08 نوفمبر 2024
ما بعد حرارة الاستقبال
سرقت حفاوة الاستقبال، التي حظي بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض، الأضواء من الملفات التي تم بحثها، والتصريحات التي تم إطلاقها، وإلى ما قد تؤدي في القريب العاجل أو البعيد المؤجل. ركّزت مجمل وسائل الإعلام على الطريقة التي لاقى بها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نظيره الفلسطيني، والتي ربما كانت مفاجئة للجميع، وخصوصاً بعد تكهناتٍ عن احتمال تلقي عباس معاملة مهينة نسبياً، قياساً على نماذج استقبالات ترامب السابقة عدداً من زعماء الدول الكبرى، وفي مقدمتهم مثلاً المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وما رافقها من أزمات وهفوات، وحتى إهانات.
غير أن وضع استقبال الرئيس الفلسطيني كان مختلفاً، وهو ما شد الانتباه في بداية اللقاء. وضع قد لا يكون مخصصاً لأبو مازن تحديداً، بل ربما مراجعة من البيت الأبيض لبروتوكولات الاستقبال التي سبق أن خرقها ترامب في مناسبات عدة، وكان لا بد من تصويبها. لكن، بغض النظر، فقد يكون عباس حظي بشرف تجربة هذا التصويب، والذي لا يبدو أنه سيخرج عن إطاره الشكلي، إذا ما تم الدخول في عمق التصريحات المتضاربة، والتي لا توحي بأن تغييراً مرتقباً قد يتم لصالح القضية الفلسطينية، بل ربما على العكس، وخصوصاً مع الطلبات الصريحة والواضحة التي قدمها الرئيس الأميركي إلى ضيفه، والتي بدأت بالظهور تباعاً بعد اللقاء.
فخلال المؤتمر الصحافي المشترك بين ترامب وأبو مازن، بدا واضحاً أن الاثنين يغرّدان في اتجاهين مختلفين، ففيما شدّد عباس على حل الدولتين، باعتباره الوسيلة الأنجح لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، تجنب الرئيس الأميركي الإشارة إلى هذا الحل، ولم يتطرق إلى "الدولة الفلسطينية"، في موقفٍ يذكّر بما كان قد قاله خلال اجتماعه مع بنيامين نتنياهو قبل نحو شهرين، حين بارك ما يتوصل إليه الطرفان، سواء دولتين أو دولة واحدة.
وعلى الرغم من إعلان ترامب استعداده للعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى حل، إلا أنه لم يشر إلى أي خطوة مرتقبة في إطار هذا الدور، فلا اجتماع محتملاً سيعقد قريباً لبحث استئناف العملية التفاوضية، ولا جولات مكوكية لأي من المبعوثين الأميركيين لجس نبض الطرفين حول احتمال العودة إلى طاولة المفاوضات، ولا تصوّراً واضحاً لأي خطوةٍ ممكنةٍ للتوصل إلى الحل الذي يرى ترامب أنه "لن يكون صعباً كما يعتقد بعضهم".
غير أن الجزئية الأخطر من اللقاء، وما تلاه، هو التعليقات الصريحة التي أدلى بها ترامب في ما يخص ما سمّاه التحريض، إذ طالب الفلسطينيين "بالتحدّث بصوت واحد ضد التحريض وخطاب الكراهية". الجملة العمومية أوضحها لاحقاً المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، في إيجاز صحافي، إذ قال إن ترامب "عبّر للرئيس الفلسطيني عن قلقه الشديد من حقيقة دفع السلطة الفلسطينية أموالاً ورواتب لعائلات الأسرى الفلسطينيين الذين دينوا بأعمال إرهابية". وشدّد على ضرورة حل هذه القضية. وأضاف أن ترامب تحدّث عن توقعه من الرئيس عباس أن يعمل بيد قوية ضد "الإرهابيين" ووقف التحريض.
وعلى الرغم من رد مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية، نبيل شعث، على هذه المطالبة، وقوله إن من "يطلب من السلطة الفلسطينية وقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين ورواتبهم مجرد مجنون"، إلا أن من الواضح أن زيارة عبّاس إلى واشنطن لم تمنحه أي امتيازات، بل وضعته تحت مزيد من الضغوط والرقابة، على اعتبار أن واشنطن قد تنظر إلى تنفيذ مثل هذه المطالبات بأنها علامة "حسن نوايا" من الجانب الفلسطيني، قبل الانخراط أكثر في "العملية السلمية".
على هذا الأساس، لم تكن حرارة الاستقبال أبداً مؤشراً على نياتٍ أميركية حسنة تجاه الفلسطينيين وقضيتهم، بل مجرّد واجهة لمزيد من الضغوط التي ليس من الواضح بعد كيف ستترجم.
فخلال المؤتمر الصحافي المشترك بين ترامب وأبو مازن، بدا واضحاً أن الاثنين يغرّدان في اتجاهين مختلفين، ففيما شدّد عباس على حل الدولتين، باعتباره الوسيلة الأنجح لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، تجنب الرئيس الأميركي الإشارة إلى هذا الحل، ولم يتطرق إلى "الدولة الفلسطينية"، في موقفٍ يذكّر بما كان قد قاله خلال اجتماعه مع بنيامين نتنياهو قبل نحو شهرين، حين بارك ما يتوصل إليه الطرفان، سواء دولتين أو دولة واحدة.
وعلى الرغم من إعلان ترامب استعداده للعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى حل، إلا أنه لم يشر إلى أي خطوة مرتقبة في إطار هذا الدور، فلا اجتماع محتملاً سيعقد قريباً لبحث استئناف العملية التفاوضية، ولا جولات مكوكية لأي من المبعوثين الأميركيين لجس نبض الطرفين حول احتمال العودة إلى طاولة المفاوضات، ولا تصوّراً واضحاً لأي خطوةٍ ممكنةٍ للتوصل إلى الحل الذي يرى ترامب أنه "لن يكون صعباً كما يعتقد بعضهم".
غير أن الجزئية الأخطر من اللقاء، وما تلاه، هو التعليقات الصريحة التي أدلى بها ترامب في ما يخص ما سمّاه التحريض، إذ طالب الفلسطينيين "بالتحدّث بصوت واحد ضد التحريض وخطاب الكراهية". الجملة العمومية أوضحها لاحقاً المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، في إيجاز صحافي، إذ قال إن ترامب "عبّر للرئيس الفلسطيني عن قلقه الشديد من حقيقة دفع السلطة الفلسطينية أموالاً ورواتب لعائلات الأسرى الفلسطينيين الذين دينوا بأعمال إرهابية". وشدّد على ضرورة حل هذه القضية. وأضاف أن ترامب تحدّث عن توقعه من الرئيس عباس أن يعمل بيد قوية ضد "الإرهابيين" ووقف التحريض.
وعلى الرغم من رد مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية، نبيل شعث، على هذه المطالبة، وقوله إن من "يطلب من السلطة الفلسطينية وقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين ورواتبهم مجرد مجنون"، إلا أن من الواضح أن زيارة عبّاس إلى واشنطن لم تمنحه أي امتيازات، بل وضعته تحت مزيد من الضغوط والرقابة، على اعتبار أن واشنطن قد تنظر إلى تنفيذ مثل هذه المطالبات بأنها علامة "حسن نوايا" من الجانب الفلسطيني، قبل الانخراط أكثر في "العملية السلمية".
على هذا الأساس، لم تكن حرارة الاستقبال أبداً مؤشراً على نياتٍ أميركية حسنة تجاه الفلسطينيين وقضيتهم، بل مجرّد واجهة لمزيد من الضغوط التي ليس من الواضح بعد كيف ستترجم.