16 نوفمبر 2024
محمد مرسي.. القتل عمْداً
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
جاءت الطريقة التي رحل بها أول رئيس مصري منتخب ديموقراطيا، محمد مرسي، كي تلخص وضع مصر الراهن تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتجاوزت، في معانيها، السياسة إلى الأخلاق، لتضع العالم أمام الصورة العارية والمباشرة لحكم السيسي الذي أخذ من مجزرة ميدان رابعة في أغسطس/ آب 2013 هوية له مكتوبة بالدم. وعلى الرغم من أن مرسي رحل، مصادفةً، وهو في قاعة المحكمة، فإن هذه المصادفة كانت أشد بلاغةً من القتل المباشر، ذلك أنها كشفت عن مقدار الكلبية في سلوك السيسي ونظام حكمه الذي منع عن رئيس سابق أبسط حقوقه، إنسانا وسجينا سياسيا بامتياز، مثل الطبابة والمحاكمة العادلة.
وعلى الرغم من أن عائلة مرسي ظلت تنبه الرأي العام إلى وضعه الصعب في السجن طوال ست سنوات، لم يتحرك العالم من أجل الضغط على السيسي، من أجل محاكمة مرسي وفق مقتضيات المحاكم السياسية، وليس الجنائية، وتوفير شروط ملائمة في السجن، تحترم وضعه المعنوي رئيس دولة منتخبا ديموقراطيا، وتمكّنه، على المستوى الصحي، من فحص طبي دوري. وفي ما يختص بالنقطة الأولى، رفضت سلطات السيسي منح مرسي حق المحاكمة السياسية، وكانت مداخلته الأخيرة أمام المحكمة التعبير الذي اختصر مرحلة ست سنوات أمضاها في السجن، وقال إنه تم منع العلاج عنه، وإنه يتعرّض للموت المتعمد من السلطات المصرية، وإن حالته تتدهور. وكشف أنه تعرّض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة، من دون علاج أو إسعاف. وتقاطعت عدة شهادات عن حرمان السلطات مرسي من الدواء الضروري لمرضَي السكري وضغط الدم ومرض الكبد، واحتجزته في زنزانة انفرادية مدة طويلة، وتجاهلت التحذيرات من خطورة غياب العناية الطبية، والتي قد تكون قاتلة.
ووضعت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومان رايتس ووتش، سارة لي ويتسون، المسألة في مصاف الجريمة، وصرّحت بأن هناك حالة قوية يمكن طرحها، وهي إهمال إجرامي، وتقصير متعمد في توفير الحقوق الأساسية لمرسي، واعتبرت أنه "تم استهدافه بسوء المعاملة". وكان ابنه عبد الله قد أخبر صحيفة نيويورك تايمز عام 2016 أن العائلة تخشى من تعرّض والده لحالة غيبوبة بسبب مرض السكري. وعلى خلاف السجناء في السجون المصرية، فقد حرم على مرسي تلقي طعام أو دواء من عائلته، كما قالت ويتسون. ويتبيّن من معاملة السلطات المصرية الاستثنائية للرئيس مرسي أن هناك إمعانا مقصودا في قتل الرجل ببطء. وبالإضافة إلى اعتقاله الانفرادي، فقد منع من مشاهدة الأخبار وتلقي الرسائل وأي وسيلة تواصل مع العالم الخارجي. ولم يسمح لعائلته وأبنائه بزيارته سوى ثلاث مرات منذ اعتقاله قبل ستة أعوام. وفي مارس/ آذار الماضي، راجعت لجنة من السياسيين والمحامين البريطانيين ظروف اعتقاله، وتوصلت إلى أن مرسي "لا يتلقى العناية الطبية أو مراقبة جيدة لمرضَي السكري والكبد اللذين يعاني منهما". وحذرت المجموعة من أن الفشل في التعامل مع وضعه قد يعرّض حياته للخطر.
كل هذه التفاصيل حول محاكمته التي لم تراع أي قانون، وظروفه الصحية الصعبة، كانت معروفة لدى القوى الدولية المؤثرة. ومع ذلك، لم يتمكّن أحد من الضغط على نظام السيسي من أجل تحسين شروط الاعتقال على الأقل، وخصوصا توفير الأدوية. ولا يوجد أي تفسير للعجز الدولي سوى المكانة التي يحظى بها السيسي في أوساط اللوبيات التي تدور في فلك إسرائيل، وعبّر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، مراتٍ عن الامتنان العميق للخدمات التي يقدّمها نظام السيسي لإسرائيل.
وفي الختام، جاء موت مرسي نتيجة قرار مسبق بالقتل من السيسي وحاشيته، والعزاء أن مرسي متهم بالتخابر مع حركة حماس من طرف من هو عميل معلن لإسرائيل.
وعلى الرغم من أن عائلة مرسي ظلت تنبه الرأي العام إلى وضعه الصعب في السجن طوال ست سنوات، لم يتحرك العالم من أجل الضغط على السيسي، من أجل محاكمة مرسي وفق مقتضيات المحاكم السياسية، وليس الجنائية، وتوفير شروط ملائمة في السجن، تحترم وضعه المعنوي رئيس دولة منتخبا ديموقراطيا، وتمكّنه، على المستوى الصحي، من فحص طبي دوري. وفي ما يختص بالنقطة الأولى، رفضت سلطات السيسي منح مرسي حق المحاكمة السياسية، وكانت مداخلته الأخيرة أمام المحكمة التعبير الذي اختصر مرحلة ست سنوات أمضاها في السجن، وقال إنه تم منع العلاج عنه، وإنه يتعرّض للموت المتعمد من السلطات المصرية، وإن حالته تتدهور. وكشف أنه تعرّض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة، من دون علاج أو إسعاف. وتقاطعت عدة شهادات عن حرمان السلطات مرسي من الدواء الضروري لمرضَي السكري وضغط الدم ومرض الكبد، واحتجزته في زنزانة انفرادية مدة طويلة، وتجاهلت التحذيرات من خطورة غياب العناية الطبية، والتي قد تكون قاتلة.
ووضعت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومان رايتس ووتش، سارة لي ويتسون، المسألة في مصاف الجريمة، وصرّحت بأن هناك حالة قوية يمكن طرحها، وهي إهمال إجرامي، وتقصير متعمد في توفير الحقوق الأساسية لمرسي، واعتبرت أنه "تم استهدافه بسوء المعاملة". وكان ابنه عبد الله قد أخبر صحيفة نيويورك تايمز عام 2016 أن العائلة تخشى من تعرّض والده لحالة غيبوبة بسبب مرض السكري. وعلى خلاف السجناء في السجون المصرية، فقد حرم على مرسي تلقي طعام أو دواء من عائلته، كما قالت ويتسون. ويتبيّن من معاملة السلطات المصرية الاستثنائية للرئيس مرسي أن هناك إمعانا مقصودا في قتل الرجل ببطء. وبالإضافة إلى اعتقاله الانفرادي، فقد منع من مشاهدة الأخبار وتلقي الرسائل وأي وسيلة تواصل مع العالم الخارجي. ولم يسمح لعائلته وأبنائه بزيارته سوى ثلاث مرات منذ اعتقاله قبل ستة أعوام. وفي مارس/ آذار الماضي، راجعت لجنة من السياسيين والمحامين البريطانيين ظروف اعتقاله، وتوصلت إلى أن مرسي "لا يتلقى العناية الطبية أو مراقبة جيدة لمرضَي السكري والكبد اللذين يعاني منهما". وحذرت المجموعة من أن الفشل في التعامل مع وضعه قد يعرّض حياته للخطر.
كل هذه التفاصيل حول محاكمته التي لم تراع أي قانون، وظروفه الصحية الصعبة، كانت معروفة لدى القوى الدولية المؤثرة. ومع ذلك، لم يتمكّن أحد من الضغط على نظام السيسي من أجل تحسين شروط الاعتقال على الأقل، وخصوصا توفير الأدوية. ولا يوجد أي تفسير للعجز الدولي سوى المكانة التي يحظى بها السيسي في أوساط اللوبيات التي تدور في فلك إسرائيل، وعبّر رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، مراتٍ عن الامتنان العميق للخدمات التي يقدّمها نظام السيسي لإسرائيل.
وفي الختام، جاء موت مرسي نتيجة قرار مسبق بالقتل من السيسي وحاشيته، والعزاء أن مرسي متهم بالتخابر مع حركة حماس من طرف من هو عميل معلن لإسرائيل.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2024
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024