01 نوفمبر 2024
روسيا والقضم التدريجي
لا يبدو أن تمدد النفوذ الروسي عالمياً يقف عند حدود، فمن الواضح أن إدارة الرئيس فلاديمير بوتين عازمةٌ على سحب كل الملفات التي كانت الولايات المتحدة صاحبة نفوذ أساسي فيها، وسحب البساط من تحت الأقدام الأميركية، وخصوصاً في هذه المرحلة التي تبدو فيها واشنطن متخبطةً في مرحلةٍ انتقالية، من الواضح أنها صعبة، مع ما يرافقها من نزاعاتٍ داخليةٍ تؤشر إلى أن مستقبل الحياة السياسية في البلاد غير واضح الأفق.
اعتمدت الاستراتيجية الروسية في هذا المجال سياسة القضم التدريجي، مستفيدةً من التراجع والانكفاء الأميركيين في عهد الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، وهي سياسةٌ لا يبدو أنها ستتغير مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بل ربما ستزيد بفعل الانشغال الحالي بالصراعات الداخلية، واهتمام ترامب الأساسي بالملفات المحلية، الاقتصادية بالدرجة الأولى. كانت البداية الروسية من أوكرانيا، والتي لم تنفع المعارك ولا العقوبات الكثيرة في كبحها، بل زادت من التعنت الروسي مع ضم شبه جزيرة القرم، والانتقال لاحقاً إلى ساحات صراع أخرى.
كانت سورية المحطة الثانية التي سعت فيها موسكو إلى مزاحمة نفوذ الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، مستفيدةً أيضاً من حالة التخبط وعدم اليقين التي شابت سياسة الإدارة الأميركية في الملف السوري، في وقتٍ كانت أهداف موسكو فيه صريحةً وواضحة، وخياراتها صارمةً في دعم نظام بشار الأسد، وهي لم توفر وسيلةً لفعل ذلك، لا سياسية ولا عسكرية، ولا اقتصادية. وها هي موسكو اليوم تقطف ثمار هذه الاستراتيجية، إذ باتت اللاعب الأوحد على الساحة السورية، وأصبحت تستقطب المحسوبين على معسكر الثورة في اتفاقاتٍ تصب عملياً في صالح النظام، والإشارة هنا إلى الاتفاق الروسي التركي، والتحضيرات لمؤتمر أستانة برعاية روسية مباشرة، وبغياب الأمم المتحدة والولايات المتحدة، واللتين إنْ وجهت إليهما الدعوة للحضور، فإن وجودهما لن يكون أكثر من ضيوف شرف ضمن الديكور الذي تسعى موسكو إلى إضفائه على المؤتمر، خصوصاً وأن الولايات المتحدة فقدت تقريباً كل أوراقها على الأراضي السورية.
ومن الواضح أن موسكو، بعدما استتبّ لها الوضع السوري، ذاهبةٌ باتجاه ملفات أخرى. وها هي تنسج اليوم تدخلاً في ليبيا على المنوال السوري نفسه، عبر دعم خليفة حفتر في مواجهة خصومه في طبرق وطرابلس. السيناريو السوري نفسه في طريقه إلى التطبيق في ليبيا، وأيضاً في ظل تخبط وعدم يقين غربي بالنسبة للطرف الشرعي الذي يجب دعمه، فيما يبدو أن موسكو حاسمةٌ وجازمةٌ في خياراتها، وهي قرّرت الوقوف إلى جانب حفتر. لا يزال التدخل في أوله. لكن، من غير المستبعد أن تؤدي نتائجه إلى الأمور نفسها التي آلت إليها الأوضاع في سورية، عبر تمركز روسي على الأرض والجو، وسيطرة على القرار، وإدخال ليبيا ضمن أوراق اللعب الكثيرة التي باتت تمتلكها موسكو في المنطقة، ولاحقاً المساومة عليها.
وقبل أن يستفيق الغرب من خبر التمدد الروسي إلى ليبيا، خرج، أول من أمس، مؤشر إلى نوايا موسكو الإضافية، مع إعلان وزير الخارجية، سيرغي لافروف، عن استعداد بلاده لاستضافة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية. وقفز إلى ملف الانقسام الفلسطيني، كاشفاً عن "أن المجموعات الفلسطينية المختلفة ستلتقي في موسكو الأسبوع المقبل"، قائلاً "لا بد أن تلتقي تلك المجموعات، وتناقش خلافاتها وتتوصل إلى موقفٍ مشترك. في حال تمكّن الفلسطينيون من الوحدة، سيتمكنون من التفاوض مع إسرائيل بفعالية أكبر".
يأتي الدخول الروسي المفاجئ إلى الملف الفلسطيني بالتزامن مع التحضيرات لمؤتمر باريس، والذي تقاطعه إسرائيل، وهو ما ترى فيه موسكو أيضاً فرصةً لإضافة ملف آخر إلى سلتها في مواجهة الغرب، مستفيدةً من العلاقة الوطيدة مع إسرائيل، والخلاف المستجد بين الأخيرة والولايات المتحدة.
بالنظر إلى هذه النقاط السابقة، لا يبدو أن الطموح الروسي للعب دور عالمي سيقف عند حدود، وربما تكشف الأيام المقبلة مزيداً من النفوذ في مناطق جديدة، وسحب مزيدٍ من الملفات من يد الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً.
اعتمدت الاستراتيجية الروسية في هذا المجال سياسة القضم التدريجي، مستفيدةً من التراجع والانكفاء الأميركيين في عهد الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، وهي سياسةٌ لا يبدو أنها ستتغير مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بل ربما ستزيد بفعل الانشغال الحالي بالصراعات الداخلية، واهتمام ترامب الأساسي بالملفات المحلية، الاقتصادية بالدرجة الأولى. كانت البداية الروسية من أوكرانيا، والتي لم تنفع المعارك ولا العقوبات الكثيرة في كبحها، بل زادت من التعنت الروسي مع ضم شبه جزيرة القرم، والانتقال لاحقاً إلى ساحات صراع أخرى.
كانت سورية المحطة الثانية التي سعت فيها موسكو إلى مزاحمة نفوذ الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، مستفيدةً أيضاً من حالة التخبط وعدم اليقين التي شابت سياسة الإدارة الأميركية في الملف السوري، في وقتٍ كانت أهداف موسكو فيه صريحةً وواضحة، وخياراتها صارمةً في دعم نظام بشار الأسد، وهي لم توفر وسيلةً لفعل ذلك، لا سياسية ولا عسكرية، ولا اقتصادية. وها هي موسكو اليوم تقطف ثمار هذه الاستراتيجية، إذ باتت اللاعب الأوحد على الساحة السورية، وأصبحت تستقطب المحسوبين على معسكر الثورة في اتفاقاتٍ تصب عملياً في صالح النظام، والإشارة هنا إلى الاتفاق الروسي التركي، والتحضيرات لمؤتمر أستانة برعاية روسية مباشرة، وبغياب الأمم المتحدة والولايات المتحدة، واللتين إنْ وجهت إليهما الدعوة للحضور، فإن وجودهما لن يكون أكثر من ضيوف شرف ضمن الديكور الذي تسعى موسكو إلى إضفائه على المؤتمر، خصوصاً وأن الولايات المتحدة فقدت تقريباً كل أوراقها على الأراضي السورية.
ومن الواضح أن موسكو، بعدما استتبّ لها الوضع السوري، ذاهبةٌ باتجاه ملفات أخرى. وها هي تنسج اليوم تدخلاً في ليبيا على المنوال السوري نفسه، عبر دعم خليفة حفتر في مواجهة خصومه في طبرق وطرابلس. السيناريو السوري نفسه في طريقه إلى التطبيق في ليبيا، وأيضاً في ظل تخبط وعدم يقين غربي بالنسبة للطرف الشرعي الذي يجب دعمه، فيما يبدو أن موسكو حاسمةٌ وجازمةٌ في خياراتها، وهي قرّرت الوقوف إلى جانب حفتر. لا يزال التدخل في أوله. لكن، من غير المستبعد أن تؤدي نتائجه إلى الأمور نفسها التي آلت إليها الأوضاع في سورية، عبر تمركز روسي على الأرض والجو، وسيطرة على القرار، وإدخال ليبيا ضمن أوراق اللعب الكثيرة التي باتت تمتلكها موسكو في المنطقة، ولاحقاً المساومة عليها.
وقبل أن يستفيق الغرب من خبر التمدد الروسي إلى ليبيا، خرج، أول من أمس، مؤشر إلى نوايا موسكو الإضافية، مع إعلان وزير الخارجية، سيرغي لافروف، عن استعداد بلاده لاستضافة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية. وقفز إلى ملف الانقسام الفلسطيني، كاشفاً عن "أن المجموعات الفلسطينية المختلفة ستلتقي في موسكو الأسبوع المقبل"، قائلاً "لا بد أن تلتقي تلك المجموعات، وتناقش خلافاتها وتتوصل إلى موقفٍ مشترك. في حال تمكّن الفلسطينيون من الوحدة، سيتمكنون من التفاوض مع إسرائيل بفعالية أكبر".
يأتي الدخول الروسي المفاجئ إلى الملف الفلسطيني بالتزامن مع التحضيرات لمؤتمر باريس، والذي تقاطعه إسرائيل، وهو ما ترى فيه موسكو أيضاً فرصةً لإضافة ملف آخر إلى سلتها في مواجهة الغرب، مستفيدةً من العلاقة الوطيدة مع إسرائيل، والخلاف المستجد بين الأخيرة والولايات المتحدة.
بالنظر إلى هذه النقاط السابقة، لا يبدو أن الطموح الروسي للعب دور عالمي سيقف عند حدود، وربما تكشف الأيام المقبلة مزيداً من النفوذ في مناطق جديدة، وسحب مزيدٍ من الملفات من يد الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً.