09 نوفمبر 2024
نقاط نظام على "إنشائيات" الوزير ظريف
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
نشرنا في "العربي الجديد" مقال رأي لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بعنوان "نحو نموذج أمني جديد في المنطقة"، والذي يعرض فيه وجهة نظر بلاده حيال جملة التطورات التي تعرفها منطقة الخليج والشرق الأوسط، وسبل مواجهة المخاطر من خلال آليةٍ تقوم على "استحداث شبكة أمنية يساهم فيها جميع بلدان المنطقة".
من حق الوزير ظريف أن يرى مشكلات المنطقة من الزاوية التي يريدها، ولكن أن يختصرها ب "الإرهاب والأزمات البيئية وازدياد حالات الهجرة وسباق التسلح"، فذلك أمرٌ يبعث على الاستغراب من وزير خارجية دولةٍ تتحمل مسؤولية رئيسية عما عاشته المنطقة من حروب وأزمات وانهيارات متواصلة، بدأت بمسألة تصدير الثورة الإيرانية، ولن تتوقف، على ما يبدو، عند تدخل إيران اليوم في أربع بلدان عربية، العراق وسورية ولبنان واليمن، ذلك أن شهية إيران على الهيمنة في تزايد مستمر. وعلى الرغم من النتائج الكارثية، فإن طهران ماضية في مشروعها الطائفي في أكثر من بلد عربي.
لا يأتي مقال ظريف على ذكر الوضع في البلدان الأربعة التي تشكل التدخلات والأطماع الإيرانية فيها مركبا أساسيا في أزماتها. وليس من باب التجنّي الحكم بأن إيران هي المسؤول الأول عما آل إليه الوضع في سورية، بسبب وقوفها ضد ثورة الشعب السوري، ودعمها رئيس النظام بشار الأسد بكل ما تملك من إمكانات عسكرية وبشرية واقتصادية، وقد تحدث مسؤولون إيرانيون، أخيرا، عن صرف نحو 60 مليار دولار، من أجل الحفاظ على نظام الأسد. وإذا نظرنا إلى الصورة من جانبها الآخر، فإن هذا المبلغ تم استخدامه فعليا في تدمير جزء من سورية، وتهجير قرابة 15 مليون سوري خارج وطنهم. ولا يخفى على أحد أن أحد أغراض إيران في سورية هو التطهير الطائفي، وما يجري في الغوطة الشرقية من تهجير تقف وراءه إيران، وتشارك فيه روسيا، والأهم في هذه المعادلة أن الغالبية العظمى من السوريين ترى في إيران قوة احتلال.
تطرّق الوزير في مقاله إلى "الهزائم النكراء التي مني تنظيم داعش في العام الأخير"، ولم يقترب من الحقيقة، بل اكتفى بجملة إنشائية يفتتح بها مقاله، ليقفز فوق المسؤولية عن خلق "داعش" والحرب عليها، المترتبة على دعم الاستبداد والطائفية السياسية التي تغلغلت إلى أنظمة الحكم التي تدعمها إيران. والحقيقة أن إيران على استعداد أن تدعم الإرهاب، حين يكون في مصلحتها، وأن تطلب قبولها في نادي "مكافحة الإرهاب" في الغرب، حين يكون ذلك في مصلحتها.
أما ما يتعلق بدور إيران في هزيمة "داعش"، فهو محدود جدا من خلال فصائل الحشد الشعبي في العراق ليس أكثر، ومن هزم هذا التنظيم الإرهابي فعليا هو الجيش العراقي، بإسناد من الولايات المتحدة، بينما كانت إيران وروسيا تتفرجان، ولم توجها طلقة واحدة إلى "داعش" في المناطق التي تسيطران عليها في سورية حتى اليوم.
يتحدث ظريف عن "أوهام شراء الأمن، أو توريده من خارج المنطقة"، وهو يريد تقديم بلاده هنا كأنها حمامة سلام، ويعفيها من تهديد أمن المنطقة فعليا من خلال امتلاكها ترسانة سلاح هائلة، ليست كلها محلية الصنع، بل هي من صنع روسيا وكوريا، هذا عدا عن سلاحها في اليمن وسورية ولبنان والعراق، الذي أدى إلى تغيير المعادلات الداخلية في هذه البلدان، وفتح المجال أمام حروبٍ طائفيةٍ، تظل طهران المستفيد الوحيد منها.
يحفل مقال الوزير ظريف بإنشاء كثير. وحتى حين يدعو إلى الحوار بين دول المنطقة، فإنه يحصره بتبادل المعلومات، في حين تنتظر المنطقة من إيران حوارا على أساس احترام سيادة شعوب ودول الجوار.
من حق الوزير ظريف أن يرى مشكلات المنطقة من الزاوية التي يريدها، ولكن أن يختصرها ب "الإرهاب والأزمات البيئية وازدياد حالات الهجرة وسباق التسلح"، فذلك أمرٌ يبعث على الاستغراب من وزير خارجية دولةٍ تتحمل مسؤولية رئيسية عما عاشته المنطقة من حروب وأزمات وانهيارات متواصلة، بدأت بمسألة تصدير الثورة الإيرانية، ولن تتوقف، على ما يبدو، عند تدخل إيران اليوم في أربع بلدان عربية، العراق وسورية ولبنان واليمن، ذلك أن شهية إيران على الهيمنة في تزايد مستمر. وعلى الرغم من النتائج الكارثية، فإن طهران ماضية في مشروعها الطائفي في أكثر من بلد عربي.
لا يأتي مقال ظريف على ذكر الوضع في البلدان الأربعة التي تشكل التدخلات والأطماع الإيرانية فيها مركبا أساسيا في أزماتها. وليس من باب التجنّي الحكم بأن إيران هي المسؤول الأول عما آل إليه الوضع في سورية، بسبب وقوفها ضد ثورة الشعب السوري، ودعمها رئيس النظام بشار الأسد بكل ما تملك من إمكانات عسكرية وبشرية واقتصادية، وقد تحدث مسؤولون إيرانيون، أخيرا، عن صرف نحو 60 مليار دولار، من أجل الحفاظ على نظام الأسد. وإذا نظرنا إلى الصورة من جانبها الآخر، فإن هذا المبلغ تم استخدامه فعليا في تدمير جزء من سورية، وتهجير قرابة 15 مليون سوري خارج وطنهم. ولا يخفى على أحد أن أحد أغراض إيران في سورية هو التطهير الطائفي، وما يجري في الغوطة الشرقية من تهجير تقف وراءه إيران، وتشارك فيه روسيا، والأهم في هذه المعادلة أن الغالبية العظمى من السوريين ترى في إيران قوة احتلال.
تطرّق الوزير في مقاله إلى "الهزائم النكراء التي مني تنظيم داعش في العام الأخير"، ولم يقترب من الحقيقة، بل اكتفى بجملة إنشائية يفتتح بها مقاله، ليقفز فوق المسؤولية عن خلق "داعش" والحرب عليها، المترتبة على دعم الاستبداد والطائفية السياسية التي تغلغلت إلى أنظمة الحكم التي تدعمها إيران. والحقيقة أن إيران على استعداد أن تدعم الإرهاب، حين يكون في مصلحتها، وأن تطلب قبولها في نادي "مكافحة الإرهاب" في الغرب، حين يكون ذلك في مصلحتها.
أما ما يتعلق بدور إيران في هزيمة "داعش"، فهو محدود جدا من خلال فصائل الحشد الشعبي في العراق ليس أكثر، ومن هزم هذا التنظيم الإرهابي فعليا هو الجيش العراقي، بإسناد من الولايات المتحدة، بينما كانت إيران وروسيا تتفرجان، ولم توجها طلقة واحدة إلى "داعش" في المناطق التي تسيطران عليها في سورية حتى اليوم.
يتحدث ظريف عن "أوهام شراء الأمن، أو توريده من خارج المنطقة"، وهو يريد تقديم بلاده هنا كأنها حمامة سلام، ويعفيها من تهديد أمن المنطقة فعليا من خلال امتلاكها ترسانة سلاح هائلة، ليست كلها محلية الصنع، بل هي من صنع روسيا وكوريا، هذا عدا عن سلاحها في اليمن وسورية ولبنان والعراق، الذي أدى إلى تغيير المعادلات الداخلية في هذه البلدان، وفتح المجال أمام حروبٍ طائفيةٍ، تظل طهران المستفيد الوحيد منها.
يحفل مقال الوزير ظريف بإنشاء كثير. وحتى حين يدعو إلى الحوار بين دول المنطقة، فإنه يحصره بتبادل المعلومات، في حين تنتظر المنطقة من إيران حوارا على أساس احترام سيادة شعوب ودول الجوار.
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024