض الميدانين، والتي سقط فيها آلاف القتلى والمصابين.
وحذرت تلك المنظمات، من انتشار الأمراض الخطيرة بين المعتقلين السياسيين داخل السجون.
وطالبت تلك المنظمات، بأهمية احترام حق الاحتجاج السلمي وحرية التظاهر، معتبرةً أنّ استمرار هذا الوضع سوف ينجم عنه تحديات خطيرة وسيؤدي إلى انفجار شعبي كبير.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون وحقوقيون أنّ النظام يسعى إلى التنصل الكامل من مسؤولياته تجاه تلك الأحداث المُجرَّمة دولياً، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتحميله تبعات تلك الأحداث عبر كيل التهم لمعارضيه.
ولفتوا إلى أن النظام لديه عشرات الآلاف من المعتقلين والمطلوبين على خلفية معارضته، وهو بحاجة إلى تلفيق الكثير من التهم لهؤلاء الأشخاص، حتى يتسنى له التفاوض، إن طرح التفاوض في وقت ما.
من جهتها، اعتبرت مسؤولة الملف المصري في منظمة "هيومن رايتس مونيتور"، سلمى أشرف، أن القضاء المصري لم يعد حراً نزيهاً، ويستمد تعليماته من وزارة الداخلية، ويعتمد على تحريات الأمن في تهم لا أساس لها، معتبرةً أنّ أي حكم يصدر من قبل تلك المحاكم يعد باطلاً لعدم تحلي المحاكم بالاستقلالية الكاملة، أو بتوفيرها أقل المعايير الخاصة بالمحاكمة العادلة للمتهمين.
بدورها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، البرلمان المصري إلى إصدار قانون للعدالة الانتقالية ينص على تحقيق جديد ومحايد في ما سمته بـ"واقعة القتل الجماعي للمتظاهرين في 2013"، في إشارة إلى أحداث فضّ اعتصامي "رابعة والنهضة".
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن، "إذا كانت حكومة عبد الفتاح السيسي تأمل في أن تحظى بأي مصداقية أمام آلاف المصريين الذين عانوا على مدار السنوات الثلاث الماضية، فعليها ضمان المحاسبة الجادة على هذه الجرائم الخطيرة".
وأضافت ويتسن، في بيان "ما زالت واقعة القتل الجماعي عام 2013 بقعة سوداء في سجل مصر لا يمكن للمحاولات التي تبذلها الحكومة أو حلفاؤها التخلص منها".
ويُلزم الدستور المصري البرلمان بإصدار قانون العدالة الانتقالية أثناء دورة انعقاده الأولى، والتي يرجح أن تنتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.