في الوقت الذي لم تتمكن فيه الحكومة العراقية من تطبيق اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار (100 كيلومتر غربي نينوى إلى الشمال من العراق)، والذي أبرمته مع الجانب الكردي في أربيل، بسبب رفض الفصائل المسلَّحة المتواجدة في البلدة له، وضعت تلك الفصائل أخيراً شروطاً للقبول بتنفيذ الاتفاق، محاولةً الحفاظ على مصالحها ومكتسباتها في البلدة في حال خروجها منها.
ويقضي الاتفاق الذي أُبرم في التاسع من الشهر الماضي بتطبيع الأوضاع في البلدة المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد، وإخراج عناصر حزب "العمال" الكردستاني وفصائل "الحشد الشعبي" منها، لأجل إعادة النازحين.
ولم يستطع الجيش العراقي البدء بتطبيق الاتفاق، على الرغم من الأوامر التي صدرت له بهذا الصدد، تجنبناً للاشتباك مع الفصائل المسيطرة على البلدة، الأمر الذي دفع باتجاه الحوار معها، من أجل التوصل الى تفاهمات بشأن تطبيق الاتفاق.
ووفقاً لمسؤول حكومي رفيع، فإن "المخاوف من الصدام مع الفصائل المسلَّحة في سنجار، حالت دون تنفيذ الجيش للتوجيهات التي صدرت أخيراً بتطبيق الاتفاق، وقد تدخلت قيادات سياسية ممثلة عن الفصائل المتواجدة في البلدة، في حوار مع الحكومة بشأن ذلك"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الفصائل وضعت شروطاً لتنفيذ الاتفاق، منها عدم دخول قوات البشمركة الى البلدة، وأن تحتفظ الفصائل بمقار ومكاتب لها داخل البلدة، من دون وجود عسكري لها، وألا يكون المسؤول الإداري عن البلدة من القومية الكردية".
وأكد أن "تلك الفصائل تريد أن تحتفظ بمصالحها في البلدة من خلال الإبقاء على مكاتب ومقار غير عسكرية لها، سيما وأنها سيطرت خلال الفترة السابقة على موارد البلدة، وحققت مكاسب مالية كبيرة فيها"، مشيراً إلى أن "الحكومة لم تتخذ بعد قراراً بشأن تلك الشروط".
ورجح "التفاوض حول تلك الشروط، سيما وأن الحكومة لا تريد الصدام مع أي جهة في البلدة، وأنها إذا ما أخرجت الفصائل، سيضعف نفوذ عناصر حزب العمال في البلدة، الأمر الذي يسهّل على الحكومة إخراج تلك العناصر".
وأكد عضو تحالف "سائرون" النائب محمد رضا آل حيدر، بدوره لـ"العربي الجديد"، وجود جهات سياسية في بغداد لم تطلع على الاتفاق مثل تحالف "الفتح"، وتحالف "سائرون"، لكنها لم ترفضه.
وتابع: نحن مع التهدئة وعودة أهالي سنجار، وأن يكون القائمقام فيها من أهالي البلدة حصراً، وأن تدخل البلدة القوات الاتحادية والمحلية فقط، والتي تتشكل حصراً في سنجار، وألا تكون هناك قوات من خارج سنجار (في إشارة إلى البشمركة)".
وأشار الى أن "الحكومة قد تلجأ إلى طرد القوات غير العراقية (عناصر حزب العمال الكردستاني) من سنجار، لكنّ طرد هذه القوى صعب جداً، لأن البلدة معقل رئيس لها، وقد بنت قواعد لها فيها".
في المقابل، حذر تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، من محاولة فرض الاتفاق بالقوة على أهالي البلدة، محذراً من ردّة فعل شعبية في البلدة.
وقال النائب عن التحالف قصي عباس الشبكي، إن "أهالي البلد يتخوفون من تكرار سيناريو هجوم "داعش" على بلدتهم، ولذلك رفضوا تطبيق الاتفاق"، محذراً في تصريح صحافي، من "عودة البشمركة إلى البلدة، وأن أي خطوة بهذا الاتجاه، ستُقابَل برد شعبي كبير".
وجدّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أخيراً تأكيده حلّ ملف مدينة سنجار خلال اجتماع مع وفد كردي من إقليم كردستان، مبيناً أن حكومته حريصة على خلو قضاء سنجار من الجماعات المسلَّحة المحلية أو الوافدة من الخارج، في إشارة إلى مسلحي حزب "العمال" الكردستاني.