حجب "العربي الجديد" في السعودية والإمارات
علمنا بقرار الحجب في السعودية من وسائل التواصل، ولم نتبلغ موقفاً رسمياً حتى اليوم يفسر لنا سبب المنع. ولذا، قمنا بمراجعة تغطياتنا وكتاباتنا الخاصة بالسعودية، عسى أن نهتدي إلى السبب الذي أدى إلى قرار الحجب، ولم نجد في ما نشرناه مبرّراً يدفع إلى قرار بهذه الحدّة، وبقي الأمر غامضاً بالنسبة إلينا، ولا يخرج عن حدود التخمينات. وزاد الغموض حينما سارت الإمارات على خطى السعودية، الأمر الذي يطرح أحد احتمالين: أن يكون هناك تنسيق في الموقف بين البلدين، أو أن أبوظبي وجدت قرار الحجب السعودي مناسبة لاتخاذ خطوة كانت مبيتة، وهذا هو المرجح.
ومن دون الدخول في أسباب كل من البلدين التي دفعتهما إلى حجب موقع العربي الجديد، يهمنا أن نؤكد على جملة من الثوابت التي تتعلق بخطنا التحريري ورؤيتنا المهنية، فحين نقول إننا لم نجد مبرراً للقرارين، فنحن نقصد ما يتناول البلدين بالإساءة أو السوء أو الخروج عن أخلاقيات المهنة التي تفرض الأمانة واحترام المعايير المتعارف عليها في هذا الميدان.
حرصنا، منذ بداية صدور "العربي الجديد"، على تقديم اقتراح مهني جديد، هدفه الأساسي الصراحة وإعطاء مساحة خاصة لتفاعل الآراء وحوارها. وضمن هذه الرؤية، يتم التعاطي مع كل الأخبار، بغض النظر عن الجهة أو الشخص، وليس هناك أي محظورات أو خطوط حمر في ما يتعلق بنشر أي خبر، طالما أنه مسند وصحيح، ولا يهدف إلى الإثارة أو التشويش. وسرنا على هذا المبدأ، لأننا على قناعة بأن العالم تغير اليوم، وباتت الأخبار في متناول الجميع، وللجميع الحق في الاطلاع عليها، وأن عدم نشرنا هذا الخبر أو ذاك لا يعني عدم نشره في وسيلة إعلام أخرى. ومن هنا، فإننا نولي الشفافية أهمية خاصة، وهي بمثابة عهد بيننا وبين القراء الذين رافقونا على طريق بناء هذه التجربة. ولعله من نافل القول إننا نعطي شأناً ما أهمية أكثر من شأن آخر، وعلى سبيل المثال، أبرزنا حالات جلد الناشطين وأحكام الإعدام والمنع من الكتابة في السعودية، نظراً لموقع حقوق الإنسان في صلب مشروعنا من جهة، ومن جهة ثانية، قناعتنا بأن من حق الرأي العام أن يتعرّف على تفاصيل هذه القضايا.
يعود بنا قرار حجب العربي الجديد إلى زمن الرقيب الذي ساد في أنظمة عربية وديكتاتوريات شمولية، كانت نتيجة حكمها كوارث كما هو عليه الحال في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر، وقد كان الأمل أن يتعلم بقية العرب درساً من التطورات التي عرفتها البلدان المذكورة، وأن يدفعها الوضع نحو الانفتاح السياسي والإعلامي، لأن نقيض ذلك هو الذهاب نحو التطرف والفوضى. هذا عدا عن أن ما يكسب الشعارات مصداقيتها هو امتحان الديموقراطية، فالإمارات، على سبيل المثال، لا تستطيع أن تقول إنها تعمل على بناء تجربة حديثة في المنطقة، ولديها منطقة حرة للإعلام، ثم تحجب موقعاً إلكترونياً، لأنه نشر خبراً معيناً عنها، أو انتقد هذا الموقف أو ذاك من مواقفها، كما أنه لا يستقيم دفاع السعودية عن دعم التغيير في اليمن وسورية، وهي تحظر موقعاً لأنه سلط الضوء على هذا الخطأ أو ذاك.
نأسف لحجب موقع العربي الجديد في السعودية والإمارات، حيث يتابعنا قطاع واسع من القراء، وندعو الرقيب إلى الاستقالة، لأن مهنته البالية لا تستطيع وقف رياح الزمن الجديد.